بسم الله الرحمان الرحيم تونس في 22 جانفي 2011 لأني مهموم بالشأن العام. و لأني مواطن عاش أكثر عمره مواطنا منقوص المواطنة و يطمح لأن يصير بسبب هذه ' الثورة ' مواطنا كامل المواطنة يستطيع أن يفكر بكل حرية و يتكلم بكل حرية و مسؤولية و يتنقل بكل حرية و يتفاعل مع الناس ، يحاورهم و يبيع و يشتري معهم و يخدمهم دون تحفظ و لا خوف و لا وجل ، لا يخافون منه و لا يخوًفون ، لا يرهبونه و لا يرهبون. و لأني مواطن حاول في الأربعين سنة الماضية من عمره الواعي أن يكون إيجابيا دائما ينفع و ينتفع ، يفعل و يتفاعل ، يؤثر و يتأثر ... و لم تمنعه السنوات العجاف تحت حكم الحاكمين الماضيين من أن يبقى واقفا صامدا حالما بالتغيير مؤملا في غد أفضل ينتهي فيه الاستبداد و تستعاد فيه الحرية و الكرامة و ينتشر فيه العدل في كل أبعاده و تتحرر روح المبادرة و تتوفر فرص الإبداع ليتنافس المواطنون طائعين في خدمة الوطن و المواطنين أو البلد و الشعب. و لأني مواطن يكره الظلم و الاستبداد ، استبداد الأخ الأكبر و الأب و المعلم و الشرطي و المفكر و الشيخ و خاصة استبداد السلطة مهما كان نوعها رغم أني أحيانا أستبد مع أولادي و أستبد في الرأي أوقاتا ، و لكني أكره الاستبداد لأنه مفسدة كبرى و عائق كبير أمام كل تغيير حقيقي أو إصلاح فعلي ،،، فإني مناد بوقفة حازمة واعية من الجميع للقطع مع الاستبداد نهائيا حتى لا يستبد بنا أحد بعد اليوم و هذا يتطلب جهدا يوميا و مسترسلا و مسترخيا و خاصة من الشباب الذي صنع الثورة و ينبغي أن يكون أمينا عليها لأنها تعنيه أكثر مما تعنينا نحن الشيوخ و العجائز الذين تطبعنا بالاستبداد و على الاستبداد حتى أصبحت عندنا قابلية للإستبداد على رأي المفكر الجزائري مالك بن نبي. و لأني مواطن لا يميل للإنخراط الاضطراري في الحركة الاحتجاجية اليومية التي تعيقه عن التأمل و الفهم و المراقبة و المتابعة الواعية فلا ينتبه للعورات و المخاطر. و لأني مواطن يميل للعمل الهادئ و لكن الدائب و يفضل الأفعال على الأقوال و يحرص على أن يكون بعيدا عن الأضواء خاصة إذا كانت مغرية بالوجاهة و ما يتبعها من انحرافات ، فقد آثرت أن آخذ وقتي في استيعاب ما جرى طلبا للفهم و استعدادا للمساهمة الواعية قي تأمين المستقبل و حاولت أن أنهض ببعض الواجب في التعبئة و ملء الفراغات و حماية الثورة لتبلغ مداها و أهدافها في القطع نهائيا مع الماضي. و قد خلصت إلى نتائج أضعها بين أيدي الشباب: أ / الحاجة الى الوضوح في تحديد أهداف الثورة بوعي كاف و مسؤولية و حماس مضبوط. و أحسب أن الهدف هو القطع مع الاستبداد نهائيا حتى لا يستبد بالناس شخص أو حزب أو تيار أو فكرة آحادية يمينية أو يسارية. و هو أيضا – أي الهدف – إنهاء للظلم سواء كان سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو جهويا، و تربية الناس على كراهية الظلم و محاربته و الجرأة في دفعه حتى لا يعود لظلم الناس أحد . و الهدف أيضا هو تحرير الناس من عقد الخوف و قابلية الاستبداد و ترابيتهم على النضال المستمر و عدم تحقير أنفسهم أو التقليل من قدرتهم على الفعل و التغيير ، كل على قدر وعيه و شجاعته و إمكانياته. ب / الحاجة الى إشاعة قيم الحرية في كل أبعادها ، لكن، الحرية المسؤولة و الواعية ، و تربية الناس عليها تربية ذهنية و عاطفية و عملية و جعلها مقدمة على الخبز لأن الانسان بدون حرية لا يستطيع أن يفعل شيئا و يعيش مسلوب الإرادة محدود الفاعلية لا يتكلم و لا يفعل و لا يتحرك. ج / القطع نهائيا مع السلبية و الاستغراق في الايجابية و تجديد الثقة في النفس و أن كل واحد يملك و يستطيع أن يفعل شيئا و لو كان قليلا. و هذا يعني أن الناس جميعا معنيون بتأمين الثورة و تأمين استمرارها و حمايتها من كل مغتصب و من كل انتهازي و من كل مستبد حتى تبلغ مداها و أهدافها في القطع مع الظلم و الاستبداد و الحيف و الاقصاء و الاستثناء و تأمين مستقبل عناوينه البارزة و الواضحة ،،، الكرامة و العدالة و الحرية و التنافس على خدمة الشأن العام . و للحديث صلة