توظيف الحقوق لا يكون عادة إلا من قبل الانتهازيين مراجعة هيكلية وجذرية لقطاع الإعلام تونس - الصّباح: انتظمت صباح أمس بالعاصمة ندوة علمية حول حقوق الإنسان وسيادة الدول. وتأتي هذه الندوة في إطار الاحتفال بالذكرى 61للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وانتظمت الندوة بالتعاون بين الجمعية التونسية ومحامون بلا حدود والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وبحضور كل من السيد بشير خلف اللّه عضو اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والسيد منصف خماخم المنسق العام لحقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان. وافتتحت الندوة أشغالها بالتأكيد على أن حقوق الإنسان تبدأ باعتراف الدولة بالمواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان وبما يشكله مبادئه وقيمه من أهمية في سياساتها وتشريعاتها وبرامجها وهذا الاعتراف النابع من الاحترام يمثل تكريسا للسيادة الوطنية وعلامة من علاماتها. واعتبر أن الدولة التي تمتلك أجهزة القوة والردع تلتزم من تلقاء نفسها بمبادئ وقواعد حقوق الإنسان واتباع سياسة واضحة في هذا المجال تكون فيها وسائل الردع في خدمة حقوق الإنسان لا ضدها. ومع انطلاق الندوة تم التأكيد على أن تونس اختارت عن قناعة اتباع هذه السياسة وتجلى ذلك من خلال ثلاثة مظاهر أولها الالتزام باحترام حقوق الإنسان في الخطاب الرسمي للدولة والثاني الالتزام باحترام حقوق الإنسان في أعلى وثيقة رسمية للدولة (الدستور) وأما الثالث فهو الالتزام باحترام معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها الدولة. وجاءت الندوة لتبين أن من أخطر ما يمكن أن يستهدف منظومة حقوق الإنسان هو التوظيف والتسييس والاستغلال وقلب الحقائق والمعاملة بمكيالين. كما تم التأكيد على دور الإعلام في دفع مسار التنمية الديمقراطية والاجتماعية والثقافية والمعرفية بما أنه يمثل محركا أساسيا ودافعا لكل فعل ومبادرة ومشروع. الالتزام بحقوق الإنسان تكريس للسيادة الوطنية اعتبر السيد رضا خماخم في مداخلته الملقاة أمام الصحافيين والمحامين المجتمعين في الندوة العلمية أن المتتبع للشأن الوطني في بلادنا لا يحتاج لكثير من العناء لادراك ما تمثله حقوق الإنسان في تونس من منزلة في فكر أعلى هرم في السلطة. وقال المنسق العام لحقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان «منذ التحول جعل الرئيس زين العابدين بن علي حقوق الإنسان أهم ركائز المجتمع التونسي وهدفا من أهدافه السامية التي تندرج في إطار مقاربة شمولية لا تستثني أية فئة اجتماعية ولا تفاضل بين الحقوق بتقديم صنف منها على آخر». وأكد المتدخل أن هذا الاحترام في الخطاب الرسمي للدولة «بعد تحول السابع من نوفمبر» انعكس لاحقا وبوضوح على أحكام الدستور بوصفه أعلى وثيقة رسمية في البلاد. آليات حماية حقوق الإنسان في تونس قسم السيد منصف خماخم آلية حماية حقوق الإنسان في بلادنا إلى صنفين: ولها آلية الحماية القضائية والتي تشمل القضائين العدلي والاداري وقد تعززت آليات ادارة القضاء بالعديد من المؤسسات الجديدة مثل المرشد القضائي وخلية العمل الاجتماعي والشباك المستمر. وثانيها آلية حماية غير قضائية وتشمل كل من مجلسي النواب والمستشارين والمجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والموفق الاداري والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية.. توظيف الحقوق مدخل لاستهداف السيادة «ان من أخطر ما يمكن أن تستهدف به منظومة حقوق الإنسان هو التوظيف والتسييس والاستغلال وقلب الحقائق ففي حالات كهذه تنقلب حقوق الإنسان من مبادئ وقيم الى ذرائع وتعلات ومآرب شتى».. هكذا استهل السيد منصف خماخم مداخلته حول التوظيف السياسي لحقوق الإنسان. معتبرا في هذا الشأن أن مظاهر التسييس والانتقائية لمبادئ حقوق الإنسان لا تدخل تحت الحصر فالتوظيف حسب رأي الخبير «يمارس من قبل الدول الموصوفة بالديمقراطيات العريقة ومن الدول النامية والفقيرة»، مستغلين في ذلك عناصر ذات توجهات متطرفة أو مجموعات انتهازية أو أجهزة مخابراتية. أي دور للإعلام في ضمان السيادة الوطنية والحقوق الإنسانية؟ في معرض حديثه عن حقوق الإنسان تساءل رئيس نقابة الصحافيين التونسيين الزميل جمال الكرماوي عن دور الاعلام في ضمان السيادة الوطنية قال الكرماوي «ان الاعلام الجيد بمثابة الحصن من كل الانزلاقات والانحرافات والحاشد للطاقات في التحديات الكبرى» معتبرا أنه «ليس هناك اعلام حر في المطلق بل هناك اخلاقيات المهنة واحترام القانون فنحن نعيش في عصر السماوات المفتوحة والصراع محتد فوق رؤوسنا من أجل اكتساح أكبر مساحة من الاهتمام». ودعا الكرماوي إلى «مراجعة هيكلية جذرية لقطاع الاعلام على أسس متينة تضمن نجاعته وتمهد السبل للارتقاء بمكانة الصحفي ماديا ومعنويا». مؤكدا على «ضرورة اتاحة المعلومة والخبر لأن بحجبها يمتلئ الفضاء إشاعة ومزايدات رخيصة من طرف المتربصين».