سعيّد يوجّه تحيّة للنواب المصادقين على تنقيح القانون الانتخابي    وزارة الخارجية: رحلة جوية لإجلاء التونسيين في لبنان    كرة اليد: قمة واعدة بين الحمامات والإفريقي.. ومواجهة مثيرة بين الساقية والمكارم    الليلة: أمطار رعدية ورياح قوية بهذه الجهات    مباريات ودية - تعادل ملعب منزل بورقيبة مع جمعية اريانة وفوز مستقبل وادي الليل على هلال الرديف    هيئة الانتخابات توجّه تنابيه وتحيل هؤلاء على النّيابة العمومية في مخالفات انتخابيّة    تنبّؤات جوّية: أمطار غزيرة تشمل تونس مع بداية أكتوبر    الترجي يتصدر المشهد: ترتيب البطولة الوطنية قبل الجولة الثالثة    بطولة انقلترا: نيوكاسل يفرض التعادل 1-1 على مانشستر سيتي    العراق يعلن الحداد على مقتل حسن نصر الله    أبرز قادة حزب الله وحماس الذين تبنى الكيان الصهيوني اغتيالاتهم الأشهر الأخيرة    مشروع تونسي عن الرقمنة والوساطة الثقافية في قصر النجمة الزهراء ضمن القائمة القصيرة للأعمال المرشحة لجائزة إيكروم الشارقة لحفظ وحماية التراث في المنطقة العربية    بيّة الزردي : مانيش بطالة والظهور ككرونيكوز كان لمتطلبات مادية    قرمبالية: قافلة صحية متعددة الاختصاصات بالمدرسة الابتدائية ببلحسن    سيدي بوزيد - رئاسية 2024: تسجيل 21 مخالفة انتخابية    سيدي بوسعيد: وزير السياحة يعاين وضعية الميناء الترفيهي و النزل السياحي بالمنطقة    شبيه نصر الله.. هاشم صفي الدين المرشح لقيادة حزب الله    ايطاليا : مشاركة وزير الفلاحة في أشغال منتدى الزراعة لمجموعة ال7    وزير الشؤون الدينية يدعو إلى التقيّد بتعاليم الإسلام في المحافظة على المياه وعدم الإسراف في استعمالها    وزارة الفلاحة ّأمنت منذ 1 سبتمبر2024 تلقيح اكثر من 143 الف كلب و39 الف قط    مدير الحملة الانتخابية للزمّال: "الصراع مع رأس السلطة لن ينتهي عبر الصناديق فقط"    نادرة التومي تتحصّل على جائزة أفضل أداء نسائي دور أول ضمن فعاليات الدورة 14 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    عاجل/ حزب الله يعلن إستشهاد حسن نصر الله    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات اليوم    بلاغ مروري بمناسبة مباراة الترجي الرياضي و الملعب التونسي    خامنئي: " على إسرائيل أن تعرف أنها لا تستطيع إلحاق ضرر كبير بالبناء القوي لحزب الله"    لبنان.. لجنة الطوارئ تعلن تسيير قوافل مساعدات إلى مراكز إيواء النازحين    الولايات المتحدة: تراجع التضخم يحفز جهود تخفيض نسب الفائدة    تونس امام الأمم المتّحدة : التاكيد على مساندة فلسطين واحترام السيادة الوطنية للدول    وزارة السياحة تطلق جائزة "تونس ليك لأفضل فيديو إبداعي في المجال السياحي"    الرالي السياحي "رايد" في دورته الرابعة بتونس من 9 الى 18 أكتوبر 2024    وزارة السياحة تطلق جائزة "تونس ليك لأفضل فيديو إبداعي في المجال السياحي"    مدير عام وكالة التعاون الفني: نحو استراتيجية جديدة لحوكمة التعاون الفني وتوظيف الكفاءات بالخارج    بعد اغتيال نصر الله: نقل خامنئي الى مكان آمن    مليار دينار تحسن رصيد المعاملات الخارجية لتونس    معطيات إحصائية: انخفاض قروض الأسر لدى البنوك    الرابطة الأولى: إدارة شبيبة العمران تهدد بمقاطعة مواجهة النادي الصفاقسي    ر م ع شركة الRFR يكشف موعد انطلاق استغلال الخط D    رجة أرضية في سليانة    طقس اليوم: تغيرات جوية منتظرة خاصة في هذه المناطق    المرسى : محاصرة مجرم خطير مورط في عدة قضايا ومحل تفتيش    لمعلوماتك الشخصية .. قصة القهوة !    المكنين: الاحتفاظ بنفر من أجل محاولة القتل العمد    القبض على 15 عنصرا تكفيريا محل مناشير تفتيش في مختلف ولايات الجمهورية    ليل الجمعة.. سحب بأغلب الجهات تكون محليا كثيفة بالمناطق الغربية    كيف أعرف لون عيون طفلي    عاجل : الحرس الوطني يعلن عن إحباط عمليات التهريب تقدر ب400 ألف دينار    لأول مرة بمستشفى مدنين.. استعمال حقنة "توكسين بوتوليك" لفائدة مريض بشلل نصفي    مدنين: لقاء حول "درع جربة" ضمن مشروع "ماكلتي تونسية"    تكريم المسرحي السعودي ابراهيم العسيري في المهرجان الدولي للمسرح وفنون الخشبة بالمغرب    في السعودية: وزارة الصحة تقدّم تلقيح ''القريب'' في المنازل    عاجل : صاحب أغنية ''كأس العالم 2010 '' الشهيرة متهم بالاعتداء الجنسي    تفاصيل : الشركة التونسية للشحن والترصيف تتسلم معدات جديدة    اسألوني    مدينة مساكن .. أجيال أسسوا تاريخها وشيدوا حاضرها    خطبة الجمعة...المسؤولية أمانة عظمى    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد «الرشيد» بين مؤتمر النهضة والماضي العنيد بقلم: نصر الدين بن حديد
نشر في الفجر نيوز يوم 11 - 07 - 2012

من الأكيد وما لا يقبل الجدل أنّ اليقين في مجال السياسة لا يكون سوى لحظة وقوع الفعل بما يكفي من البراهين وما يلزم من الدلائل والشهود، وما سبق ذلك يكون من مجال المناورة حينًا أو جسّ النبض أو هو الكلام الذي تأتي الوقائع لاحقا لتمحوه وتبدّل بذلك قراءات السياسيين، لنترك لعلم النفس السريري أو غيرها من الاختصاصات، فرصة ودور وتفسير أسباب هذه الظواهر السياسيّة، سوى في بعدها «الأخلاقي» المباشر أو تحليل
جدلية التاريخ وسيرورته
التزم السيّد راشد الغنوشي بعيّد عودته من لندن إثر سقوط بن علي، بعدم الترشّح لقيادة حركة النهضة مجدّدًا، ممّا فتح المجال أمام المحللين والمتابعين لفهم أنّ جيل «التأسيس» و«النضال» والمنافي والشتات، سيترجل عن صهوة الحركة ليترك المجال أمام جيل بقي جلّه داخل البلاد، ولم تفصله عن القيادة في الخارج المسافة فقط، بل اختلافات عديدة، عميقة بعضها، سواء في قراءة مسيرة الحركة وأدائها أو مستقبلها، خصوصا بعد أن فتحت الثورة وسقوط نظام بن علي، الباب على مصراعيه ليس لممارسة نمط جديد من السياسة، بل وهذا الأهمّ قيادة البلاد وتحمّل مسؤولية السلطة.
بعيدًا وتجاوزًا لما يصدر عادة عن قيادات النهضة (كما تفعل كلّ الأحزاب) من قول بوجود «ديمقراطيّة داخل الحركة» تكفل الاختلاف في الرأي وتضمن التعبير الحرّ وكذلك تمكّن من «حسم الخلافات»، يمكن الجزم أنّ الحركة تشقّها صراعات متقاطعة، بل متداخلة، ليس فقط بفعل تشتت القيادات وبقائها دون رابط بين أعضائها لمدّة طويلة، بل وهنا الخطورة لتزامن اختلافات عميقة ومزمنة في قراءة مسيرة الحركة وأساسًا أداء «المرشد الأعلى» وتحكّمه في مفاصل التنظيم سواء عبر «التعيين» أو «التمويل»، حين شبّه قيادي غادر النهضة راشد الغنوشي بالزعيم ياسر عرفات، وأنّ التطابق بينهما شديد (والقول لذات المصدر) في تكوين «بطانة سوء» تتحكمّ في «المرشد» حين تمدّه بما تشاء من «المعلومات والأخبار»...
تراجع السيّد راشد الغنّوشي عن التخلّي عن قيادة الحركة، يطرح أكثر من سؤال «تنظيمي» بالأساس؟ هل وصلت الخلافات بين الأجنحة والتيّارات درجة أجبرت «القائد الأعلى» على البقاء ضمانًا لإستمراريّة الحركة؟ أم قيادة الصفّ الثاني عاجزة عن إفراز رجل بقيمة المرحلة؟
لم تعد النهضة حركة «إسلاميّة» ضمن المعنى المباشر للكلمة، ولم يعد همّها (الأوّل على الأقلّ) التراوح بين التنديد بالقمع المسلط عليها ونفي تهمة «الإرهاب» عنها (أمام الغرب أساسًا)، بل صارت حزبا «حاكمًا» بل هي «الحزب الحاكم» حين تبيّن بما لا يدع للشكّ أنّ الترويكا لم تكن سوى تعلّة لنفي تهم التفرّد بالسلطة وسعيا لإبراز رغبة التوافق السياسي أمام غرب يتصيّد للحركة عثراتها.
ظهرت الحركة على سدّة الحكم بوجه ذلك «البدوي» العاجز عن معرفة أزقّة المدينة السياسيّة وحواريها، وكذلك (على شاكلة البدو) أظهرت غريزة سياسية متميّزة، حين أثبت أنّ حسابات البيدر السياسي أسبق وأبقى وأنفع من قراءات الحقل الفقهي...
من الأكيد كذلك أن تحاول حركة النهضة من خلال مؤتمرها الذي ينطلق غدا بالعاصمة تونس، تجاوز الماضي بتعقيداته الشديدة إلى أفق أرحب، خصوصا وقد أثبتت الوقائع ليس فقط حجم التحديات المرفوعة في وجهها، بل وهنا الخطورة صعوبة (وقد يرى البعض إستحالة) الجمع بين معادلات المرجعية الإسلامية بوجود السلفيّة وحزب التحرير يتصيدان العثرات مهما كانت بسيطة، ومعارضة متشنجة تبحث هي الأخرى، بل تعمل بكل قواها على اسقاط الحكومة وتحجيم النهضة، ومحيط اقليمي مجاور لا يرتاح إلى وجود الحركة في الحكم، دون أن ننسى محيط دولي، لا يزال بين حيطة متواصلة وأمل معقود على دخول جميع الحركات الاسلامية بيت الطاعة، وقد دخل الكثير منها وأظهر من الفروض ما يلزم.
من الأكيد ألاّ يجد السيّد راشد الغنّوشي في أقصى الحالات سوى منافسة شكليّة، تأتي من باب «الزينة الديمقراطية» وليس الخيار البديل أمام المؤتمرين، علمًا وأنّ الرجل قد سيطر على مفاصل الحركة من خلال انتخابات المكاتب المحليّة، حين اشتغلت «ماكينة» الحركة في همّة ونشاط، لتجعل السواد الأعظم من المؤتمرين يناشد ويبايع أكثر منه يقترع أو ينتخب، في سؤال عن علاقة هذه «ماكينة» بكلّ من العمق «النخبوي» للحركة وخصوصا المثقفين، الذين يرون أنفسهم ليس فقط في اقصاء عن «قلب الرحى» ، بل وهذا الأخطر خارج التسميات الحكوميّة، ممّا يدفع للسؤال ليس فقط عن نتائج المؤتمر، بل عن مستقبل الحركة ضمن نسقها الداخلي وتفاعل (بل تدافع) الأطراف مع بعضها البعض.
كان مفهوم «المستقبل» مرتبط لدى النهضة، في جزء كبير منه بتأثيرات الآخرين وما يضعون أمامها من عوائق وما يزيحون من موانع، ليصير هذا المصير مرتبط في جزء ارتفع بشكل كبير، بين أيدي قادة الحركة، وإن كانت التأثيرات «الأخرى» ذات قيمة وتأثير.
ما قدرة النهضة لتجمع «مرجعيّة إسلاميّة» تشكل قاعدتها الشعبيّة، بمتطلبات «الدولة المدنيّة»، دون أن ننسى شروط «الشرعيّة الدوليّة»؟
ما قدرة النهضة للتحوّل من حزب يعاني الاضطهاد إلى حزب «يقيم الحدّ» ويؤمنّ العدل بين الناس؟
ما قدرة النهضة لتجسيد أحلام المريدين وطلبات الأتباع ووعودها للمنتخبين، أمام شعب يطلب «المستحيل»، في زمن صار تحقيق «المطلوب» معجزة كبرى.
أسئلة مطروحة أمام راشد الغنوشي للإجابة عنها، ليس أمام المؤتمرين فقط، بل العمق الشعبي لهذا البلد، حين صارت النهضة ترجم الخصوم بما لها من «شرعيّة الصندوق»!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.