في ظل الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد وانعدام الموارد الذاتية للنمو... أصبح من الحتمي والضروري التوجه نحو خيارات أخرى أبرزها التركيز على جلب الاستثمارات الخارجية والتسويق للوجهة التونسية واستغلال الموقع الاستراتيجي لتونس لتكون بوابة نحو إفريقيا التي أصبحت اليوم وجهة كل الأقطاب الاقتصادية وخاصة منها الآسياوية والأوروبية. هذا الخيار، مفتاحه ديبلوماسي بالأساس والدور الأكبر لتركيزه وإنجاحه يبقى بيد وزارة الخارجية والبعثات الديبلوماسية التونسية في الخارج التي لها الدور الأكبر في جلب المستثمرين والاستثمارات وإبراز ما تكتنزه تونس من خيرات وإمكانيات وبنية تحتية قادرة على إنجاح كل مشروع اقتصادي. واقع البلاد اليوم، بات يفرض على الدولة وكذلك القطاع الخاص - من خلال المؤسسات الاقتصادية وبعض الجمعيات المهتمة- التنسيق واستثمار الفرص لتوسيع علاقات التعاون الاقتصادي والارتقاء به إلى مستويات ارفع... ويفرض على الحكومة والمجلس التشريعي مراجعة بعض القوانين الاستثمارية ومشروع الطوارئ الاقتصادية ومراجعة بعض الاتفاقيات التي باتت لا تتماشى مع واقعنا الراهن وأصبحت جاذبة للخلف أكثر منها دافعة للاستثمار والاقتصاد... دور الديبلوماسية الاقتصادية يجب ان يتجسد في ظهور تطور في العلاقات الاقتصادية بين تونس واصدقائها عبر استجلاب استثمارات حقيقية مع رفع مستوى الصادرات وفتح هذه الدول أسواقها أكثر على المنتوج التونسي من ذلك ضرورة ايلاء أهمية اكبر للسوق الإفريقية في دعم اقتصاد البلاد والاستفادة من الإمكانيات الهامة المتوفرة بها وتعزيز الحضور التونسي الاقتصادي في القارة السمراء عبر فرض الذات في التكتلات الاقليمية الموجودة خاصة بعد انضمام تونس إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدايو) بصفة عضو ملاحظ ونيل العضوية الكاملة في السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) التي تعد أهم الأسواق الإفريقية والانضمام إلى منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية في مارس 2018 والانضمام لمبادرة الحزام مع الصين... الدبلوماسية الاقتصادية يجب أن تتحرك أكثر اليوم من اجل استجلاب الاستثمارات الأوروبية والآسياوية خاصة في ظل الثورة الصناعية التي تشهدها دول هذه القارة وخاصة ما توفره الصين وكوريا الجنوبية والهند التي انطلقت فعلا في الاستثمار وفتحت مصانعها في تونس وخاصة منها المتعلقة بتركيب السيارات وقطع غيار العربات والطائرات وغيرها لكن المطلوب الدفع نحو تطوير هذا النشاط إلى مجال التصنيع الكامل وهو ما يمكن أن يحوّل بلادنا إلى قطب صناعي ومركز اقتصادي عالمي.. على وزارة الخارجية ومعها بقية الوزارات والمؤسسات الحكومية المتداخلة أن تضع الجانب الاقتصادي في أولوية عمل سفاراتها لان ذلك هو المدخل الرئيسي للتنمية والنهضة الاقتصادية وزيادة الاستثمار والحد من المديونية.. ومع ذلك لا يجب أن نتغافل عن الجانب السياسي الذي يجب أن يساير لإنجاح الديبلوماسية الاقتصادية وذلك عبر تنقية المناخ السياسي وإظهار الوجه الحقيقي لتونس الذي لوثته المراهقة السياسية وضعف القيادة وتغليب المصالح الشخصية والحزبية على مصلحة الوطن.