انتشرت مؤخرا ظاهرة الكتابة والرسم على الجدران بين عامة الشباب بولاية سليانة وزادت خاصة بعد الثورة حيث ملأت الكتابات جدران المؤسسات العمومية والخاصة وكذلك التربوية. هي ظاهرة اجتماعية انتشرت بشكل كبير فهي لم تستثن أيا من الفئات العمرية من شباب وأطفال ومراهقين, لتجد كتابات في السياسة والدين وكتابات انتقدت عمل الحكومة, كذلك كتابات تندد بالاغتيال الذي وقع مؤخرا وراح ضحيته الشهيد شكري بلعيد لا يكاد يخلو شارع او نهج او زنقة من الكتابات على الجدران انها بدت كلوحات زيتية منها ما يبعث جمالية واخرى النقيض لكن ما يلفت الانتباه ان اللون الطاغي هو اللون الاحمر يليه اللون الاسود.
الشعب يريد اسقاط النظام لا تزال تكتب الى حد الان «وشكون قتل بلعيد» وشعار اخر ينادي بالحرية واخر يساند النظام الحاكم حتى انه اضحى من البديهي ان الشعارات تكتب علنا وفي وضح النهار ومؤيدة من قبل الاحزاب كأنها عملية تسويقية لحزب ما.
تقول مروى «أنا اعتبر أن هذه الظاهرة تعود إلى نقص في التواصل داخل الأسر التونسية والتي تعتبر النواة الأولى لتكوين شخصية المراهق بالإضافة الى نقص الحوار بين اطياف المجتمع وهو ما يدفع الشاب للبحث عن بديل يتيح له التعبير عن ذاته أو رأيه دون حاجز ولا رقيب فهو يرى في الجدار فضاءه الحر لإيصال صوته والتعبير عما يخالج نفسه خاصة في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد سواء كانت اجتماعية أو سياسية». وفي ذات السياق يضيف الشاب علي مؤكدا ان هذه الظاهرة وقتية وسوف تتلاشى مع ازدياد حرية التعبير خاصة ما بعد الثورة وبعد سنين من القمع الذي عانى منه الشعب التونسي ويمكن للمواطنين التعبير عن أرائهم وإيصال أصواتهم عبر الإعلام دون خوف ودون الاختباء وراء الكتابة على الجدران وأرى أن على السلط المعنية ان تتدخل لوضع حد لهذه الظاهرة وان يتم معاقبة كل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الافعال لأنه يساهم في تشويه جمال المدينة حتى ان بعض الكتابات تحمل معان غير اخلاقية حتى انه اضحى يتحرج عندما يكون مصاحبا لاحد افراد عائلته المقربة فعديد الكتابات تمس من الحياء.
وجهنا سؤالنا الى اخصائية اجتماعية السيدة الفة الدريدي حول اسباب تفشي هذه الظاهرة التي تفاقمت وبشكل ملحوظ والسبل من اجل القضاء عن هذه الظاهرة والتي اضحت سلبية اكثر منها ايجابية فبينت بأن هذه الظاهرة مؤقتة وسوف تتلاشى مع ازدياد هامش حرية التعبير عن الرأي في تونس مابعد الثورة وبعد خروج الإعلام من قوقعته وتنسم الحرية أصبح متاحا لكل مواطن أن يعبر عن أرائه سواء الاجتماعية آو السياسية فالكتابة على الجدران تعتبر رؤية تعبيرية لتؤكد بأنه لابد من ضرورة تفعيل جانب الحوار ولا سبيل لمعالجة هذه الظواهر الاجتماعية إلا بالطرق التوعوية والعمل على غراسة ثقافة الحوار وتضيف بان الأمر يحتاج إلى بعض الوقت حتى ننتج جيلا قادرا على التعبير عن ذاته وقبول الأخر دون الحاجة إلى ممارسة «العنف ألجداري» كما ترى بأنه يجب الإحاطة بالشباب وخلق فضاءات لهم ليتمكّنوا من صقل مواهبهم الفنية والتعبير عن آرائهم دون التعدي على الأشخاص والممتلكات.