مضت أمس خمسة أعوام على عقد مؤتمر الحزب الاجتماعي التحرري الذي أفرز انتخاب القيادة الحالية برئاسة السيد منير الباجي أو بأكثر دقة من تبقى منها باعتبار أن ستة من أعضاء المكتب السياسي المنبثق عن مؤتمر «حي الشباب» في 27 فيفري 1999 أطردوا من الحزب وغادروه ليكوّنوا جبهة معارضة. ووفق القانون الأساسي للحزب فإن المدة النيابية للقيادة الحالية قد انقضت دون أن يتم الاعلان أو الاشارة الى قرب أو امكانية عقد مؤتمر وطني جديد خلال السنة الحالية لانتخاب مكتب سياسي جديد. ولا يستبعد أن يتم الاعلان عن ذلك خلال المجلس الوطني الذي تستعد القيادة الحالية لعقده خلال الأسابيع المقبلة، رغم أن عديد الأطراف تؤكد أنه لن يتم عقد هذا المؤتمر قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة التي من المفترض أن تتم في أواخر العام الحالي. ولا يعرف ما إذا كان المكتب السياسي سيطلب من المجلس الوطني، الهيكل صاحب القرار بين مؤتمرين، تمديدا استثنائيا لمدته النيابية ليواصل نشاطه بصفة قانونية. وبغض النظر عن قانونية وشرعية عمل القيادة الحالية الى حين المؤتمر القادم، فإن الحزب يعيش الآن وضعا صعبا باعتبار وجود قضية محاسبة للقيادة تتهم فيها القيادة وأساسا رئيس الحزب بتجاوزات مالية وادارية وترمي الى وضع الحزب تحت حراسة قضائية وهي حركة اعتبرتها القيادة محاولة لتكبيل الحياة الديمقراطية في البلاد في حين رأى أصحاب القضية انها تكرّس استقلالية القضاء وتدعم دولة القانون والمؤسسات. ومهما يكون مآل القضية، فإن الحزب يبدو في وضعية صعبة من حيث وجوده وتمثيليته في الخارطة السياسية بالبلاد بعد 15 سنة من التأسيس، ومن حيث الهيكلة اذ يبدو أنه من أقلّ الأحزاب انتشارا داخل البلاد رغم أن قيادته أكدت مؤخرا أنه تم «بعث جامعات جديدة سيتم الاعلان عنها وهي تغطي كامل أنحاء الجمهورية». كما لا يضم الحزب بين كوادره شخصيات معروفة على الساحة السياسية باستثناء رئيسه السيد منير الباجي ونائب الرئيس السيد منجي الخماسي وكاتبه العام الدكتور حسين الأحمر. ويفتقد الحزب، كأغلب أحزاب المعارضة، الى استراتيجية واضحة يستند اليها برنامجه أو مشروعه رغم أن المكتب السياسي الحالي أكد في اجتماعه الأخير أن رئيس الحزب تقدم بمشروع لمجتمع ليبرالي اجتماعي مستقبلي جديد وقرر عرضه على هياكل الحزب عبر كامل أنحاء الجمهورية لتدارسه. ويطرح هذا التشخيص سؤالا مهما وجوهريا حول قدرة الحزب في ظل هذه الأوضاع على اعادة هيكلة نفسه وخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة على الأقل منافسة بقية الاحزاب المعارضة على الخمس المضمون في البرلمان خاصة وانه لم يتحصل في انتخابات 24 أكتوبر 1999 إلا على مقعدين من جملة 33 مقعدا تحصلت عليها خمسة أحزاب معارضة. فكيف ستتصرّف القيادة الحالية قبل ثمانية أشهر من الموعد الانتخابي وهل تقدر على الخروج من هذه الوضعية بفضل الاصلاحات والقرارات المعلن عنها منذ أسبوع؟