زهير أندراوس: الناصرة 'القدس العربي' اندلعت هذا الاسبوع أزمة غير مسبوقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبين مستشارة ألمانيا أنغيلا ميركل، وذلك إثر إعلان هذه الأخيرة، خلال محادثة هاتفية مع نتنياهو قبل بضعة أيام، أنها تشعر بخيبة أمل منه لأنه لم يفعل شيئاً لدفع السلام مع الفلسطينيين قدماً. وقد حاول نتنياهو، بحسب ما أفاد به المراسل السياسي لصحيفة 'هآرتس' العبرية، باراك رافيد، إقناع ميركل بأنه على أعتاب خطوة من شأنها أن تدفع السلام قدماً، مؤكداً أنه سيلقي الشهر المقبل خطاباً يعرض فيه خطة سياسية جديدة. وقال مصدر ألماني رفيع المستوى للصحيفة الإسرائيلية إنّ نتنياهو هو الذي بادر الاثنين الفائت إلى إجراء محادثة هاتفية مع ميركل، وذلك عقب قيام ألمانيا بالتصويت إلى جانب مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي ينص على إدانة إسرائيل بسبب استمرارها في أعمال البناء في المناطق المحتلة، والذي جوبه بالفيتو الأمريكي، وكانت المحادثة بين الاثنين قاسية جداً، وتضمنت تبادلاً للاتهامات بلهجة حادة للغاية. ولدى قول نتنياهو أنه أصيب بخيبة أمل جرّاء تصويت ألمانيا ردت عليه ميركل قائلة: كيف تجرؤ على قول هذا؟ أنت الذي خيبت أملنا، ولم تفعل أي شيء لدفع السلام قدماً.وإزاء ذلك، فإن رئيس الحكومة أكد لمستشارة ألمانيا أنه يعدّ العدة لإلقاء خطاب سياسي جديد في غضون أقل من شهر، لكنه رفض كشف أي تفصيلات بشأنه. وأضاف المصدر الألماني نفسه قائلاً للصحيفة العبرية إنّ المستشارة الألمانية ميركل لم تصدق ما قاله نتنياهو، وأنها حاولت أن تدرس مع أطراف أخرى إسرائيلية وأجنبية ما إذا كان جاداً فعلاً، أم إنه يحاول كسب مزيد من الوقت في مقابل الضغوط الدولية التي تُمارس عليه في الآونة الأخيرة. وتبين دراسة أجرتها صحيفة 'هآرتس' مع عناصر إسرائيلية مطلعة أن نتنياهو ومستشاريه يشعرون بالقلق فعلاً، وأنهم يبحثون عن مخرج من الطريق المسدودة التي وصلت إليها عملية السلام مع الفلسطينيين، وذلك في ضوء تفاقم عزلة إسرائيل الدولية. وقال مصدر مقرّب من وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان إن رئيس الحكومة بدأ في الآونة الأخيرة يتكلم فعلاً على خطاب بار إيلان 2، والقصد هو خطاب بار إيلان الأول، والذي أكد فيه نتنياهو في حزيران (يونيو) من العام 2009 على قبوله بمبدأ دولتين لشعبين، الإسرائيلي والفلسطيني. وقال مصدر آخر إن نتنياهو ومستشاريه يعملون على إعداد خطاب يعرض خطة سياسية جديدة وبديلة تتضمن تسوية مرحلية مع الفلسطينيين، وتكون شبيهة بخطة ليبرمان في هذا الشأن. ومع ذلك، فإن العناصر كلها التي تحدثت 'هآرتس' معها أكدت أنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان المقصود هو خطوة جادة من جانب نتنياهو، أو مجرد محاولة تكتيكية أخرى تهدف إلى عرض خطة سياسية في الظاهر فقط، في حين أن الهدف الحقيقي وراء ذلك هو توجيه الضغوط الدولية نحو الفلسطينيين وإظهار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بمظهر الرافض للسلام. من ناحية أخرى، قالت الصحيفة العبرية إنّ مسؤولاً كبيرا في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفى أن يكون نتنياهو تعهد بإلقاء خطاب سياسي جديد في غضون أقل من شهر، مؤكداً أنه، أي رئيس الحكومة، سيلقي خطابا في حال تجددت العملية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على حد قوله. وكان نتنياهو قد تطرق إلى الثورات والانتفاضات التي تشهدها عدة دول عربية، وقالً: نحن نمر بمرحلة انتقالية غير مستقرة قد تستمر سنوات عدة. وأضاف: نأمل أن ينتقل العالم العربي وإيران لديمقراطية حقيقية، وعلينا أن نجهز أنفسنا لكل تطور. وحذر نتنياهو من تداعيات سقوط أنظمة عربية محيطة بإسرائيل، وقال: قد يكون نقاش حول وجود شريك (للسلام) حالياً، لكن هناك عدم يقين بشأن وجود شريك غداً... أفضل خبراء الإستخبارات ووكالات الإستخبارات لدول عديدة لم يتوقعوا ما حدث وغير قادرين على القول لنا كيف سينتهي هذا الضجيج. لا نعرف ماذا سيحدث من الجهة الغربية لنا ولا الشرقية، وليس هناك من يؤكد لنا أن الدولة الفلسطينية المتبلورة ستصمد؟. وتابع: ما الاستنتاج من كل ما حدث؟ السلام الفعلي على أرض الواقع (دي فاكتو) الذي كان مع إيران، تبخر خلال لحظة، فيما أن علاقات رسمية عميقة مع تركيا شملت مناورات مشتركة و400 ألف سائح ذابت في ليلة عندما هاجم رئيس الوزراء التركي الرئيس بيريس في دافوس، اليوم نرغب بضمان اتفاقيات السلام مع مصر ومع الأردن. وزعم نتنياهو ان سبب عدم الاستقرار في المنطقة ليس الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بل القوى الإسلامية الراديكالية التي تخترق كل مكان، على حد تعبيره.