حدثني صديق من مديري دور الثقافة في إحدى مدن الجنوب، قال لي إنه فوجئ أكثر من مرة بزيارة السيد المعتمد مرفوقا بممثل أحد أحزاب الإئتلاف الحاكم للوقوف على الترتيبات الضرورية لنشاط نظم بمناسبة الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي.
زيارة السيد المعتمد بما يمثله من رمزية إلى دار الثقافة معقولة ولا تثير أي خوف فالمؤسسة الثقافية مؤسسة عمومية والسيد المعتمد هو ممثل الدولة في المدينة ومن الطبيعي أن يطلع على سير العمل في المؤسسات التي قد تحتاج إلى متابعة لكن مثار الخوف هو «المرافق» الذي يذكرنا مباشرة بالسنوات السوداء التي كانت فيها لجان التنسيق وجامعات الحزب المنحل تتحكم في كل شئ وتوزع صكوك البراءة على المثقفين وتقصي من شاءت وتدعم من تشاء فقد كانت لجان التنسيق هي التي تحدد اللجان الثقافية وهي التي تحرم الجمعيات من النشاط داخل الفضاءات الثقافية كما تتدخل في مؤتمرات الأحزاب والجمعيات.
توغل الحزب الحاكم سابقا وسيطرته على مفاصل الدولة قاد البلاد إلى خراب حقيقي وقد جاء يوم 14 جانفي للقطع مع هذا السلوك السياسي اللاديمقراطي لكن ما نسمعه اليوم عن هذه الزيارات وما شابهها وعن تردد عدد كبير من المثقفين والمبدعين على مقرات أحد أحزاب الثلاثي الحاكم كل هذا يجعلنا نشعر فعلا بالخوف من المستقبل فياخيبة المسعى ويا ضياع الأحلام لو كان الإئتلاف الحاكم بأحزابه الثلاثة سيعيدنا إلى ما كنا عليه من تحكم في الفضاءات الثقافية وسيطرة مطلقة على مفاصل النشاط الثقافي في الجهات خاصة.
الحرية والأستقلالية شرطان لابد منهما لحياة ثقافية حقيقية وما دون ذلك حرث في البحر وتبديد للمال العام وضياع للجهد والوقت لأن هذا السلوك سيعيدنا إلى المربع القديم الذي انتفضت البلاد من أجل القطع معه.