روى لي أحد الأصدقاء المسرحيين انه فوجئ بمديرة دار ثقافة تضع شعار احد الاحزاب الحاكمة فوق مكتبها وذلك في إحدى المدن الداخلية . من حق اي مواطن الانتماء للحزب الذي يعبر عن رؤيته السياسية والثقافية هذه مسألة بديهية ولا تحتاج الى ان تكون موضوعا للجدل لكن من بين المطالب التي حققتها الثورة هي استقلالية المرفق العمومي فطيلة سنوات حاصرت السلطة الفضاء العمومي وخاصة الثقافي لانه مجال للجدل والنقاش وهذا اثر على حيوية المشهد الثقافي وساهم في انحدار العمل الجمعياتي واللجان الثقافية التي كان يتحكم الحزب الحاكم في تركيبتها وكذلك المهرجانات ومختلف التظاهرات الثقافية .
ان تراجع استقلالية الفضاء الثقافي التي بدات تلوح تدريجيا ستعيدنا الى المربع الاول وستضيع معها أحلام المبدعين في ان تكون المؤسسة الثقافية منتصرة للإبداع والفكر بغض النظر عن الحزب الحاكم او انتماء المشرف عليه الذي يفترض ان يفصل بين انتمائه الحزبي ونشاطه في المؤسسة فلا يحرم مبدعين من فرص العمل او النشاط لمجرد انهم لا يشاركونه أفكاره ولا رؤاه .
هذه الحادثة علمت ان السيد الوزير فتح بحثا في شأنها وهذه علامة إيجابية تؤكد شفافيته وحرصه على استقلالية المؤسسة الثقافية التي نحلم ان تكون احد المكاسب لتونس الجديدة بغض النظر عن الحزب الحاكم فلابد من التمسك بفصل الحزب عن الدولة وبدون هذا ستكون الديمقراطية مجرد شعار وهمي لا يليق بدماء الشهداء .