تونس الصباح: يبدو ان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، مقبلة على مرحلة تسوية لملفها المتراكم منذ نحو ثماني سنوات، في ضوء بعض المساعي والمبادرات التي يقوم بها عدد من الرابطيين منذ فترة غير بعيدة، تؤشر حسب بعض المقربين من هذه المنظمة العريقة، لحلّ في الافق ينهي ما اصطلح عليه ب«ازمة» ما انفكت عناصرها تتفاقم على امتداد السنوات الماضية. وكان الاجتماع الدراسي الذي نظمته الرابطة قبل بضعة اسابيع، المنطلق الرئيسي لعملية التسوية المرتقبة.. فقد تمخض هذا الاجتماع عن مقترح تقدم به السيد محمد قوماني، عضو الهيئة المديرة للرابطة، يدعو الى توافق مختلف الرابطيين على لجنة محكمة، تضم شخصيات يكون حولها وفاق من جميع الاطراف، تعهد اليها مهمة ادارة حوار بين الفرقاء في الرابطة، على ان يكون هدف الحوار الانتهاء الى عقد المؤتمر السادس للمنظمة الذي تعطلت بشأنه جميع لغات الحوار خلال الفترة السابقة، بما جعل الرابطة تفشل في عقده في مناسبتين سنتي 2005 و2006. مشاورات واسعة وقال قوماتي في تصريح ل«الصباح» انه تجري حاليا جملة من الاتصالات والمشاورات مع اطراف عديدة، معنية بملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان سواء من الرابطيين الحاليين او من الشخصيات الرابطية القديمة وغيرها. واوضح قوماني «ان المشاورات تهدف الى بلورة المقترح، باتجاه وضع سقف يكون مقبولا من جميع الفاعلين، وخاصة من قبل المختلفين». وحول ما اذا كانت هذه اللجنة نسخة من اللجان السابقة، والتي لم تنجح في مهمتها، اشار قومان الى ان «اللجنة المحكمة» التي اقترحها «ستكون ممثلة لجميع الاطراف، وتحظى بالقبول لدى مختلف الحساسيات» الى جانب «قوة شخصيتها وحسن ادارتها للحوار وتوفرها على قدر من الحياد، الذي بوسعه ان يجعلها على مسافة من مختلف الفرقاء».. وكانت الرابطة دخلت نفق الازمة بسبب قرار دمج بعض الفروع بذريعة الضغط على المصاريف وتفعيل انشطة الفروع التي ظلت لفترة طويلة من دون انشطة او فعاليات، وفق وجهة نظر قسم من قيادة الرابطة.. غير ان هذا القرار اثار ردود فعل مختلفة داخل الرابطة كان ابرزها رفع ثلة من الرابطيين دعوى قضائية لابطال نتائج المؤتمر والقرارات الصادرة عنه، وهي الدعوى التي ادخلت المنظمة في دوامة من الصراعات والمماحكات لم تنته الى الآن، وسط تجاذب كبير بين قسم رابطي رفض قرار الدمج واسلوب القيادة الحالية في ادارة المنظمة وقسم ثان وجه انتقادات لكيفية ادارة القيادة للازمة على الرغم من عدم اعتراضه على قرار الدمج واستحقاقاته التنظيمية والمالية. مشكلات قائمة ووفق عديد المراقبين، فان الرابطة عانت خلال السنوات الثماني الماضية من عدة مشكلات اهمها: * فشل المنظمة في توفير مناخ لحوار داخلي، سواء فيما بين مكونات الهيئة المديرة او في علاقة هذه الاخيرة بالفروع، الامر الذي ساهم في خلق درجة من الجدية في المواقف احيانا، وبعض التشنج احيانا اخرى، كان من نتيجتها ازمة في العلاقات بين بعض الاعضاء، وهو مستوى من الخلاف غير هيّن. * ان المنظمة خلقت لنفسها شبه عزلة محلية، خصوصا في علاقتها بالسلطة التي يفترض ان تكون للرابطة «شعرة معاوية» في علاقتها بالحكومة، وهو ما ساهم في تعميق الشرخ بين المنظمة والفاعلين في الرابطة.. * عدم استثمار قسم من القيادة الحالية للرابطة، الفرصة التي اتيحت لها من قبل الهيئة العليا لحقوق الانسان لتسوية الملف، ما زاد في تعكر مناخ العلاقات.. * بالاضافة الى كل ذلك، لم تتمكن الرابطة من اصدار تقارير عن حقوق الانسان وعن حرية الصحافة منذ عدة سنوات، ولم تسعى لحلحلة بعض الملفات الحقوقية المطروحة في البلاد، واقتصر نشاطها في المقابل على اصدار بيانات مكثفة في اوضاع وحالات مختلفة. والحقيقة ان الرابطة، لا تتحمل بمفردها عبء الازمة التي تردت فيها فجميع الاطراف السياسية في البلاد كان لها دور بشكل متفاوت في الوصول الى الوضع الراهن. ويرى مراقبون، ان الظرفية الراهنة، حيث تستعد البلاد لاستحقاقات انتخابية، تعد ملائمة لطي صفحة هذه الازمة، عبر توفير مناخ من الحوار واجواء من الثقة، بامكانها ان تؤدي الى عقد المؤتمر السادس للرابطة، وغلق هذا الملف قبيل الانتخابات المقررة في اكتوبر القادم، طالما ان الجميع، سلطة ومعارضة ومجتمع مدني ونخب ورابطيين، مقتنعون بان الرابطة مكسب وطني لا مجال للتفريط فيه او الابقاء على وضعها الراهن. فهل يكون مقترح القوماني، الداعي الى تشكيل «لجنة محكمة» تدير حوارا داخليا ينتهي الى عقد المؤتمر السادس، الصيغة / المخرج من هذه الازمة؟