يوضح الخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان في تصريحه ل»الصباح الأسبوعي» أن مقارنة المقدرة الشرائية بين بلدين اثنين يجب أن يخضع إلى Purchasing Power Parity أو تعادل القوة الشرائية. ويبرز محدثنا أن متوسط الدخل إذا كان ذو قيمة أكبر في بلد معين، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن المقدرة الشرائية فيها أفضل وإنما يجب مقارنة الدخل بكلفة المعيشة في بلد معين. وهذا ربما يمكن أن يساعدنا على تفسير انخفاض تكلفة المعيشة في تونس بالضرورة مقارنة بنيويورك ولكن المقدرة الشرائية تبقى أيضا منخفضة مقارنة بنفس المدينة. ويبرز محدثنا أن المقدرة الشرائية تضطلع بأهمية انطلاقا من أن الاقتصاد يقوم على ثلاثة محركات رئيسية هي الاستهلاك وهو المرتبط ارتباطا مباشرا بالمقدرة الشرائية والتصدير والاستثمار. والاستهلاك بذلك يكون أحد محركات النمو. في حين أن المقدرة الشرائية في تونس قد انخفضت بحكم التضخم المالي الداخلي والمستورد. نسق أسرع لانخفاض المقدرة الشرائية التضخم المالي الداخلي هو ارتفاع الأسعار مع نزول قيمة العملة فالكتلة النقدية تطورت في حين أن الاقتصاد لم يفرز أي نمو، كما يوضح الخبير الاقتصادي والمالي. فنسبة التضخم المحلية كانت تقريبا 6 % ولكنها تقوم على سلة استهلاك تضم منتجات مدعومة وبالتالي أسعارها لا ترتبط بقاعدة العرض والطلب، وإنما تكون أسعارها ثابتة ولا تتغير، إلا بقرار إداري. ويوضح بذلك محدثنا أن نسبة التضخم الحقيقية هي أكبر وتتراوح بين 9 و10 %، مما أدى إلى انخفاض المقدرة الشرائية. أما التضخم المستورد فسببه تدني قيمة الدينار التونسي وبالتالي ارتفاع أسعار المواد المستوردة وقدرة المواطن على اقتنائها تتدهور. إضافة إلى حجم الاقتصاد الموازي في تونس، فكل دينار ينفقه التونسي يذهب نصفه إلى الاقتصاد الموازي وهو بذلك خارج الدورة الاقتصادية كل ذلك يؤدي إلى انخفاض مساهمة الاستهلاك كمحرك للتنمية. وقد انخفضت المقدرة الشرائية للتونسي كل سنة منذ 2010 ب3 % ويقدر محدثنا أن نسق انخفاض المقدرة الشرائية سيكون أسرع في 2018 وأنه في سنة 2018 يمكن ان يفقد التونسي نحو 30 % من مقدرته الشرائية مقارنة ب2010. وردا على سؤالنا بخصوص القيمة الحقيقية للدخل للسنة القادمة، فإن محدثنا يضرب مثالا، دخل بقيمة 1050 دينارا على سبيل المثال السنة القادمة تبلغ قيمته الحقيقية 950 دينارا اليوم. الدينار يساوي أكثر من قيمته الحقيقية ب17.6 % هذه التقديرات التي يقدمها محدثنا تفسر حسب ما يوضحه انطلاقا من عدة مؤشرات من بينها، ضغوطات صندوق النقد الدولي المتواصلة فهو يضغط من أجل اعتماد سياسة تقوم على عدم التدخل في قيمة الدينار وتركه ينخفض دون التدخل في سوق الصرف. خاصة أن صندوق النقد يعتبر أن الدينار اليوم مرتفع ب17.6 % مقارنة بقيمته الحقيقية حسب ما جاء في تقريره في شهر جويلية 2017 كما يبرز سعديان. ويوضح محدثنا أن ما يحدد قيمة صرف العملة هو الفارق بين نسبة التضخم في تونس وأوروبا والفرق يصل إلى حوالي 7% وأيضا الفارق على مستوى تطور الإنتاجية بين الاقتصاد التونسي والاقتصادي الاوروبي والفارق يصل إلى 3 أو 4 % إضافة إلى السياسة النقدية للبنك المركزي في ظل ضغوطات صندوق النقد مما يؤشر على أن الدينار سيشهد انخفاضا ب10 % أو 11 % مقابل الاورو.