هل هي مجرد صدفة أم أمر مفروض على كل مترشح للرئاسة الأمريكية لكي تفتح أمامه بوابة البيت الأبيض؟.. في ظرف أقل من 48 ساعة تحدث المترشحان الجمهوري ماكين والديموقرطي أوباما أمام منظمة "إيباك" الممثلة للوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة مستعرضين برامجهما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وتحديدا تقديم الولاء لإسرائيل مفتاح الولوج إلى مقر الرئاسة. ومن المفارقات أنه باستثناء الاختلاف في وجهات النظر بشأن الحرب على العراق ومسألة بقاء القوات الأمريكية أو انسحابها فإن بقية الملفات ذات الصلة بالمنطقة كانت محل وفاق غريب بين مترشحين يفترض أن تكون برامجهما الانتخابية مختلفة بل تخلق أجواء تنافس، أما وقد جاءت مواقفهما متطابقة بخصوص أمن إسرائيل وسوريا ولبنان وإيران فإن الأمر لا يعدو أن يكون حديث متخرجين من نفس المدرسة. لقد كان المترشحان سخيين في إبداء العطف على إسرائيل متبنيين المواقف الرسمية الإسرائيلية ومتذرعين بأمنها لتبرير مواقف تجاه سوريا وإيران وكأن المنطقة لا تعاني صلفا إسرائيليا ورفضا للسلام ولا تشهد اعتداءات من الجيش الإسرائيلي وهو ما يحمل على الاعتقاد أن المرشح الجمهوري ماكين تبنى كل مواقف بوش فيما اضطر أوباما للارتماء في أحضان اللوبي الصهيوني لتعويض بعض نقاط ضعفه. فالديموقراطيون سواء تعلق الأمر بهيلاري كلينتون أو أوباما لم يحسبوا حسابا لرواسب في المجتمع الأمريكي الذي ربما قد يكون غير متحمس لانتخاب امرأة لأول مرة- رئيسة لأمريكا وغير مهيإ لانتخاب أول أسود رئيسا وبالتالي فإن المرشح الجمهوري قد يكون الأوفر حظا وحتى لو شهدت انتخابات نوفمبر القادم أكبر مفاجأة في التاريخ الأمريكي فإن السياسة الخارجية لن تشهد أي تغيير وربما حتى تجاه الوضع في العراق. وسواء كان الرئيس الأمريكي المقبل ماكين أو أوباما فإن الشارع العربي والحكومات العربية سيجدون أنفسهم تقريبا أمام نفس المعادلة في السياسة الأمريكية وأمام مواقف مستنسخة لمواقف بوش وبالتالي توقع تواصل قرع طبول الحرب ضد إيران وربما ضد سوريا بتعلة التدخل في الوضع اللبناني إذا رفضت الانصياع لشروط السلام مع إسرائيل إضافة إلى قلاقل في أماكن متعددة في سياق الفوضى الخلاقة. وقد اعتاد العرب على رؤساء أمريكيين براغماتيين يمعنون في صداقة إسرائيل ويهملون في سبيل ذلك حقوق الانسان والمواثيق والشرعية الدولية وبعد انقضاء الفترة الرئاسية تكون "عودة الوعي" بطريقة دراماتيكية فيها نكران لمواقف ومبادئ سابقة ومحاولة لإرضاء الضمير بشكل يكشف أن ما يفعلونه لا يصل حتى مستوى النقد الذاتي.