بين التقرير السنوي للرقابة البنكية لسنة 2022 الصادر مؤخرا عن البنك المركزي التونسي، أن التمويل البنكي الممنوح للدولة والمؤسسات العمومية ارتفع ليبلغ 31,4 مليار دينار، أي بزيادة نسبتها 23.1 بالمائة مقارنة بالعام السابق. ويمثل هذا الارتفاع ما نسبته 20.7 بالمائة من إجمالي موجودات البنوك، وهو ما يعد تطورا كبيرا وذلك بالرجوع الى مؤشرات السنة السابقة. ويعود جزء كبير من هذه الزيادة إلى الاكتتاب في الإصدارات الحكومية الجديدة، خاصة في شكل رقاع الخزينة والقروض الوطنية، والتي تشكل حوالي 72 بالمائة من إجمالي الزيادة في التمويل الممنوح. علاوة على ذلك، يكشف تحليل البنك المركزي ان مستوى مخاطر إقراض الأطراف الاقتصادية المحورية العاملة في القطاع الخاص شهد استقرارا نسبيا على صعيد التأثيرات المحتملة على قيمة الأموال الذاتية المجمعة الأساسية للبنوك. ويشير هذا المعطى الى تطور تحكم مؤسسات القرض في منح القروض لمستحقيها من المتعاملين معها وفقا للمعايير المثلى في مجال إدارة المخاطر المالية. ومع ذلك، يظهر اتجاه متناقض مع بعض الأطراف الاقتصادية من القطاع الخاص حيث سجل تعرض البنوك لمخاطر إقراضهم ارتفاعا نسبيا بما يؤثر على مستوى الأموال الذاتية المجمعة الأساسية اذ مثلت القروض الممنوحة في هذا الإطار على التوالي 74 بالمائة و91 بالمائة على التوالي لأكبر 5 و10 مستفيدين من القروض. وتثير هذه المؤشرات، عدة تساؤلات في خصوص تركز مخاطر إقراض القطاعين العام والخاص والوزن الكبير للقروض الممنوحة للجهات العمومية. وعلى الرغم من أن البنوك تبدو وكأنها تحافظ على قدر معين من الحذر في علاقاتها مع كبار الفاعلين في القطاع الخاص، فإن الزيادة في التمويل الممنوح للمؤسسات العمومية تثير بعض الإشكالات بشأن تركيز المخاطر. ومن الأهمية بمكان أن تقوم السلطات المالية والبنوك بمراقبة هذه الديناميكيات عن كثب للحفاظ على توازن النظام المالي والحد من المخاطر المحتملة المرتبطة بالتركيز المفرط للتمويل تجاه بعض الجهات دون غيرها. الأخبار