تونس تقتني 300 ألف جرعة من التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    ترامب يطلق عملته الرسمية الفضية    مباراة ودية: التعادل السلبي يحسم مباراة الملعب الافريقي بمنزل بورقيبة والمستقبل الرياضي بالمرسى    البنك المركزي: العائدات السياحية تزيد بنسبة 7،2 بالمائة الى غاية 10 سبتمبر 2024    الليلة: ''برود يعمل الكيف''    فوائد لقاح ''القريب''    النادي الصفاقسي في مواجهة حاسمة أمام روكينزو البوروندي: تعرّف على التشكيلة الأساسية    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    بطولة المانيا: بايرن مونيخ يكتسح بريمن بخماسية نظيفة    تعديل القانون الانتخابي يشكل مسا بمؤسسات الدولة و تجاوزا للقضاء الإداري (حملتا زمال والمغزاوي )    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    تأجيل إضراب أعوان مؤسستيْ شركة السكك الحديدية وشركة أشغال السكك الحديدية    الاتّفاق على الزيادة في أجور العاملين بقطاع النزل السياحية    القصرين: المنسقون الجهويون والمحليون لحملة قيس سعيد بالجهة يواصلون الحملة الدعائية الميدانية لمرشحهم    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    بداية من الإثنين القادم: الأمطار تشمل أكثر من معتمدية    بفارق 7 سنوات عن العالم: دولة تحتفل برأس السنة 2017    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    عاجل/ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر..وهذه التفاصيل..    دراسة: ''النساء ضحايا العنف لازلن يشكين من سوء المعاملة في الوحدات الأمنية''    عوسجة: وفاة تلميذة دهسها جرار فلاحي امام المدرسة    جدل واسع في الشارع الأردني .. سميرة توفيق تدخل المناهج الدراسية    باجة: تأسيس ثاني شركة اهلية بمجاز الباب في اقل من شهر    بلاغ مروري بمناسبة مواجهة الترجي الرياضي وديكيداها الصومالي    وزير الخارجية يشارك في قمّة "المستقبل" والدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    عاجل/ العثور على جثة امرأة متعفنة بمنزلها..    وكالة التحكم في الطاقة: عدد السيارات الكهربائية في تونس لا يتجاوز 150 والهدف بلوغ 5 آلاف سيارة سنة 2025    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    كرة اليد: برنامج منافسات الجولة الرابعة ذهابا.. وتعيينات الحكام    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    جريمة غامضة ومروعة.. العثور على أم وولديها مذبوحين بمنزلهم..#خبر_عاجل    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    "عصفور جنة" فيلم روائي طويل لمراد بالشيخ يطرح بشكل كوميدي ناقد تحديات زواج المسلمة بغير المسلم    وزارة الصحة تناقش مشروع قانون يتعلق بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة على هامش التحضير لليوم العالمي لداء الكلب    تقرير دولي ينوه بدور البنوك التونسية في تعزيز النمو والشمول المالي    تشكيلة الاتحاد المنستيري المحتملة ضد مولودية العاصمة    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    مؤسسات إعلامية تقاضي غوغل    بقيادة معين الشعباني: نهضة بركان المغربي يبلغ دور مجموعات مسابقة كأس الكاف    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    اليوم : ساعة من أجل تونس نظيفة: وزارة البيئة تدعو الجميع للمشاركة    حالة ترقب في فرنسا بانتظار كشف ميشال بارنييه تشكيلته الحكومية    الولايات المتحدة.. إضراب عمال بوينغ يدخل يومه الثامن    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    في أجواء عراقية حميمة: تكريم لطفي بوشناق في اليوم الثقافي العراقي بالالكسو بتونس    في الذكرى الثالثة لوفاة المصور الكبير الحبيب هميمة...شقيقه رضا هميمة يصرخ: «انقذوا روح أخي من التجاهل والجحود والنكران»!    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    طقس الليلة.. سحب كثيفة بعدد من المناطق    بني خلاد: مرض يتسبّب في نفوق الأرانب    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي/ مشمولات هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة
نشر في الصباح يوم 17 - 10 - 2019

تلقت "الصباح نيوز" مقال رأي من السيد محجوب الجلاصي مستشار درجة 2 بمجلس نواب الشعب حول " مشمولات هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة".
وفي ما يلي نص المقال:
في الفترة السابقة لدستور 2014 كانت هناك هيئة دستورية استشارية لدى كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية تسمى ب "المجلس الاقتصادي والاجتماعي"، وكانت صلاحيات هذه الهيئة وتركيبتها منظمة بمقتضى القانون الأساسي عدد 12 لسنة 1988 المؤرخ في 7 مارس 1988 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي كما وقع تنقيحه بمقتضى القانون الأساسي عدد 75 لسنة 1990 المؤرخ في 7 أوت 1990.
وقد كان المجلس الاقتصادي والاجتماعي يساهم في استمرار ودعم الحوار والتشاور بين مختلف الأصناف المهنية والاجتماعية حول سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، ويستشار وجوبا في مشاريع القوانين ومشاريع المجلات القانونية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية وكذلك في النصوص المنقحة لها وفي المخطط العام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي التقارير المتعلقة بإنجاز المخطط وتطور الحالة الاقتصادية والميزان الاقتصادي.
كما كان بإمكان الحكومة ومجلس النواب استشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في غير ذلك من مشاريع القوانين، وكان من الممكن لرئيس مجلس النواب أن يطلب من المجلس الاقتصادي والاجتماعي تعيين أحد أعضائه ليشرح أمام لجان ملس النواب المختصة رأي المجلس في المشاريع والمقترحات المعروضة عليه.
من جهة أخرى كان من الممكن أن يقع عرض أي نص أو وثيقة ذات أهمية اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية ليست لها صبغة تشريعية على المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كما يمكن أن يدلي برأيه في المسائل موضوع التشاور المستمر بين الحكومة والأطراف الاجتماعية.
وكان هذا المجلس كذلك ينظر في مختلف المسائل التي يعرضها عليه الوزير الأول باسم الحكومة ورئيس مجلس النواب باسم مجلس النواب كما كان بإمكانه أن يتعهد تلقائيا بالنظر في المسائل الاقتصادية أو الاجتماعية وأن يبدي في شأنها آراءه واقتراحاته ويمكن له أن يلفت انتباه الحكومة إلى الإصلاحات والتعديلات التي يراها ملائمة فيما يتعلق بالمسائل التي هي من مشمولات نظره.
لكن رغم أهمية الدور الذي كان يقوم به هذا المجلس في المجال الاقتصادي والاجتماعي فقد وقع حلّه بمقتضى المرسوم عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 23 مارس 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط مما ترك فراغا هاما على مستوى الدور الاقتصاديوالاجتماعي الهام الذي كان يقوم به هذا المجلس.
وقد حاول دستور 2014 تدارك هذا الأمر بإحداثه ضمن الباب المتعلق بالهيئات الدستورية ل"هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة" التي يتشابه دورها كثيرا مع الدور الذي كان يقوم به المجلس الاقتصادي والاجتماعي سابقا. وحسب الفصل 129 فإن هذه الهيئة تستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتعلقة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفي مخططات التنمية ولها أن تبدي رأيها في المسائل المتصلة بمجال اختصاصها.
إلا أنه رغم التنصيص على هذه الهيئة صلب الدستور فقد تأخر إصدار القانون الأساسي المنظم لعمل تلك الهيئة ولتركيبتها مما جعلنا نعيش فراغا تشريعيا هاما في مجال تقديم الاستشارات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعية، وتواصل هذا الفراغ إلى حين صدور القانون الأساسي عدد 60 لسنة 2019 المؤرخ في 9 جويلية 2019 الذي يضبط مهام الهيئة وصلاحياتها وتركيبتها والتمثيل فيها وطرق انتخابها وتنظيمها وسبل مساءلتها.
وحسب هذا القانون الأساسي فإن هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيل القادمة هي هيئة دستورية مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية، وهي تخضع للتشريع المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة. وتتمثل مهامها في العمل على دعم الديمقراطية التشاركية في جميع المسائل المتعلقة بمجال اختصاصها. وتضع الهيئة لذلك مجموعة من الآليات الضرورية يضبطها نظامها الداخلي توفّر من خلالها إطارا للتشاور والحوار مع الجمعيات والأحزاب والمنظمات المهنية وممثّلي الجماعات المحلية.
كما تنظم الهيئة استشارات وطنية وحلقات نقاش عامة أو قطاعية حول المواضيع الراجعة لها بالنظر وخاصة بمناسبة إعداد السياسات العمومية ومشاريع مخططات التنمية واستراتيجيات وبرامج التنمية المستدامة. كما تعمل على ضمان أهداف التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة على المستوى الوطني والمحلي من خلال ضمان احترام التوازن بين المقتضيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمقتضيات البيئية لإرساء العدالة والتضامن بين الأجيال وحقهم في بيئة سليمة تضمن استمرارية الحياة ونوعيتها وحقهم في حماية موروثهم الثقافي وهويتهم الوطنية وفي مناخ اقتصادي واجتماعي مستقر وعادل.
من جهة أخرى تحرص الهيئة على حماية الطبيعة وتوازناتها قصد المساهمة في بلورة و إرساء سياسة متكاملة للتنمية المستدامة، وتعمل على نشر وترسيخ وتعميم ثقافة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة بين مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية وذلك من خلال مقاربات تحسيسية وتوعوية تأخذ بعين الاعتبار مختلف التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المستوى الإقليمي والدولي في إطار احترام مبدأ السيادة الوطنية.
وحسب الفصل 6 والفصل 7 من هذا القانون الأساسي تستشار الهيئة وجوبا في مشاريع القوانين المتعلقة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وخاصة المناخية وفي مشاريع مخططات التنمية ومشروع الوثيقة التوجيهية للمخطط والميزان الاقتصادي وتقارير متابعة المخطط التنموي ووثائق التهيئة العمرانية كما هو منصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل. كما يمكن للهيئة أن تبدي رأيها تلقائيا في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفي كل الوثائق التوجيهية أو الاستراتيجية التي تخص السياسات العمومية أو البرامج أو المشاريع الوطنية الكبرى أو الاتفاقيات أو البرامج الإقليمية والدولية وذلك بتقييم مدى انسجامها مع مقاربات وأهداف التنمية المستدامة، وتعلم الهيئة الجهة المعنية برأيها بطريقة تترك أثرا كتابيا.
إضافة إلى ذلك تتولى الهيئة القيام بدراسات وبحوث في مجال اختصاصها ويمكنها تطوير الشراكة مع الهياكل والهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية المماثلة أو المعنية بمجالات اختصاصها.
ويختلف دور هذه الهيئة الدستورية عن دور المجلس الوطني للحوار الاجتماعي الذي ينظمه القانون عدد 54 لسنة 2017 المؤرخ في 24 جويلية 2017 المتعلق بإحداثه وضبط مشمولاته وكيفية تسييره والذي أوضح أن هذا المجلس هو مجلس استشاري يتولى تنظيم وإدارة الحوار الاجتماعي في المسائل الاجتماعية والاقتصادية التي تحظى باهتمام الأطراف الاجتماعية الثلاثة في إطار يضمن استمرار الحوار وانتظامه.
كما بيّن القانون المذكور أن هذا المجلس يتولى القيام بالمهام التالية:
- ضمان حوار اجتماعي ثلاثي فعال حول المسائل ذات الاهتمام المشترك.
- العمل على إرساء مناخ اجتماعي محفز ودافع للاستثمار وضامن لشروط العمل اللائق.
- متابعة المناخ الاجتماعي ورصد مدى احترام التشاريع الاجتماعية.
- إبداء الرأي في مشاريع الإصلاحات المقدمة إليه من قبل الحكومة في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
- تنظيم حوار اجتماعي حول ما يستجد من مواضيع هامة ذات بعد وطني أو جهوي أو قطاعي في المجالات الراجعة له بالنظر.
- اقتراح الآليات الكفيلة بالوقاية من النزاعات الجماعية.
- إنجاز دراسات في المسائل التي هي من مشمولات نظره.
- تأطير المفاوضات الجماعية.
- تقديم مقترحات بخصوص تطور الأجر الأدنى المضمون في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي.
- المساهمة في تطوير أداء المؤسسات في إدارة العلاقات المهنية وفض النزاعات الشغلية.
- إبداء الرأي بشأن المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بمعايير العمل الدولية والمساهمة في إعداد وصياغة التقارير المقدمة من الحكومة إلى منظمة العمل الدولية.
ويستشار هذا المجلس وجوبا في مشاريع القوانين ومشاريع الأوامر الحكومية ذات العلاقة بالشغل والعلاقات المهنية والتكوين المهني والحماية الاجتماعية، كما يمكن أن يستشار في مشاريع القوانين والأوامر الحكومية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية وفي مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي الميزانيات الاقتصادية.
ويمكن للمجلس أن يتعهد تلقائيا بالمسائل ذات العلاقة بالشغل والعلاقات المهنية التي يرى فائدة في إثارتها وتقديم مقترحات بشأنها الى الجهات المختصة.
كما أنه يمكن له أن يتحصل على جميع المعلومات والدراسات والوثائق التي تهم المسائل التي هي من مشمولات أنظاره والتي تعدها المصالح الإدارية المعنية والمعاهد والهياكل العمومية المختصة وذلك مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها ضمن التشريع الجاري له العمل.
ورغم التشابه الظاهر بين كل من هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة والمجلس الوطني للحوار الاجتماعي على مستوى دورهما الاستشاري الهام في المجالين الاقتصادي والاجتماعي إلا أن ذلك لا يمنع من وجود العديد من الاختلافات بينهما ، فبالإضافة إلى كون هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة هي هيئة دستورية ينظمها قانون أساسي وهو ما يكسبها العلوية القانونية على المجلس الوطني للحوار الاجتماعي التي لا يعتبر هيئة دستورية كما ينظمه قانون عادي ، فإن مشمولات هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة هي أشمل وأوسع بكثير من مشمولات المجلس باعتبار امكانية تدخلها في كل ما له علاقة بالتنمية المستدامة في علاقتها بالبيئة وحقوق الأجيال القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.