تصفيات كاس امم افريقيا لاقل من 17 سنة -منطقة اتحاد شمال افريقيا - المنتخب التونسي يستهل مشاركته بمواجه الجزائر يوم 11 نوفمبر    من بينهم مصريون: انقاذ 36 مهاجرا علق مركبهم في عرض البحر    ترشيح فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ لتمثيل تونس في المنافسة على جائزة أفضل فيلم دولي ضمن جوائز الأوسكار 2025    انطلاق تصوير سلسلة "سلة سلة"    إحياء الذكرى التسعين لوفاة الشابي في افتتاح الموسم الثقافي بولاية توزر    إلغاء إضراب عدد من المؤسسات الخاضعة لإشراف وزارة التشغيل    احتجاجات وغلق لهذه الطريق..#خبر_عاجل    هلاك شاب ال36 سنة في حادث اصطدام سيارتين واحتراق احداهما..    إيقاف نفرين بتهمة الإتجار بالأشخاص.    رئاسية 2024: بعثة من الجامعة العربية لملاحظة الانتخابات    12 سنة سجنا في حقّ العياشي زمال ومنعه من الإقتراع    إمضاء اتفاقية بين وزارة الفلاحة والبنك التّونسي للتّضامن حول إحداث برنامج خصوصي جديد لتمويل موسم الحبوب    الفنّان التشكيلي كمال الميلي في ذمّة الله    القصرين: تقديرات بإنتاج 70 ألف طن من الزيتون مع تسجيل زيادة مقارنة بالموسم الفارط    قبلي: استئناف الدروس بالمدرسة الاعدادية ببوعبد الله بعد توقفها لاحتجاج الاولياء عن الوضع بالمؤسسة    الرابطة الأولى: النادي الإفريقي يفقد خدمات 3 لاعبين في مواجهة الترجي الجرجيسي    رسميا: الجامعة تقرر التمديد في آجال إيداع ملفات الانخراط    الرابطة المحترفة الأولى: حكام الجولة الرابعة    وزير الشباب والرياضة في صفاقس يعد بالمدينة الرياضية    عاجل/ آخر مستجدات حادثة غرق قارب "حرقة" بجربة..    عائداته المرتقبة 521 مليون دينار: تحريك مشروع مصنع فسفاط معطل    غرق مركب هجرة غير نظامية بجربة: إيقاف 4 أشخاص وإدراج 3 آخرين في التفتيش    عاجل/ رئيس إيران يكشف: "الغرب وعد بوقف إطلاق النار في غزة وهذا المقابل" ..    الحماية المدنية تسجيل 454 تدخل    طبرقة : حجز طائرة بدون طيار    حزب الله يستهدف قوات صهيونية في المطلة بنيران مدفعية..#خبر_عاجل    المنتخب الوطني: موعد كشف فوزي البنزرتي عن قائمة المدعوين    تحسن عام لوضع السيولة النقدية نهاية سبتمبر الفارط    قصف إسرائيلي متواصل للأحراج والأودية والتلال المجاورة لبلدتي الناقورة وعلما الشعب في جنوب لبنان    القط الروسي الشهير "كروشيك" يبلغ وزنا قياسيا والأطباء يفكرون بالحل    عاجل/ مقتل 3 أشخاص بينهم هذه المذيعة في غارة إسرائيلية على دمشق..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الاردن: موظف مفصول ينهي حياة مديره ببندقية كلاشينكوف (فيديو)    مع بدء التوغل البري.. الجيش اللبناني انسحب من هذه المناطق    "القمر الثاني" يدخل مدار الأرض ليرافقنا لمدة شهرين    البيت الأبيض: الغارات الإسرائيلية على لبنان "تنسجم مع حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها"    كلام من ذهب..البعض من أقوال محمود درويش    جريدة الزمن التونسي    82 ألف مؤسسة صغرى ومتوسّطة تشغّل ما بين 1 و9 أعوان    البطولة العربية للكرة الطائرة: المنتخب التونسي يستهل مشاركته بملاقاة نظيره العماني غرة نوفمبر المقبل    صفاقس: عملية تسريح الشريان التاجي ما قبل الاستشفائي بالمستشفى الجهوي بقرقنة    المركز الوطني لفن العرائس يشارك في مهرجان ظُفار الدولي للمسرح" بسلطنة عمان    مسرحية "بالكمشة" كوميدية سوداء بتقنيات متطورة وطرح راقي    كاتبة الدولة لدى وزير التشغيل والتكوين المهني المكلفة بالشركات الأهلية تعاين نشاط عدد من الشركات الأهلية بولاية سيدي بوزيد    بشرى لملايين المرضى.. علاج امرأة مصابة بالسكري    تُروّج على فيسبوك: مكمّلات غذائية تحوي الزئبق والرصاص ومشروع أمر لتنظيم القطاع    لا يوجد له علاج او لقاح: وفيات جراء تفشي فيروس قاتل في رواندا    الرابطة المحترفة الأولى: برنامج مباريات الجولة الرابعة    طربيات النجمة الزهراء من 17 إلى 20 أكتوبر 2024    سوق الشغل في ألمانيا: زيادة نسبة البطالة تتجاوز التقديرات    جندوبة: اصابة 07 أشخاص في اصطدام بين سيارتين    البنك المركزي التونسي ونظيره المصري يوقعان مذكرة تفاهم تشمل مجالات تقنية واسعة    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    عبد الكريم ..طبعا مستاء ..وجدّا ….    الشاعر بوبكر العموري.. القضاء على الفساد وبناء الدولة رهين مشروع ثقافي    بيّة الزردي : مانيش بطالة والظهور ككرونيكوز كان لمتطلبات مادية    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس ..وهذا موعده..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق .. ... من «إبداعات» الخيال الصهيوني المريض
نشر في الشروق يوم 24 - 01 - 2024

تفتّق العمل الصهيوني مؤخرا عن فكرة شيطانية لحل «معضلة» غزة.. ذلك أن الصهاينة جرّبوا كل الوسائل من قصف مجنون وحرب إبادة جماعية وتدمير ممنهج للمساكن والمدارس والمستشفيات والمساجد.. كما جرّبوا تحريك سكان القطاع بين الشمال والجنوب وتشريدهم في الخيام البدائية وفي العراء في هذا البرد القارس بهدف دفعهم للرضوخ إلى مخطط التهجير وترك القطاع طلبا للنجاة بأرواحهم كشرط أساسي لانطلاق مشروعهم الجهنمي للقطاع القاضي بدمج أراضي غزة وسواحلها في مشروع طريق الهند أوروبا الذي يحوز بالكامل على انخراط ودعم أمريكا خلافا لما تتظاهر به إدارة بايدن من رفض لتهجير سكان القطاع بطريقة قسرية.
الفكرة الصهيونية الشيطانية تتمثّل في بناء جزيرة اصطناعية قبالة سواحل غزة (على بعد 4 5 كيلومترات من سواحل القطاع) يتم توطين سكان القطاع فيها وبذلك يحقق الصهاينة بالمخاتلة وبالخديعة ما عجزوا عن تحقيقه بقوة الحديد والنار.. المخطط الصهيوني الخطير لم يبق على مستوى الفكرة بل إنه خرج إلى أرض الواقع في محاولة صهيونية بائسة ويائسة للبحث عن ممولين لهذا المشروع المكلف.. بحيث يتمكنون من إخلاء القطاع من سكانه بأموال أوروبية.. فقد عقد الطرف الصهيوني (طرف رسمي) اجتماعا مع ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وطرح عليهم تمويل هذه المقاولة الكبرى كحل نهائي لحرب غزة التي لا تكاد تهدأ حتى تعود من فترة إلى أخرى.
ممثلو الاتحاد الأوروبي الذين صُدموا بهذه الفكرة الجهنمية أصيبوا بالذهول لخصوبة الخيال الصهيوني فيما عبّرت كثير من الدول وفي طليعتها بلجيكا والبرتغال عن رفضها للفكرة جملة وتفصيلا...
لكن الرفض الأوروبي لا يعني تخلي الصهاينة عن فكرة تهجير سكان قطاع غزة.. والعقل الصهيوني المريض لن يعدم الحيلة ولا الوسيلة ل«ابتكار» ألاعيب أخرى تساعد على تنفيذ هذا المخطط.. فقد جرّبوا ترويع الفلسطينيين بالقصف والتقتيل والتدمير والتشريد لإجبارهم على ترك أراضيهم وفشلوا... وجرّبوا مغازلة مصر وإغراءها بالأموال وبالتعويضات لمنح «وطن بديل» للفلسطينيين في صحراء سيناء وفشلوا.. وجرّبوا فكرة إغراء دول إفريقية بالمال لاستيعاب سكان القطاع وفشلوا.. وجرّبوا فكرة توزيع سكان القطاع بعد إغرائهم بالمال في العراق وتركيا والسعودية ومصر وكندا وغيرها وفشلوا.. ومع ذلك نجدهم يكرّرون المحاولات ويتفنّنون في وضع الخطط والألاعيب بغية تحقيق هذا الهدف...
والسؤال الذي يطلّ برأسه هنا يحوم حول خفايا هذا الإصرار الصهيوني على تهجير سكان القطاع؟ وعناصر الجواب عن هذا السؤال متوفرة ومتناثرة في تصريحات المسؤولين الصهاينة والأمريكان. وحين نجمّع هذه العناصر نجد أن مطلب تهجير سكان القطاع ليس مطلبا صهيونيا فقط بل إنه مطلب أمريكي أيضا. فأمريكا التي تضيق بمشروع الحزام وطريق الحرير الصيني والذي سيمكن التنين الصيني من ابتلاع الجزء الأكبر من الاقتصاد العالمي ومن التجارة العالمية تريد احتواء هذا المشروع بل وإجهاضه من خلال طريق الهند أوروبا الذي سيشكل ضربة قاضية للمشروع الصيني... كما أن أمريكا تريد إدماج الكيان الصهيوني في هذا المشروع الضخم وكذلك إدماجه في نسيج الإقليم من خلال تطبيع علاقاته مع الجوار العربي حتى تتفرغ لمعاركها الحقيقية والمصيرية مع التنين الصيني ومع الدب الروسي... وهي معارك مدارها الإبقاء على نظام عالمي أحادي القطبية تحت هيمنة واشنطن أو قيام نظام عالمي متعدد الأقطاب على أنقاضه.
أما الطرف الصهيوني فهو يرى في مخطط التهجير لحظة يجب الانقضاض عليها وفرصة تاريخية يجب التقاطها أولا بتحويل الكيان إلى قطب الرحى في مشروع الهند أوروبا.. وثانيا بتوفير مناخات الانطلاق إلى تنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» الممتدة من النيل إلى الفرات وفق رؤى منظري المشروع الصهيوني.. وتهجير سكان القطاع إلى مصر أو إلى البحر سوف يوفر لهم السابقة ويطلق أيديهم لتهجير سكان الضفة الغربية إلى شرقي نهر الأردن وإلى إدماج أجزاء من لبنان وسوريا والعراق ومصر والسعودية في المشروع الصهيوني الكبير... لأجل هذه الأحلام الأمريكية والصهيونية «يجتهد» الصهاينة في السعي لاقتلاع سكان القطاع وتهجيرهم إلى الصحراء وإلى البحر أو إلى الشتات.. ولأجل هذه الأحلام «تجتهد» الإدارة الأمريكية في توفير السلاح والمال والغطاء السياسي وتمنحهم ما شاؤوا من الوقت لتكرار محاولاتهم عساهم يفلحون في تحقيق الهدف المشترك.
لكن كل هذه المخططات المشبوهة والمكشوفة ظلت تصطدم بصمود أسطوري للشعب الفلسطيني.. وظلت تتكسّر على صخرة مقاومة مصمّمة على تحقيق النصر وكسر شوكة الصهاينة.
وأمام هذه المعطيات فإنه لا يبقى أمام الصهاينة إلا خيار وحيد.. خيار مؤداه أنه طالما يمكن بناء الجزر وتحويلها إلى أوطان فلماذا لا يبنون لهم جزيرة كبرى في أعالي البحار (في المياه الدولية) فيعمّروها ويتوسعون فيها كما يشاؤون.. أمّا سكان غزة وأمّا سكان فلسطين ومن ورائهم كل الشعوب العربية فهم ثابتون على أرضهم، متمسكون بالبقاء عليها.. ومنطقتنا العربية لا مكان فيها للغرباء الذين سيلفظون في النهاية والذين يبقون «مارين بين الكلمات العابرة» على قول شاعرنا الكبير محمود درويش... مهما طال الزمن.
عبد الحميد الرياحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.