منوبة: انطلاق أولى أنشطة الحملة الانتخابية للمترشح قيس سعيد بالمرناقية    وزارة العدل تؤكد اتخاذ الإجراءات ضد الحملات التي تستهدف القضاة    منح ميدالية الأمم المتحدة لأفراد الوحدة التونسية للمروحيات بجمهورية إفريقيا الوسطى (وزارة الدفاع)    المكتب التنفيذي لإتحاد الشغل يعلن رفضه لمشروع تنقيح القانون الإنتخابي ويدعو الهيئة إلى التدخل لمنعه    وزير الخارجية يُلقي بيان تونس أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة    الرئيس السوري بشار الأسد يصدر مرسوما تشريعيا بعفو عام    تظاهرة ثقافية بالحمامات لاحياء الذكرى 50 لرحيل جورج سيبستيان غيكا مؤسس "دار سيبستيان"    جندوبة: تركيز فوج نور الشمال للكشاف التونسي    إيطاليا: تمثال ينهي حياة مديرة دار أزياء شهيرة بطريقة مروعة    بطولة سيول للتنس: البرازيلية حداد مايا تتوج بلقبها الرابع    حركية تجارية نشيطة بميناء بنزرت - منزل بورقيبة التجاري    تنظيم تظاهرة "ران .. هيا نجري" بالعاصمة لمجابهة ظاهرة الانقطاع المدرسي    أحداث شغب رافقت مباراة المنستيري مع مولدية الجزائر    قتلى وجرحى في انفجار بمنجم فحم في إيران    المعهد الوطني للرصد الجوّي يصدر نشرة متابعة خاصّة بالطقس الليلة وغدا    تهريب السيارات : الحرس الوطني ينشر تفاصيل تفكيك شبكة بالكاف    حالة الطقس اليوم الاحد ودرجات الحرارة..    فظيع في زغوان : قتل شاب باربعة طعنات بسكين !!    أساطير كرة القدم (جورج ويا) فخر الكرة الإفريقية    مهنيو الصيد البحري يدعون الى التعجيل بتسوية وضعية صنع المراكب في ضوء تعطل لجنة الصنع ما يزيد عن السنتين    فوزي خبوشي : من بين الحرفاء الذين يقتنون سيارات التاكسي مفتش عنهم    البنك المركزي : تراجع صافي احتياطي العملة الأجنبية    سيدي بوزيد : حافلات لنقل تلاميذ 6 مدارس ريفية    عزيز دوقاز يتوّج ببطولة الصين المفتوحة للتنس    اليوم أمام إتحاد العاصمة : «البقلاوة» تنشد العبور    أخبار اتحاد بن قردان.. العبيدي «إتحادي» وقلبي يعد بالتدارك    شمبانزي يسرق رضيعا ويقتله ويثير غضب السكان    اليوم الاعتدال الخريفي للنصف الشمالي للكرة الأرضية    الرابطة الثانية: نادي حمام الأنف يتعاقد مع 9 لاعبين جدد    حاتم مزيو : نحن ضدّ التدخل الخارجي و لدينا الحق في التعبير وإبداء الرأي    بنزرت: العثور على جثة امرأة بمنزلها تحمل عديد الطعنات    بنزرت: وفاة شاب وإصابة 2 آخرين في انقلاب شاحنة    قمر صغير يقترب من الأرض خلال هذه الأيام    عاجل _ أمريكا توجه رسالة لرعاياها في لبنان : غادروا    بأعنف هجوم صاروخي منذ بدء الحرب.. حزب الله يقصف شمال حيفا كرد أولي على تفجيرات البيجر    سمير الوافي في ردّ خاص …شكر الله سعيك وثبت أجرك    الفنان مرتضى الفتيتي ل«الشروق» «أخاف أن يقلق مني الجمهور» لذلك أبحث عن التغيير    وزارة الصحّة تطلق حملة توعوية ...أكثر من ربع التونسيين مصابون بالسمنة    القيروان.. ظهور تشققات وتصدعات جديدة في سور المدينة العتيقة    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    فوائد لقاح ''القريب''    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    تراجع التضخم يعزز القروض للأفراد    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناشدات التمديد مطية لمناورات الخلافة
نشر في الوسط التونسية يوم 04 - 12 - 2010

لم يفاجأ التونسيون بانطلاق حملة مناشدة الرئيس بن على للتقدم لولاية رئاسية سادسة 2014 2019 لأنهم أدركوا منذ تنقيح الدستور 2002 أن قيد السن على الرئاسة مدى الحياة كان مجرد وهم ، ثم لأنهم اعتادوا على هذا الكرنفال الذي غدا من طقوس الحكم الثابتة، إلا أن ما أثار استغراب عديد الأوساط في الداخل والخارج هو توقيت هذه الحملة، التي تنطلق بعد أقل من عام على آخر مناشدة / مبايعة، وما تميزت به من تسرع وارتجال ظهر خاصة في الإعلان الذي بادرت به اللجنة المركزية الأخيرة للتجمع الدستوري والذي جاء مسقطا كالشعرة في الحساء، وإصدار نداء أول تحت عنوان "نداء المائة " لم يوقع عليه سوى 65 شخصا، ثم آخر باسم "نداء الألف" الذي تضمن توقيعات إدارية مع ذكر لبعض الأسماء أكثر من مرة. ودون التوقف هنا عند مغزى تعدد المبادرة بنداء المناشدة نشير فقط إلى أنه في حين ردد "نداء المائة" نفس الاعتبارات والعبارات الفضفاضة الواردة في بيان اللجنة المركزية، بدا نص النداء الثاني، أكثر حبكة ووضوحا في صياغاته.
لن يفاجأ التونسيون أيضا لو تحولت هذه النداءات إلى نداء المليون وربما إلى نداء الملايين. لكن المحير في الأمر أن من يقفون وراءها لم يفهموا بعد أن هذه الطريقة في الحكم لها مفعول عكسي في الداخل وهي تثير امتعاض وسخرية الرأي العام في الخارج لأن أسلوب المناشدة والبيعة هو بالذات عين الممارسة التي تكشف زيف ما ورد في نص النداء من إعلانات عن تجذير الإرادة الشعبية والتمسك بمبدأ الانتخابات كأساس للنظام الجمهوري، وما ورد فيها من ادعاء لامس الباطل بأن "التطور السياسي على درب التعددية والديمقراطية أصبح يضمن التداول على الحكم في مناخ تنافس تعددي"!. وكلها افتراءات لا تعني شيئا آخر غير الإمعان في تزييف إرادة الشعب والاستهانة بمصيره عبر استفتاءات نتساءل إن كانت تقنع أصحابها. ثم نسألهم، وقد بدوا منشغلين وخائفين على أمن وطمأنينة التونسيين إلى هذا الحد، من الذي يهدد الأمن والاستقرار في تونس؟ أليس الظلم السياسي المسلط على المواطنين وعلى ممثلي المعارضة والهيئات المدنية بتكميم أفواههم وبمنع حرية التعبير والاجتماع والتنظم؟ أوليس الحيف الاجتماعي الذي يتعاظم كل يوم أكثر بين الفئات وبين الجهات؟
أليس الفساد الذي ينخر جسم الدولة والمجتمع وقضى على تساوي الفرص بين التونسيين وسمح لجهات معلومة بتكديس ثروات مذهلة على حساب المصلحة الوطنية؟ لكن الأنكى من هذا هو أن هؤلاء المتعصبين لم يدركوا أيضا أنه كلما ارتفع عدد الموقعين على هذه النداءات إلا وانخفضت قيمة تلك المناشدات شأنها في ذلك شأن النتائج التسعينية في الانتخابات التي تطعن نفسها بنفسها.
إن هذه الحملة المفتعلة التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها عملية استباقية لانتزاع المبادرة السياسية من يد المعارضة الديمقراطية تعكس في الحقيقة درجة الوهن والارتباك التي أصبح عليها حال الحكم في تونس إذ بقدر ما تزداد عزلته وتتآكل شرعيته بقدر ما تشتد حاجته إلى حشد المناشدة وتجديد البيعة وإلى اختبار مدى استعداد الطبقة السياسية الحاكمة وأتباعها للذود عنه في الأوقات الحرجة وهي التي تدين له بكل امتيازاتها، ومازال الجميع يذكر الحملات الجماهيرية المصطنعة في أواخر العهد البورقبي .غير أن ما تسعى هذه الحملة للتغطية عليه، لأنه لم يعد بالإمكان إخفاؤه،هو التناحرات الداخلية للحكم وحقلها المليء بالألغام ودخول البلاد فعليا مرحلة التنافس على خلافة الرئيس بن علي، وما تعدد مبادرات المناشدة إلا علامة على هذا السباق المشحون الذي بدأ يطفو على السطح. وقد يذهب الظن بالبعض إلى أن النداء بالتمديد للرئيس هو أحد السبل لقطع الطريق أمام احتمال التوريث أو على الأقل تأجيله، غير أن ما سيغيب عنهم هو أن توفير المرتكز القانوني وإضفاء الشرعية على أي صيغة من صيغ الخلافة يمر الآن بالضرورة عبر النداء للتمديد، وستشهد الفترة المقبلة سباقا قويا على نيل رضا رئيس الدولة والإحراز على مرتبة الخليفة الموعود في حظوته وتقديره، لذلك فإن الرهان الجوهري وراء هذه المناشدات التي تسعى لتعبيد الطريق أمام التنقيحات الدستورية الوشيكة هو إرساء آلية الخلافة للتربع على قصر قرطاج.
وسواء كانت وجهة هذه الحملة انتزاع المبادرة من يد المعارضة أو ترميم الشرعية وشحن البطاريات أو التسابق على نيل مكانة المرشح للخلافة أم كل هذه الأغراض مجتمعة فإنها تمثل بلا ريب أخطر انتهاك لما تبقى من دستور البلاد عبر إزاحة آخر العقبات أمام الرئاسة مدى الحياة وتركيز أسس الخلافة الآلية لطور ثلاثيني جديد. إنها إهانة قصوى لكرامة الشعب التونسي وتلاعب غير مقبول بمصيره، فضلا عن كونها رسالة واضحة على رفض الحكم التفاوض بشأن مطالب المعارضة في الإصلاح والتغيير. فلا ريب إذن في أننا إزاء سياق تقليدي في النظم الشمولية حيث تنطلق البدايات بالوعود بالجنة وتنتهي الخواتم إلى الوعيد بالجحيم.
إن السؤال الحاسم هنا ليس في أهمية الجوانب القانونية والأخلاقية لهذه المعركة السياسية التي اندلعت مبكرا وإنما في معرفة قدرة الشعب التونسي ونخبه الحية وشبابه على مواجهة هذا التحدي ومدى إصراره على بناء جسر يربط بين تونس والعالم الحديث، رغم التضحيات والجهود المضنية؟
ليس من السهل الجواب على هذا السؤال الآن، لكن من الواضح أن قوى فعلية وأخرى متحفزة، داخل الأحزاب الجدية وفي أوساط المحامين والقضاة وفي المجال الحقوقي والنقابي وفي أوساط الإعلاميين والمثقفين والفنانين وفي هيئات النساء المناضلات وبين صفوف الشباب الطلابي والمعطل تقف اليوم في وجه هذا التيار الذي يدفع بالبلاد إلى نفق مظلم وتناضل من أجل الحرية لتونس، فبعد انهيار جدار برلين لم يعد الاستبداد قدرا محتوما يستحيل دفعه، وإذا كانت عوامل الظلم والفساد قوية فإن إرادة الشعب التونسي في الإصلاح والتغيير أقوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.