أقرّ رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بأن الحرب على العراق مثّلت «كارثة» معتبرا أن المصاعب التي تواجهها قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني في العراق سببها «خطأ في عملية التخطيط» حسب قوله. وفيما سعت الحكومة البريطانية الى التقليل من آثار تصريحات بلير جدّد رئيس الوزراء البريطاني دعوته سوريا وإيران الى أن تصبحا شريكتين في المساعي لإقرار السلام في الشرق الأوسط أو مواجهة عزلة دولية. وجاءت تصريحات بلير في مقابلة مع قناة «الجزيرة الانقليزية» أجراها الاعلامي البريطاني ديفيد فروست حيث قال في ردّ على سؤال حول ما إذا كانت تلك الحرب «كارثة» قال بلير «نعم كانت كذلك». * اعتراف لكنه استطرد قائلا «لكنني أقول للناس لماذا هو الوضع صعب في العراق إن ذلك بسبب خطأ ما في عملية التخطيط». وأضاف بلير «الوضع صعب لأن هناك استراتيجية متعمّدة (فالقاعدة والمتمرّدون السنّة من جهة والعناصر التي تدعمها إيران مع المسلمين الشيعة في الجهة الأخرى) خلق وضعا تحلّ فيه رغبة الاغلبية في السلام محل إرادة الأقلية للحرب» على حدّ تعبيره. وقد سارعت الحكومة البريطانية أمس الى التقليل من أهمية تصريحات بلير. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية ان تصريحات بلير أسيء فهمها، وأضاف ان «رئيس الوزراء لم يستخدم كلمة كارثة». وأوضح المتحدث أن «ما يقوله (بلير) هو أن العنف في العراق هو طبعا أمر يؤسف له بشدة وهو أمر مأسوي وصعب للغاية، ولكن هذا العنف هو نيتجة تدخلات خارجية بغيضة وليس نتيجة خطأ في التخطيط قبل ثلاث سنوات». لكن المعارضة تحرّكت لمهاجمة بلير عقب هذه التصريحات حيث رحّب زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي (الحزب المعارض الثاني في بريطانيا) منزيس كامبل بهذه التصريحات التي اعتبر أنها حجة على بلير. وقال كامبل «أخيرا أقرّ بلير بجسامة قرار شنّ عملية عسكرية ضد العراق» مؤكدا أن «فشل الاستراتيجية صار واضحا». وأضاف كامبل «إذا كان رئيس الوزراء يعتبر أن ما جرى هو كارثة فإنّ من حق الشعب البريطاني والبرلمان البريطاني مطالبته بتقديم اعتذارات». من جانبها اعتبرت متحدثة باسم حزب المحافظين، غريم حزب العمال الذي ينتمي إليه بلير أن تصريحات بلير تؤكد ضرورة فتح تحقيق بشأن الطريقة التي قرّرت بها بريطانيا التدخل العسكري في العراق. إلى ذلك قالت وزيرة بريطانية ان حرب العراق كانت «أكبر خطأ في الشؤون الخارجية» ارتكبه طوني بلير وهو ما قد يسبّب إحراجا جديدا لحكومة بلير. وقالت صحيفة إلينغتون تريبيون وهي صحيفة محلية بشمال لندن ان مارغريت هودج وزيرة الصناعة اتهمت بلير أيضا «بالاستعمار الأخلاقي» محاولا فرض القيم والمثل البريطانية على الدول الأخرى. وأضافت الصحيفة أن هودج أدلت بهذه التصريحات خلال حفل عشاء خاص في معهد أبحاث حضره رئيس تحرير الصحيفة ولم يتسنّ الاتصال بهودج للتعليق على ذلك. وواجه بلير في الأشهر الأخيرة انتقادات متزايدة لاستراتيجيته في العراق من قبل ساسة وعسكريين. وقال بلير ان استراتيجية بريطانيا في العراق «لا بدّ أن تتغيّر». ونقلت الصحيفة عن هودج قولها انها ساورتها شكوك منذ عام 1998 بشأن سياسة بلير الخارجية لأنه كان مؤيدا ل «الاستعمار الاخلاقي». * سوريا وإيران وقد دعا بلير مجددا سوريا وإيران الى المشاركة في المساعي لإقرار السلام في الشرق الأوسط أو مواجهة عزلة من الأسرة الدولية. في الأثناء وصل الخليفة المحتمل لبلير، وزير المالية البريطاني جوردن براون الى العراق أمس في زيارة مفاجئة لآلاف الجنود البريطانيين فيما اعتبر أنه ترويج لمنصبه المتوقع في رئاسة الوزراء. وقال براون الذي التقى مسؤو لين عراقيين كبارا «إنني هنا لأرى ولكي أشيد بالعمل المهم الذي تقوم به قواتنا وللاجتماع مع الوزراء العراقيين لبحث التحديات التي تواجههم» حسب تعبيره. وأضاف براون «نحن ملتزمون بدعم العراقيين في بناء أمّة ديمقراطية تجلب الأمن والرفاهية لشعبها وتقوم بدور كامل في اقتصاد المنطقة والعالم» على حدّ قوله.