الثورة لا تحتمل الفوضى ولا تبيح العنف، ولا أحد يمكن ان يقبل ان تعود البلاد الى مربع العنف والانفلات الأمني العام. هذه بديهيات ومسلمات من المفترض ان يلتزم بها الجميع: مواطنين وحكومة وأحزابا ومجتمعا مدنيا وأن يعمل الجميع على توفير الاستقرار والأمن وأجواء العمل والانتاج لتحقيق التنمية والاتجاه نحو ايجاد الحلول لعديد المسائل العالقة مثل التشغيل والتنمية الجهوية وتنظيم انتخابات نزيهة وثقافة تضمن الانتقال الديمقراطي المنشود. لكن يبدو أن أطرافا، بقصد أو دونه، تساهم في ارباك البلاد وتحاول لعب أدوار ومهام ليست من مشمولاتها وفيها اعتداء صارخ على مهام الحكومة المكلفة بتسيير البلاد، بغض النظر عن انها مؤقتة أو انتقالية، على هيبة الدولة وهياكلها. ان تطبيق قانون الطوارئ الذي يتيح لوزير الداخلية والولاة منع الاضرابات والصد عن العمل وعمليات الاخلال بالأمن العام يعد خطوة مهمة في هذه المرحلة التي تعيشها بلادنا وقبل خمسين يوما من الاستحقاق الانتخابي، لأنه سينهي حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تهدد بايقاف التنمية وتعطيل جهاز الانتاج. لكن تطبيق هذا القانون وفرض الاستقرار واستتباب الأمن لا يمكن ان يتم في ظل توتر العلاقة بين الحكومة والمؤسسة الأمنية وانعدام الثقة بينهما. واذا كان من حق أعوان الأمن التنظم النقابي فإن عليهم القيام بواجبهم كاملا وعدم تجاوز صلاحياتهم ومجال تدخلهم ونشاطهم. واذا كان الجميع يدعم حق أعوان الأمن في الدفاع عن حقوقهم المادية وتحسين وضعياتهم فإن المطلوب منهم ومن خلال نقاباتهم مزيد العمل على استتباب الأمن وفرض الانضباط في اطار القانون ومزيد تحسين علاقاتهم مع المواطنين والحكومة ومع غيرهم من الاسلاك التي تعمل بدورها على فرض الأمن والدفاع عن حدود البلاد واستقرارها، فالبلاد لا تحتمل صراعات وخلافات أخرى بهذا الحجم.