الآن وقد أفضت كل التقارير الى النتيجة ذاتها: العراق خال من أسلحة الدمار الشامل... قال كوفي عنان وهو الأمين العام للامم المتحدة إن هذا «لم يفاجئه»... حتى أنا لم يفاجئني هذا التعليق البارد... رؤساء فرق التفتيش أيضا لم تفاجئهم نتائج التقارير ومع ذلك فهم ومعهم كوفي عنان كانوا دوما ورغم عدم عثورهم على دليل يتركون الباب مفتوحا لمزيد الشكوك وتسهيل تأويلات الراغبين في اعلان الحرب... والآن لا احد يتذكر... حتى الدول التي عارضت قيامها تتجاهل نتائج هذه التقارير حتى لا تحرج صناع الحرب... كذلك وسائل الاعلام بمختلف لغاتها تتعامى عن بطلان هذا الاعتداء ببطلان حجته... ولكنها تتحاشى الموضوع وتفضّل الهروب الى الأمام حيث تختار المواضيع التي تبرر تواصل الاحتلال... الاعلام الغربي الذي عودنا على الدروس والهمز واللمز فقد فصاحته فجأة... لم يعد يهمه ما يجري في العراق... كانوا هناك بالمئات عند الغزو لنقل «الفرجة»... ثم اختفوا بعد الدمار وقبلوا ببث ما يسمح به المحتل وما يقوله المحتل حتى وإن كذب... إنها المعلومة الرسمية وليست المعلومة الصحيحة... كل المخابرات الغربية ساهمت قبل الحرب في تزويد الحلفاء بالادلة القاطعة عن امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل... ولهذا فإن لا أحد يرفع صوته اليوم ليتهم: كلهم متورطون... كذلك مخابرات بعض الدول العربية... لهذا فقط نفهم الصمت المريب حول نتائج التقارير لأن ما خفي اعظم... كم من مسؤول عربي نادى من أعلى منبر بضرورة نزع العراق لأسلحته لنزع فتيل الحرب... كم من بيان «اقليمي» اكد هذا... كم من مقال! والآن ماذا على العراق ان ينزع ليستعيد سيادته... الى حد الآن نُزعت منه الاعترافات عن أسلحة لم يقترفها نزع منه الامان والطمأنينة... نزع منه كبرياء حاضرة الدنيا... نزع منه شماله وجنوبه... نزع منه رغيف الخبز... والحلم والنفط... نزع منه غده... ماذا بقي اذن ودخان الحرب الاهلية في الهواء... هل سينزع العراق سنّته أم شيعته ام اكراده ام تركمانه؟ ليصبح بلدا مستقرا حسن السيرة... وماذا يقول العرب وهم في النازعات غرقا؟!!