بكثير من الأسف وشيء من الاحباط تحدث السيد نبيل القروي عن القضية المرفوعة ضده بوصفه صاحب قناة نسمة التلفزية غدا أمام القضاء من أجل شريط سينمائي كرتوني «برسيبوليس». «برسيبوليس» الايراني الانتاج والاخراج أو «بلاد فارس» في ترجمته العربية طبع مسيرة الأحداث في تونس ففي شهر أكتوبر استفاق الشارع التونسي على احتجاجات ملأت شارع محمد الخامس بالعاصمة وانشغل الاعلام الوطني بهذه الحادثة ولم تبخل الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات بسيل من بيانات التنديد والشجب للهجوم الذي شنّته مجموعات من المواطنين من الملتحين وغير الملتحين احتجاجا على ما أطلق عليه مساسا بالذات الإلهية وبالمشاعر الدينية وهبّ لنصرة المحتجين أشخاص لم يكونوا على علم بفحوى الشريط الكرتوني ولا بالمقاطع التي اعتبرت مساسا بالمقدسات. التقينا السيد نبيل القروي في مكتبه وبادرناه بالسؤال: هل قصدت فعلا الاساءة للمقدسات الدينية بعرض شريط «برسيبوليس» على القناة التلفزية نسمة؟ لم يدر في خلدي يوما أن هذا الشريط سيثير كل هذه الضجة فقد تمّ عرضه في أيام السينما الأوروبية سنة 2007 وعرضته إحدى قاعات السينما سنة 2008 وفاز مخرجه بجائزة الحكام في مهرجان «كان» السينمائي خلال سنة 2007 وهو عبارة عن شريط سينمائي كرتوني للأطفال يتحدث عن انقلاب الوضع السياسي في إيران وصعود الإسلاميين المتشدّدين إلى الحكم. لكن البعض رأى في تجسيم الذات الإلهية مساسا بالمقدسات الدينية؟ كيف يمكن المساس بالذات الإلهية في فيلم كرتوني وما عُرض فيه ليس غير تصوير لخيال الأطفال لا علاقة له بالدين ولا بالاله. لكن لماذا أثار كلّ تلك الاحتجاجات؟ هناك تنظيمات دينية في تونس حاولت توظيف الشريط الكرتوني لضرب حرية التعبير وكل محاولة للابداع الحرّ، لقد أصبحنا نخشى حتى من مجرّد تغطية الاحداث التي يكون فيها السلفيون طرفا فاعلا ولا ندري لماذا تتحرّك المساجد فجأة وبقدرة قادر للتهجّم على أي محاولة لحرق ستائر الصمت. كيف تقبّلت الاحتجاجات والتهجّم على مبنى القناة وعلى منزلك؟ ما أثار استغرابي أن من تهجّموا على منزلي واستولوا على أمتعتي وأحرقوا سياراتي وبعض امتعتي أطلق سراحهم بعد أيام قليلة وأجد نفسي متّهما في قضيّة لم أجد لها أي تفسير الى هذا الحد أصبح التعبير الحرّ عن الآراء وقول الحقيقة مجلبة للتشهير والعنف والاعتداء على الاشخاص والممتلكات أنا أتساءل من هم هؤلاء الذين يحرّضون على انزال الجماعات السلفية الى الشارع ولماذا كل هذا الصمت من الحكومة حيال خنق حرية الصحافة واغلاق الافواه وتخويف الاعلاميين وأصحاب المؤسسات الاعلامية أنا أتوجّه بسؤال الى الاسلاميين والى حركة النهضة: هل أنتم ديمقراطيون فعلا أم أنّ الديمقراطية مجرّد شعار تؤثثون به الخطابات السياسية. لكن ما دخل الحكومة في هذه القضية؟ يجب أن توضّح الحكومة موقفها من حرية الصحافة وحرية الابداع ويجب أن تبدي حركة النهضة موقفها أيضا مما يحدث من اعتداءات على الصحافة والصحافيين وعلى الابداع، نحن نعيش في بلد الحريات والثورة أتاحت لنا مناخا من الحرية لا يجب التراجع عنه. هل تعتقد أن القضية المرفوعة ضدّك قضية رأي؟ طبعا قضية رأي فمحاكمة وسائل الاعلام من أجل ما تنشره أو ما تذيعه او ما تبثه تلفزيا هي محاكمة للرأي ويجب ان يتوقف هذا النزيف والا ستكون بداية النهاية لثورة قامت من أجل الكرامة والحرية، يجب أن تتوقّف الملاحقات القضائية والأمنية ضدّ الصحافيين اذا أردنا بناء دولة ديمقراطية ومثولي أمام القضاء عار علنيا جميعا وفضيحة لتونس الثورة.