أثار قرار اعفاء الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية مصطفى باللطيف من مهامه، وتعيين رشاد يونس مشرفا على تسيير شؤون المؤسسة خلفا له، جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية، بدت معه المواقف متباينة ومتناقضة، سواء داخل المؤسسة أو في الهياكل الإعلامية، ففي وقت استبشر بعض أبناء التلفزة بقرار العزل، إلى حد تعالت معه الزغاريد فرحا وابتهاجا، دافعت أطراف أخرى بشراسة على باللطيف ونددت بقرار إقالته، واعتبرته كبش فداء وضحية لحسابات سياسية، بعيدا عن الشفافية ومبادئ الديمقراطية. قرار، وان انتقدته الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين فقد اعتبره رئيس الحكومة الحبيب الصيد في حوار له مع قناة الحوار التونسي من المبرمج بثه البارحة من صلاحياته خلافا للتعيين الذي يتم بتطابق الآراء، مؤكدا أن مصطفى باللطيف تعددت أخطاؤه وتراكمت وكان لابد من اقالته على حد تعبيره. وكانت إقالة المدير العام للتلفزة الوطنية تبعتها استقالة مدير القناة الوطنية الأولى إيهاب الشاوش ومديرة الوطنية الثانية شادية خذير لما اعتبراه لأسباب مبدئية وقناعتنا بان هذه الطريقة في العزل والتسمية لا تتلاءم مع مسار إصلاح قطاع الإعلام والإعلام العمومي بشكل خاص .وتفتح الباب واسعا امام السلطة التنفيذية للتحكم في التعيينات ونسف حرية التعبير والإعلام الذي تحقق بعد الثورة. مصطفى بلطيف يشكك في النوايا وردا على قرار إعفائه من مهامه، قال مصطفى بلطيف الرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية، أن هذا القرار لميحترم الإجراءات القانونية، موضحا أنه كان من المفروض اتخاذ الاجراءات نفسها التى تم اتخاذها عند تعيينه لإنهاء مهامه . وأوضح بلطيف في تصريح اعلامي أمس،أن القرار في ظاهره كان على خلفية تمرير الصورة المتعلقة بالشهيد الراعى مبروك السلطانى، لكن في باطنه هو ان أداء إدارة المؤسسة وانتهاجها منحى الاستقلالية لا ينال رضاء بعض الاطراف. وأكد بلطيف أنه تم اتخاذ قرار إعفائه رغم اتخاذ مؤسسة التلفزة للإجراء اللازم، قائلا أن إبعاده جاء بسبب مجموعة من التراكمات، من بينها رفض مؤسسة التلفزة نقل احتفالات الرباعى الراعى للحوار لنيله جائزة نوبل، ورفضها كذلك بعض الطلبات من جهات رسمية وتمسكها بالاستقلالية. "الهايكا"ترفض القرار وتفاعلا مع قرار رئيس الحكومة إقالة مصطفى باللطيف، عبرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، في بلاغ لها أمس عن رفضها للقرار الصادر عن رئاسة الحكومة. ونبهت الهيئة الى أن قرار الإقالة دون الرجوع إليها وتشريكها، يعد إخلالا فادحا بمقتضيات الفصل 19 من المرسوم 116، المؤرخ في 2 نوفمبر 2011، المتعلق بالرأي المطابق، وذكرت أن اجراءات تعيين الرئيس المدير العام كانت قد تمت بشكل تشاركي بينها وبين الحكومة، وهو ما يستوجب الالتزام بنفس المسار ضمانا للشفافية. وأوضحت الهيئة، إن القبول جدلا بتبرير الحكومة أن اتخاذ قرار الإقالة مرده إخلال مهني، أمر يستدعي التذكير بأن الهيئة هي صاحبة الاختصاص الحصري للتعهد به وتقدير مداه وفقا لمقتضيات المرسوم وصريح نصه. وقال رئيس الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي لالصباح ،إن الهيئة تدعو رئاسة الحكومة الى التراجع عن هذا القرار، لما له من تداعيات سلبية على مسار إصلاح الإعلام العمومي، وضرب المسار الديمقراطي ونسف بناء إعلام شفاف يرتقي إلى مستوى التطلعات بعد حقب تكميم الافواه وخنق حرية الرأي والتعبير. وأضاف اللجمي للأسف ثمة بوادر للرجوع إلى الوراء، وهو ما من شأنه ضرب التمشي الذي نص عليه الدستور، لقد طلبنا من رئاسة الحكومة التراجع وإذا رفضت فإننا سنرفع شكوى الى المحكمة الادارية دفاعا على منهج الديمقراطية والشفافية ومسار التشاركية. وعلى صعيد آخر أبدى اللجمي تفهمه لتقديم مديري الوطنية 1 والوطنية 2 لاستقالتهما لما اعتبره دفاعا عن المبادئ والقناعات حسب قوله. النقابات تندد.. نقيب الصحفيين ناجي البغوري انتقد قرار عزل المدير العام للتلفزة الوطنية بشدة،مؤكدا أن رئاسة الحكومة تنقلب على هيئة دستورية، مستغربا كيفية اتصال المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة من منزله عبر الهاتف، يوم عطلة، برئيس مؤسسة التلفزة ليعلمه انه تم إعفاؤه من مهامه، وتعيين رئيس جديد بالنيابة.مشددا على أن تغيير السيد مصطفى باللطيف على رأس مؤسسة التلفزة ليس مفاجأة باعتبار الانتقادات التي وجهت لطريقة أدائه والأخطاء التي عرفتها المؤسسة وآخرها صورة رأس الراعي الشهيد. وباعتبار الاّ احد من المسؤولين غير قابل للتغيير.وأشار البغوري إلى أن الصدمة هي ان تتدخل الحكومة بأسلوب نظام بن علي، إقالات وتعيينات بالهاتف،والصدمة هي الانقلاب على هيئة دستورية وهي الهايكا التي علم أعضاء مجلسها ورئيسها بالإقالة والتعيين من وسائل الاعلام .واعتبر نقيب الصحفيين ان رئيس الحكومة اعلن الحرب على الاعلام وعين احد رموز الفساد الإعلامي زمن عبد الوهاب عبد الله والذي رفضت الهايكا ترشحه لنفس الخطة سابقا وهو ما يمثل صدمة على حد تعبيره.ومن جهتها نددت النقابة العامة للإعلام بقرار العزل واعتبرته ضربا للهيئات الدستورية سواء تعلق الأمر بالإعلام أو غيره. وقال الكاتب العام المساعد للنقابة الهادي الطرشوني لالصباح، نحن ضد الدفاع على الاشخاص ونرفض مثل هذه التجاوزات التي تذكر بممارسات النظام الاستبدادي السابق ونؤكد على ضرورة احترام الهيئات الدستورية والتخلي عن القرارات الارتجالية التي تتضارب مع مسار إصلاح الإعلام العمومي ومختلف الجهود المبذولة لتحويله من إعلام حكومي إلى إعلام عمومي". فتنة وأجواء مشحونة وتعليقا على التطورات التي شهدتها التلفزة الوطنية في اليومين الماضيين اعتبرت الاعلامية زينة المليكي ان اقالة مصطفى باللطيف وان جاءت متأخرة الا انها كانت ضرورة ملحة بالنظر للوضعية المتردية التي بلغتها المؤسسة على حد تعبيرها. وأكدت الخميري أن اللطيف الذي لا يمكن التشكيك في قيمته العلمية،لم ينجح في تسيير شؤون المؤسسة في ظل تراجع مستوى البرامج الذي أثبتته نسب المشاهدة،مضيفة ان المدير العام ومعه بقية المديرين كانوا سببا في الأجواء المشحونة والفتنة بين العاملين داخل المؤسسة ومن البديهي ان ينعكس سلبيا على مادتها الاعلامية، التي لم تعد ترتقي إلى مستوى انتظارات المشاهدين، الذين كثيرا ما انتقدوا عديد البرامج. عقوبات بسبب «جامات»؟؟ وتساءلت الخميري باستغراب هل من المعقول أن تتم معاقبة البعض على خلفية ما ينشرونه على الفايسبوك،تصور أن أكثر من شخص تمت مساءلته وحتى معاقبته بسبب جامس وجدت نفسي مهددة بالعقوبة بسبب مجرد رأي على الفايسبوك ،وإذا بلغنا هذه الدرجة،كيف يمكننا الحديث عن حرية الرأي والتعبير ؟ وفي سياق متصل كشفت المليكي، ان استقالة ايهاب الشاوش وشادية خذير لم تفاجئها، لأنهما لا يمكنهما العمل بعد مصطفى اللطيف الذي عينهما وفرضهما داخل المؤسسة، بل ان أبناء الدار طالبوا منذ فترة باقالتهم جميعا، باعتبار ان الشاوش وخذير يمكنهما النجاح كصحفيين، لكن يوجد من هو أكفأ منهما لإدارة هذه القناة أو تلك وفق تقديرها. وأشارت الخميري إلى أن المطلوب في الظرف الراهن ضرورة الاسراع بتطوير البرامج لتحقيق نوع من المصالحة مع المشاهد وهي خطوة لن تنجح إلا باختيار الكفاءات على اساس الخبرة المهنية وليس وفقا للولاءات والاعتبارات السياسية حسب قولها. وعن كيفية تجاوز الأخطاء، التي وقعت فيها برامج القناة أكثر من مرة، وكان بعضها محل انتقاد وحتى تندر وتهكم، شددت الخميري على انه لمّا يكون المسؤول المناسب في المكان المناسب سنتخلص من الأخطاء، مع ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه في أي خطإ مهني.