رغم مرور سنتين عن ثورة الحرية والكرامة فان اهالي مدينة جندوبة احتفلوا بها في صمت وبداخلهم حيرة كبيرة واستياء من تواصل سياسة التهميش وغياب التنمية وتفاقم نسبة البطالة. رغم هذه الظروف فإن الأمل قائما في مستقبل افضل ولو بشيء من الصبر.
أغلب المواطنين الذين التقتهم «الشروق « أوضحوا أن الجهة مازالت تعيش تحت وطأة التهميش والإقصاء من خلال غياب كل مؤشرات التنمية وتطور البنية التحتية وهو ما زاد في تعميق البطالة بالجهة وخاصة من أصحاب الشهائد و تواصل احتجاجاتهم وتكررها وكلها لنفس المطالب وهي التشغيل واستحقاقاته وقد أكد عدد من الشبان أن الانتدابات في الجهة كانت تعد على الأصابع بعد الثورة وهو وضع يدعو للاستغراب.
الجهة مازالت تعاني تواضع البنية التحتية من طرقات ومسالك وإدارات للخدمات ويظهر ذلك جليا بالقرى والأرياف والأحياء الشعبية بما حولها لقنبلة موقوتة كانت تداعياتها كثيرة من خلال انتشار ظاهرتي المخدرات والسرقة وتواصل هذا الوضع رغم تكرر نداءات الاستغاثة ومطالب التنمية العادلة وتطوير الخدمات والتدخلات لانقاذ الشباب من البطالة والمدن من غياب البنية التحتية القادرة على تأدية دورها للمواطن المتعطش للتغيير نحو الأفضل ليتجاوز سنوات الفقر والحرمان والإقصاء.
لا أحد ينكر أن الجهة غنية بالموارد الطبيعية الكثيرة والمتنوعة بفضل سهولها المترامية ومساحاتها السقوية الممتدة على قرابة 45 ألف هكتار وكذلك الغابات الغنية بالموارد الطبيعية والمواد الإنشائية وكذلك الثروة المائية الطائلة إلا أن الجهة لم تنتفع البتة من هذه الثروة فغابت المعامل والمصانع التحويلية لهذه المواد التي انتفع منها الآخرون ولم تنتفع منها الجهة وهي سياسة اقصاء وتهميش ممنهج تواصلت لأكثر من نصف قرن. وغياب التمتع بهذه الخيرات الطبيعية سبب عدة أوضاع صعبة بدءا بالعطش الذي طال آلاف العائلات وكانت المعاناة كبيرة في تحصيل ماء صالح للشرب و بقي الآلاف منهم يشربون من العيون الطبيعية واللآبار، وهي مياه قد لا تتوفر فيها أبسط الشروط الصحية وهي نفس المياه التي يحرم منها الفلاح زمن الذروة بتعلة عدم تسديد الديون أو روزنامة فاشلة.
أما المواد الإنشائية فحدث ولا حرج فرخام شمتو مثلا الذي يمتد على جبل طوله قرابة 15 هكتارا من أفضل الرخام في العالم يتم اقتناؤه من طرف الشركة المنقبة ب200 مي للمتر المربع ليتكلف بعد صقله وتصنيعة بآلاف الدنانير ومن يقدر على هذا الرخام الذي يراه أهله قوالب فقط تحمل على الشاحنات نحو وجهات أخرى يربح معها أصحابها المليارات وتنال الجهة السراب.
هذا دون أن ننسى غياب السياحة البيئية وتواضعها رغم ما تحتويه الجهة من معالم أثرية ومواقع طبيعية كانت ستوفر لو وجدت الإرادة مواطن شغل وحركية اقتصادية وسياحة طبيعية ترقى بالجهة نحو الأفضل . وكذلك غياب الاستثمار للطاقات الغابية الرهيبة في مشاريع طبية وصحية.
الجهة وعلى كثرة مواردها الطبيعية غير المستغلة على الوجه الأكمل بما يوفر حلولا اقتصادية وتشغيلية وتنموية فإنها عانت ولا تزال من الكوارث الطبيعية التي تعاقبت ولا تزال في ظل غياب حلول جذرية تخلص السكان من هذا الضيف الثقيل، والكوارث الطبيعية تنوعت بالجهة وتعاقبت بصفة دائمة وفي جميع الفصول وهي متنوعة من فيضانات وثلوج وحرائق كانت نتائجها وخيمة على جميع الجهات الجهة عموما يتطلع أهلها لواقع أفضل يؤكد أن الثورة فعلا حصلت بما يؤكد أن عدة أشياء تغيرت معها وهذا يتطلب طبعا استراتيجيا جديدة في توزيع الثروات وحسن استغلالها ومع ذلك يبقى الامل قائما في غد افضل.