خطاب نتنياهو في الذكرى السنوية لمؤسس دولة إسرائيل (حايم أفيغدور غرين) الذي سمى نفسه بن غريون، دفع المعلقين الإسرائيليين وغيرهم إلى تفسيره وتحليل مدلولاته. فمنهم من قال: إن نتنياهو قد أعلن الحرب بالفعل على إيران، ولم يبق إلا أن يُحدِّد موعدها فقد قال: " لم يأبه بن غريون بالتحذيرات التي وجهها له محبو إسرائيل وأنصارها، ورؤساء الدول في العالم، حينما حذَّروه من مغبة إعلان الدولة عام 1948 ، وقالوا له إن حربا طاحنة ستدور عقب الإعلان، مما سيعرض إسرائيل للخطر،وها نحن اليوم نمر بالظروف نفسها، إذن علينا أن نكون مستعدين لحماية أمننا، فنحن نتعرض لخطر وجودي بفعل السلاح النووي الإيراني" وقال آخرون: إن عادة تخويف الجمهور في إسرائيل، هي تقليدٌ حكوميٌ إسرائيلي، الغرض منه غرضٌ انتخابي بالدرجة الأولى، فإسرائيل هي الدولة الفريدة التي اعتمدتْ نظرية (بالحرب يجتمع شمل الإسرائيليين، وبالسلام يتفرقون) وأشار آخرون إلى أن نتنياهو قَلبَ صفحةَ السلام مع الفلسطينيين والتي كانت تُسبب له الأرق، وتقف كشوكة في حلقه، ونقل المعركة من معركة إسرائيلية فلسطينية، إلى معركة إسرائيلية دولية، وبذا أسدل الستار على الحقوق الفلسطينية المشروعة! وقال آخرون: إن نتنياهو تذكَّر بِزَّتَهُ العسكرية، عندما كان أحد جنود فرقة الكوماندو الإسرائيلية الخاصة. غير أن نتنياهو أشار إلى نقطة جوهرية في خطابه السابق، وهي أنه خليفة القائد بن غريون، فكل رؤساء الوزارات الذين تناوبوا على الحكومات، ليسوا على شاكلته، فإذا كان بن غريون هو المؤسس للدولة، فإن نتنياهو هو ناصر الدولة، أو عَضُد الدولة، أو ركن الدولة! وإذا كان بن غريون قد تحدَّى العالم بإعلانه دولة إسرائيل، على الرغم من أن معظم مؤسسي الجامعة العبرية اليهود ومنهم: يهودا ماغنس وألبرت أنشتاين، وأحد هاعام وناحوم سوكولوف قد أبدوا تحفظات على إعلان الدولة وقالوا إنها ستجلب الهلاك لليهود؛ إلا أن نتنياهو في عام 2011 ، حرَّر غلعاد شاليت من الأسر، وطرد معظم سكان القدس الفلسطينيين من بيوتهم، وأشرف على إنجاز أكبر عمليات الاستيطان في تاريخ إسرائيل، وأقرَّ الخطة العسكرية العملية لضرب المفاعلات النووية الإيرانية! فهو إذن ليس تلميذا لبن غريون، بل هو الخليفة للحاخام مائير بار إيلان وهو من أبرز مؤسسي التيار الديني الصهيوني (مزراحي) المولود في روسيا 1880 التي تُنسب له جامعة بار إيلان والذي قال عام 1937: " يجب أن نكون مستعدين لتحمل أقسى الظروف وحتى خوض الحرب لنرث أرض إسرائيل، أرض التوراة الموعودة، ولن نساوم على تقسيم وطننا، فأرض إسرائيل كل إسرائيل هي لنا " وقال في خطاب ثانٍ في احتفال في تل أبيب عام 1948: "إن زي الجيش الإسرائيلي لا يشبه أزياء الجنود الآخرين ، فجنود إسرائيل يلبسون لباس [ مملكة إسرائيل] التي أعيد بناؤها بعد ألفي عام "! لهذا كان رد نتنياهو على أوباما في جامعة القاهرة في الرابع من يونيو 2009 ، فردَّ عليه نتنياهو بخطابه المشهور، ليس في الكنيست أو أي مكان آخر،بل في جامعة بار إيلان، بعد عشرة أيام ! وعندما يضرب نتنياهو إيران، فإنه يصبحُ أكبر منزلةً، وأعلى درجةً من بن غريون، وحتى من أستاذه بار إيلان، لأن إيران من أقوى دول الشرق الأوسط !! كما أن بارانويا نتنياهو امتدت إلى حزبه" الليكود" فهو يستعجل انتخابات البرايمرز، ليجني ثمرة انتصاراته المتعدده، وليستثمر تهديداته، وليتخلص من منافسَيْه، سلفان شالوم وموشيه فايغلين"!!