تكرّر حوادث تسلّل مجموعات مسلّحة الى بلادنا يطرح أمام التونسيين أسئلة ملحّة وجب استحضارها والبحث لها عن أجوبة وهم يتحرّكون في اتجاه الاستحقاق الانتخابي للثالث والعشرين من أكتوبر القادم. هذا الموعد أدخل حركية غير معهودة على الساحة السياسية في بلادنا.. حركية يتطلّع لها الشعب التونسي لنقله الى شاطئ الأمان من خلال انتخاب مجلس وطني تأسيسي يضع دستورا جديدا للبلاد ويؤمن تحوّلا سلسا نحو شرعية تستند الى الإرادة الشعبية وتعيد الأمن والاستقرار الى البلاد بما يمكن من إنجاح التحول الديمقراطي. ولئن كان منطقيا أن يفضي هذا الحراك الذي لم تشهد له بلادنا مثيلا الى اختلافات تعود الى اختلاف الألوان السياسية وتباين الرّؤى والبرامج والأفكار، فإن ذلك يدخل في باب «فليتنافس المتنافسون» طالما أن الغايات نبيلة والأهداف سامية وتصبّ كلّها في خانة تحصين جبهتنا الداخلية والسعي الى إرساء تجربة ديمقراطية ناضجة ومنوال تنموي متوازن ينصف الجهات والفئات المحرومة ويمكّن من توزيع عادل للخيرات. لكن هذا الحراك بما يستوجبه من استنفار للأحزاب وما يدخله من حركية في حياة الناس لا يجب أن ينسينا أننا لا نتحرّك في منطقة معزولة.. أو أننا في مأمن من مخاطر خارجية تستهدفنا خدمة لأجندات أجنبية سوف تسعى الى تأجيج خلافاتنا وتناقضاتنا لركوبها بغية استهدافنا.. أو تعمّد الى اصطياد لحظات انهماكنا في الاعداد لهذا الموعد الانتخابي لمحاولة النيل من أمن البلاد واستقرارها وربما جرّها الى المجهول.. وهذا المعطى لا يجب أن يغيب عن نخبنا السياسية وعن كل النشطاء والهياكل المعنية.. والمطلوب أن نمضي في إنجاز استحقاقنا الانتخابي بعين على تحصين الجبهة الداخلية وعين لرصد المخاطر الخارجية.. ذلك أن نجاحنا في إنجاز الموعد الانتخابي في إطار من الهدوء والتوافق الوطني بما يفضي الى دعم الأمن والاستقرار سوف يمكّن جيشنا الباسل وقوات أمننا الشجاعة من التصدّي لكل أصحاب النوايا والمخططات الخبيثة التي قد تستهدف بلادنا. واعتقادنا جازم بأن كل النخب السياسية والأحزاب تدرك أن سلامة وأمن واستقرار تونس هي المفاتيح الحقيقية لإنجاز التحول الديمقراطي الذي يصبو إليه الجميع.. وانه في غياب هذه المفاتيح (لا قدّر اللّه) لن يكون ممكنا بناء أيّ شيء.