يطفو على السطح هذه الايام صراع محموم بين الفرقاء السياسيين الليبيين حول شكل الحكومة المؤقتة التي لم تر النور بعد رغم التطمينات المتواترة ب «ولادتها» قريبا وسط تحذيرات من اقتتال بين الاسلاميين والعلمانيين في البلاد. قال سياسيون في بنغازي إن تعثر تشكيل الحكومة الليبية المؤقتة الذي كان مقررا في 18 سبتمبر الجاري يخفي صراعا محموما على السلطة بين خصوم معمر القذافي الذين أطاحوا بنظامه. وكان مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي صرّح السبت الماضي بأن الحكومة ستعلن «خلال الاسبوع القادم» مقرّا بوجود خلافات وصراعات أخّرت الاعلان عن تشكيلها ومشدّدا على أن الكفاءة هي المعيار لتولّي حقائب وزارية وليس «النضال» ضد القذافي او الانتماء الى منطقة أو قبيلة معينة. صعوبات جمّة وقال مساعد لأحد الاعضاء البارزين في المجلس إن تشكيل الحكومة(مكتب تنفيذي موسع) دونه الكثير من الصعوبات «موضحا أن عدد الوزراء مشكلة والتسمية مشكلة وأسماء من يتولى الحقائب الوزارية مشكلة». وأضاف «إن دخول اعضاء من المجلس الانتقالي الحكومة يطرح مشكلة اضافية من طبيعة قانونية حيث لا يفترض من أعضاء المجلس تولي مناصب تنفيذية بحسب الاعلان الدستوري». وشدّد ممثلون عن «البتو» و«الجفرة» وسبها (جنوب) ومصراتة وطرابلس (غرب) بالخصوص على ضرورة تمثيل مختلف المناطق تمثيلا عادلا في الحكومة بيد أنه يبدو أنه من الصعب تمثيل الجميع في حكومة ستضم على الأرجح 18 وزيرا فقط بحسب عضو في المجلس الانتقالي. وفي هذا السياق قال القيادي محمد وردكو إن التشكيل الوزاري المقترح من محمود جبريل والمكوّن من 34 اسما خلا من أي تمثيل للبتو وهذا غير معقول وغير مقبول. وقال عضو المجلس الانتقالي عن الجفرة مصطفى الهوني «نحن لا ندعو الىمحاصصة بل الى تمثيل متوازن خصوصا أن مناطق الجنوب همشت بالكامل لأكثر من 40 عاما ويجب أن تحتل مناطق الجنوب مكانتها في اتخاذ القرار في المجلس الوطني والمكتب التنفيذي. صراع على الثروة وقال سياسي بارز في المنطقة «معمر القذافي علمنا الصراع على الأسلحة على أساس قبلي حيث كان يستفيد من هذا التكالب لتثبيت أركان نظامه ثم انه بغض النظر عن الحكم الاخلاقي على الاشخاص فإن جميع من هم في المجلس ومن حوله هم نتاج نظام معمر القذافي». ولاحظ ان الصراع على السلطة في ليبيا هو في الآن نفسه صراع على ثروة هائلة... من يمسك الدولة يتحكم فيها». وكانت قد خرجت مظاهرات في بنغازي الجمعة الماضي تندّد بما سمّته تهميش الكيان البرقاوي في اشارة واضحة الى مدن الشرق الليبي. في هذه الاثناء حذّر الهادي شلوف، أحد المرشحين لرئاسة الحكومة الليبية المنتظرة من الاقتتال بين علمانيين واسلاميين وقبائل على خلفية الانقسامات حول تشكيل الحكومة الجديدة. وفي حوار أجرته معه صحيفة «الشرق الاوسط» اللندنية في عددها الصادر أمس قال شلوف إن الاتصالات تجري حاليا بينه وبين عدد من أعضاء المجلس الانتقالي للتنسيق حول هذا الأمر مؤكدا أن ترشحه جاء بناء على طلب كثير من الليبيين في جميع ارجاء البلاد. وحذّر شلوف المتخصص في القانون الدولي من الانقسامات الحالية على ادارة الدولة بما يهدد مستقبل ليبيا معربا عن أمله في أن يكون ترشحه لشغل الموقع الحكومي الابرز بديلا عن الاقتتال المتوقع بين العلمانيين والاسلاميين.