حركية تجارية نشيطة بميناء بنزرت - منزل بورقيبة التجاري    بطولة سيول للتنس: البرازيلية حداد مايا تتوج بلقبها الرابع    تنظيم تظاهرة "ران .. هيا نجري" بالعاصمة لمجابهة ظاهرة الانقطاع المدرسي    عاجل _ تونس : غدا الاثنين أمطار بهذه الولايات    نابل: اهالي زاوية الجديدي يستغيثون بسبب الفيضان اليومي لقنوات الصرف الصحي    قتلى وجرحى في انفجار بمنجم فحم في إيران    أحداث شغب رافقت مباراة المنستيري مع مولدية الجزائر    أساطير كرة القدم (جورج ويا) فخر الكرة الإفريقية    الكاف : تفكيك شبكة لتهريب السيارات وإيقاف أجانبييْن..    حالة الطقس اليوم الاحد ودرجات الحرارة..    فظيع في زغوان : قتل شاب باربعة طعنات بسكين !!    مهنيو الصيد البحري يدعون الى التعجيل بتسوية وضعية صنع المراكب في ضوء تعطل لجنة الصنع ما يزيد عن السنتين    قابس: تنفيذ حملة نظافة بميناء الصيد البحري لتحسين الوضع البيئي به    رئاسية 2024 : المترشح زهير المغزاوي في جولة وسط العاصمة للتواصل المباشر مع المواطنين    الملاكمة: دوبوا يهزم جوشوا بالضربة القاضية ويحتفظ بلقب الوزن الثقيل    فوزي خبوشي : من بين الحرفاء الذين يقتنون سيارات التاكسي مفتش عنهم    البنك المركزي : تراجع صافي احتياطي العملة الأجنبية    سيدي بوزيد : حافلات لنقل تلاميذ 6 مدارس ريفية    شمبانزي يسرق رضيعا ويقتله ويثير غضب السكان    اليوم أمام إتحاد العاصمة : «البقلاوة» تنشد العبور    أخبار اتحاد بن قردان.. العبيدي «إتحادي» وقلبي يعد بالتدارك    اليوم الاعتدال الخريفي للنصف الشمالي للكرة الأرضية    الرابطة الثانية: نادي حمام الأنف يتعاقد مع 9 لاعبين جدد    النائب بلال المشري: لم أكن يوما شاهد زور و لن أكون    توزر: حملة انتخابية لأنصار المترشح قيس سعيد في السوق الاسبوعية    قمر صغير يقترب من الأرض خلال هذه الأيام    عاجل _ أمريكا توجه رسالة لرعاياها في لبنان : غادروا    بنزرت: العثور على جثة امرأة بمنزلها تحمل عديد الطعنات    بنزرت: وفاة شاب وإصابة 2 آخرين في انقلاب شاحنة    حاتم مزيو : نحن ضدّ التدخل الخارجي و لدينا الحق في التعبير وإبداء الرأي    بأعنف هجوم صاروخي منذ بدء الحرب.. حزب الله يقصف شمال حيفا كرد أولي على تفجيرات البيجر    نقابة الصحفيين الفلسطينيين تستنكر إقدام القوات الإسرائيلية على اقتحام مكتب قناة "الجزيرة"    هاريس تتحدى ترامب لمناظرة ثانية والأخير يرفض    سمير الوافي في ردّ خاص …شكر الله سعيك وثبت أجرك    عوسجة ..وفاة تلميذة إثر دهسها جرار أمام مدرستها    الفنان مرتضى الفتيتي ل«الشروق» «أخاف أن يقلق مني الجمهور» لذلك أبحث عن التغيير    وزارة الصحّة تطلق حملة توعوية ...أكثر من ربع التونسيين مصابون بالسمنة    القيروان.. ظهور تشققات وتصدعات جديدة في سور المدينة العتيقة    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    فوائد لقاح ''القريب''    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    تراجع التضخم يعزز القروض للأفراد    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا تجازف بمصداقيتها في العالم العربي:بقلم سمير عواد
نشر في الحوار نت يوم 25 - 01 - 2011

الأثنين 24-01-2011 سمير عواد (مراسل الراية في برلين) ..
الأسبوع المنصرم كان أسبوعاً سيئاً للسياسة الأوروبية في الشرق الأوسط. جازف خلاله بعض كبار المسؤولين الأوروبيين بمصداقية الاتحاد الأوروبي في المنطقة. في البداية واصلت أوروبا تعاملها بفتور مع ثورة الياسمين في تونس التي سيسجل التاريخ أنها حصلت دون إطلاق رصاصة واحدة من قبل المتظاهرين رغم سقوط 66 شهيدا بينهم. لأول مرة تجد أوروبا نفسها أمام واقع جديد، فالمنطقة التي دأب الإعلام الأوروبي على الإشاعة أنها تصدر إرهابيين وعنفاً، فاجأته تونس الخضراء بتصدير ثورة ديمقراطية. شبان وشابات عرب تناقلت وسائل الإعلام الدولية صورهم وهم يقدمون الورود إلى جنود الجيش التونسي، ورجال ونساء وشرطة يتظاهرون في شوارع تونس مطالبين الوزراء المحسوبين على نظام الطاغية زين العابدين بن علي التنحي عن المشاركة في الحكومة الجديدة. لعقود من الزمن اعتاد المواطنون في أوروبا خاصة على صور تعزز الصورة السلبية للعرب في الغرب، وضمن ما تحذر منه وسائل الإعلام الأوروبية هو ما تسميه خطر التغيير الديموغرافي وتدفق اللاجئين من دول المغرب العربي والحكومات الأوروبية تعرف أن الذي دفع عشرات الآلاف من العرب للجوء إلى أوروبا هو فساد أنظمتهم وعدم حصولهم على أبسط الحقوق وأي أمل في الحصول على عمل يضمن لقمة العيش.

لذلك أطاح التونسيون بنظام الطاغية بن علي ويتظاهرون كل يوم. وماذا تفعل أوروبا؟ لقد حظيت ثورة الألمان الشرقيين بتأييد واسع وكذلك ثورة المجر وثورة رومانيا، ربما لأنها ثورات خدمت المصالح السياسية والاستراتيجية للغرب في صراعه مع الاتحاد السوفييتي السابق. أما ثورة تونس، النبيلة، التي أيقظت العالم العربي من سباته العميق.

فإن أوروبا لم تعطها حقها حتى اليوم، بل على العكس من ذلك، فقد فوجئت بثورة الياسمين وسرعة النجاح الذي حققته وتسببها في خلط الأوراق في العالم العربي من جديد. تٌرى ماذا يحصل لو خسر الرئيس المصري حسني مبارك الانتخابات في سبتمبر؟

وماذا لو فاز حزب الله بالانتخابات اللبنانية وهو على قائمة المقاطعة الأوروبية؟ الثابت أن أوروبا لا تملك الآن سياسة مشتركة تجاه المستجدات في المنطقة ولا يمكن القول إن لديها مبادرات أو تصورا للأمور في العالم العربي. لقد هتف التونسيون باسم الحرية والمساواة والتآخي والعيش بكرامة، وهي نفس الشعارات التي نادى بها الفرنسيون عندما صنعوا الثورة الفرنسية. لقد أعاد التاريخ نفسه، هذه المرة على أرض تونس البطلة.

لقد حكم بن علي تونس والتونسيين بقبضة من حديد لأكثر من 23 سنة. والأنكى أن أوروبا كانت تعرف ذلك. وحين بدأ نظامه يترنح عرضت عليه فرنسا إرسال قوات وخبراء أمن متخصصين في إخماد التظاهرات وبالتالي احتواء المعارضة.

لكن فرنسا أيضا فوجئت بأن الشعب انتصر والقيد انكسر وفشلت في إنقاذ بن علي ونظامه ولم يكن ساركوزي يعلم أنه غير قادر على إحياء الأموات. لو مدت أوروبا يد العون للشعب التونسي الرازح تحت عبودية وجبروت الطاغية لكانت اليوم في مقدمة المحتفى بهم ولكانت عبرت عن تمسكها بمبادئها لكن أوروبا أساءت التقدير بشكل غير مسبوق في الأيام القليلة الماضية.

- أولا صرحت ميشيل أليوت ماري وزير خارجية فرنسا قبل أن يغادر بن علي بساعات أرض تونس إلى غير رجعة حين بان أن الشرطة التونسية سوف تعترض المتظاهرين: إن قوات الأمن التابعة لنا التي تتمتع بسمعة عالية في العالم تستطيع المساهمة في إخماد المتظاهرين.

لو كانت هذه العبارة صدرت عن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لثارت حفيظة السياسيين الأوروبيين وشغلت معلقي الصحف الأوروبية بضعة أسابيع وحصل الأوروبيون على فرصة جديدة للتعبير عن تمسكهم بمبدأ الأخلاق. تجدر الإشارة أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المغرب العربي وضعتها فرنسا وتبنتها الدول الأعضاء دون نقاش.

- لم يهتم أحد في أوروبا لأن بعض دولها خاصة فرنسا والجارة سويسرا فتحت مصارفها وبنوكها كي يودع بن علي وزوجته والمحسوبون عليهم أموال الشعب التونسي واشتروا عقارات في باريس والكوت دازور وقائمة المسروقات طويلة وهي معروفة عند الفرنسيين.

- زادت وزير خارجية فرنسا الطين بلة عندما حاولت يوم الجمعة الماضي دخول قطاع غزة، فاستقبلها سكان القطاع الغاضبون برشق موكبها بالأحذية وتمكن أحدهم من اعتلاء سيارتها لتقرأ عبارة كتبها على يافطة تقول: هناك جلعاد شاليط ولكن أيضا سبعة آلاف سجين فلسطيني. المثير للانتباه أن إسرائيل رفضت قبل أشهر أن يزور مسؤولون في الاتحاد الأوروبي قطاع غزة بينهم وزير خارجية ألمانيا ووزير التعاون الاقتصادي والإنماء الذي يرأس جمعية الصداقة الألمانية الإسرائيلية، بينما سمحت إسرائيل لوزيرة خارجية فرنسا زيارة قطاع غزة لأنها أرادت تسليط الأضواء على الجندي الأسير شاليط وزارت والديه دون إشارة واحدة منها للسجناء الفلسطينيين الذين يرزحون داخل المعتقلات الإسرائيلية دون محاكمة.

- يوم الخميس الماضي استقبلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وفدا يمثل منظمة الأمريكيين اليهود قلدوها جائزة تقديرا لمساندتها للشعب اليهودي وإسرائيل. لا توفر ميركل مناسبة إلا وعبرت عن دعمها اللا محدود لإسرائيل.

ورغم أنها عاشت في ألمانيا الشرقية وعاشت ثورة الألمان الشرقيين ضد النظام الشيوعي وتقول دائما أنها تذوقت طعم الحرية بعد انهيار جدار برلين فإنه كان متوقعا منها بالذات أن تدعم ثورة الياسمين وتدعو أوروبا إلى دعم رغبة شعب تونس في تقرير مصيره بنفسه غير أنها تصرفت بكل فتور، كغيرها من القادة الأوروبيين الذين فقدوا القدرة على الكلام أمام الواقع التونسي الجديد.

الأمر متروك لأوروبا كي تعيد النظر بسياستها تجاه العالم العربي. ماذا لو انقلبت الأمور في مصر، أو لبنان، أو في الجزائر أو موريتانيا، هل أوروبا مستعدة لمواجهة الجديد؟.

يحب أن لا يغيب عن بال الأوروبيين الأهمية الاستراتيجية لتونس:

- تونس مهمة لإنجاح عملية برشلونة
- تونس ديمقراطية حرة تعتبر نموذجا لدول المنطقة

- أبناء تونس في المهجر يشكلون جسر اتصال وتفاهم بين المنطقة وأوروبا

- الأمن والاستقرار وتوفير فرص التشغيل يمنع الهجرة إلى أوروبا التي تراها الحكومات الأوروبية خطرا على أمنها

- ثورة تونس ديمقراطية لا يقودها اتجاه ديني وإنما هي ثورة على الظلم والفساد والطغيان
- يجب فتح أسواق أوروبا أمام الصادرات التونسية وتعزيز اقتصادها ودعم نظام التعليم والتأهيل وخلق فرص أمام الشباب

نهاية الكلام: التونسيون ينتظرون إشارة من أوروبا، وكلهم أمل أن تقف إلى جانبهم في إعادة بناء تونس الديمقراطية الحرة، مثلما ينتظر العرب أن تضغط على إسرائيل لترضى بالسلام معهم على أساس المبادرة العربية لعام 2000، أما إذا استمرت أوروبا تعمل بما لا يخدم مصالحها، وتتبع سياسة ضيقة النظر، فإن تونس ستشق طريقها لبناء مستقبلها دون أوروبا فأبناؤها الذين صنعوا ثورة الياسمين قادرون بعون الله على تخطي تحديات المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.