عواصم وكالات كشفت صحيفة «ديلي تليغراف» الصادرة في لندن أمس نقلا عن مصادر في الاستخبارات العسكرية البريطانية أن قوات العقيد معمر القذافي سممت آبار المياه في مصراتة، في اطار تكتيكات الترويع الجماعي التي تبنتها لإجبار قوات المعارضة الليبية على الاستسلام. وقالت الصحيفة نقلاً عن المصادر إن قوات القذافي ذهبت إلى أقصى حد لمهاجمة المدنيين بعد تعرض دبابات ومدفعيات جيشها النظامي لخسائر كبيرة جراء الهجمات الجوية لطائرات منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). واضافت أن قوات القذافي سممت آبار المياه في جبل مصطفى، وهو منطقة جبلية تزود بالمياه معقل قوات المعارضة في مدينة نالوت، فيما تخلى جنود الجيش النظامي إلى حد كبير عن زيهم العسكري لصالح الملابس المدنية في تكتيك جديد لاعطائهم القدرة على التمويه بشكل أفضل في محاولة لاختراق المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة. ونسبت إلى مصدر في الاستخبارات العسكرية البريطانية قوله «إن جنود الجيش النظامي الليبي يسعون إلى جعل أنفسهم غير مميزين عن السكان المدنيين ومقاتلي المعارضة على حد سواء، ردا على منعهم من قبل قوات التحالف من مهاجمة السكان المدنيين». وكشفت الصحيفة أيضا أن قوات القذافي تتعمد ارتداء الأقنعة الواقية من الغاز على خط الجبهة باعتباره شكلا من أشكل الحرب النفسية لتخويف السكان المحليين وخاصة في مدينة مصراتة المحاصرة.
تواصل قصف مصراتة
ويأتي كشف هذه المعلومات في الوقت الذي يبدو فيه الوضع مسدودا في ليبيا مع قصف متواصل لمصراتة ثالث اكبر مدن البلاد من قبل قوات القذافي، حيث أفاد مراسلون صحافيون بأن 20 قذيفة ضربت أمس مخيم لاجئين قرب ميناء مصراتة ما ادى الى مقتل خمسة نيجيريين (ثلاثة أطفال وامرأتين). ومع ذلك، تمكنت سفينة محملة بمساعدات انسانية استأجرتها المنظمة الدولية للهجرة من الرسو أول أمس في مرفأ مصراته لافراغ حمولتها. وبعد الانتهاء من افراغ الحمولة، صعد نحو 1300 لاجئ خصوصا من الافارقة ولكن ايضا مئات الليبيين بينهم 40 جريحا الى السفينة التي اقلتهم الى بنغازي (شرقا). في الأثناء، قال متحدث باسم المعارضة الليبية لوكالة الأنباء «رويترز» ان غارات جوية قام بها حلف شمال الاطلسي دمرت طائرتي هليكوبتر على الاقل قرب بلدة الزنتان بينما كانت القوات الحكومية تنقلهما على شاحنات. وقال المتحدث الذي يدعى عبد الرحمان «دمر حلف شمال الاطلسي طائرتي هليكوبتر أو ثلاث على متن شاحنات كبيرة اليوم... قال لي شهود انهم رأوا دخانا يتصاعد من المنطقة.. هذا النوع من الشاحنات يستخدم عادة في حمل الدبابات».
في خضم هذه التطورات، دعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمس إلى تكثيف العمل العسكري ضد العقيد معمر القذافي بالتوازي مع زيادة الضغوط الاقتصادية عليه. وقال هيغ للصحفيين على هامش اجتماع في روما للتحالف الدولي ضد القذافي «يجب مواصلة زيادة وتيرة العمل العسكري وقد تزايدت في الايام القليلة الماضية». لكنه شدد على ان هذا العمل يجب الا يشمل تسليح المعارضة. وأضاف عقب الاجتماع «اتفقنا على أن نبحث معا كيفية زيادة الضغوط الاقتصادية على نظام القذافي لمنعه من تصدير النفط الخام اواستيراد منتجات التكرير».
«خطة سلام» تركية
في غضون ذلك، كشف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس أن خطة لوقف اطلاق النار في ليبيا اقترحتها انقرة تشمل فترة تنفيذ مدتها سبعة ايام قبل ان تبدأ مرحلة انتقال سياسي. وأشار للصحفيين إلى أن «تركيا تعمل على اعداد خارطة طريق بالتشاور مع حلفائنا والاطراف في ليبيا». وأوضح: «ما نعنيه هو وقف اطلاق النار بالكامل وسحب كل الجيوش من المدن ودخول (الامدادات) الانسانية بالكامل.. ما نراه هو أن كل هذه الاهداف يجب ان تتحقق (في غضون سبعة أيام). لتنفيذ وقف اطلاق نار حقيقي يجب ان نضع هذه الآليات في مكانها».