بينما الانظار مشدودة الى العراق وفلسطين... يجري تقطيع أوصال دولة عربية أخرى اسمها السودان... حيث تعمل المنظمات «الانسانية» جنبا الى جنب مع قوى غربية لتمزيق ما يفترض ان تكون سلة غلال العرب، ضغوط من كل جانب وتهديد ووعيد لتحقيق مآرب كثيرة في بلد عملت الجهات الاجنبية على تأييد الحرب الاهلية فيه وعلى تأجيج الفتنة... ومن خلال الفتنة والتقسيم العرقي والطائفي يتم تقسيم ثروات هذا البلد الذي لم يجد الوقت ليبني ويزرع ولم تهتد اليه الاستثمارات العربية التي تفضل السياحة في البنوك الغربية... السودان لوحده كفيل بضمان الاكتفاء الغذائي العربي... ولكن من يسمع!! النار والدخان في فلسطين والعراق ولا أحد ينتبه بجدية الى ما يجري هناك ولكن الاهداف هي نفسها ولو كانت بلا دخان وبلا فرقعات... فهذا كوفي عنان يكلف نفسه عناء التحول بنفسه الى السودان وهو يمسك بيد الوزير كولن باول ليعاين ظروف الأهالي المهجرين والذين يعانون من العنف... ولقد نقلت تلفزات العالم حزمه وعزمه وتهديداته للسودان... بعد ان ردد بالحرف ما قاله كولن باول... غير اني أسأل لماذا لم يكلف عنان نفسه مشقة التحول الى فلسطين ليرى بنفسه كيف تجرف الارض ويردم الناس تحت الانقاض... لماذا لم يبد نفس العزم فيدلي بتصريحات مشابهة تجاه محتل تقول الاممالمتحدة انه غاصب ومحتل... هل ان ما يحدث في فلسطين لا يثير الضمير الانساني... هل ان ما تقوم به اسرائيل من تنكيل وقتل لا يستحق مجرد تصريح ام ان الرجل يخشى ان يتهم بمعاداة السامية... بالتأكيد لن يوجه له كولن باول بطاقة جلب الى فلسطين كما فعل معه في السودان... للاسف الشديد سيذكر التاريخ ان الاممالمتحدة عرفت اسوأ او اخطر مرحلة في وجودها ايام السيد كوفي عنان... لا احد يحمله كل المسؤولية ولكنه ساهم بقسط كبير في تدهور مكانتها لانه ببساطة يرفض المواجهة والصدام ويغلب عليه انضباط الموظف... حيث لا موقف ولا مجازفة... والحق يحتاج الى شجاعة... بل ان الشجاعة في الحق هي التي تؤمن الحد الأدنى من الشرعية والسلام في العالم... كيف يمكن السكوت عما يجري في العراق... كيف يمكن للامم المتحدة ان تقبل بالاحتلال ثم تزيد فتضفي عليه شرعية غريبة ثم تزيد فتسمي المحتلين قواتا متعددة الجنسيات... وتقبل محاكمات بلا سيادة وبلا قانون وتسكت عن «أبو غريب»... وتسكت عن «أسلحة الدمار الشامل» الوهمية... مثلما سكت العالم عن سحب كوفي عنان لموظفيه ومفتشيه من العراق ليمكن امريكا من قصف العراق... لا أحد يطلب المستحيل من كوفي عنان امام تعنت الولاياتالمتحدة واستخفافها بالمؤسسة نفسها ولكن هناك مواقف يسجلها التاريخ ولن يزيدها غضب الاقوياء الا بريقا وخلودا...