رغم الحصار الأمريكي الأوروبي المضروب عليها ، نجحت روسيا في كسر الطوق الغربي باستضافتها للقمّة الروسية الإفريقية الثانية والتي خرجت يوم الجمعة بمدينة سان بيترسبورغ بقرارات رحبت بها الدول المشاركة والتي قاربت ال50 دولة. فعلى طاولات الزعماء الأفارقة ، وبحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، وضعت ملفات عديدة وفي مقدمتها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الدول الإفريقية وارتفاع أسعار الوقود وخاصة المواد الغذائية التي من المرشح أن تسجل ارتفاعا جديدا بعد إنهاء روسيا العمل بصفقة الحبوب وسحب ضماناتها بسلامة الملاحة في البحر الأسود ،وإغلاق الممر الإنساني البحري لمرور الحبوب الأوكرانية. اختتمت القمة وسط تعهدات بتعزيز الشراكة بين الجانبين الروسي والإفريقي في مجالات التجارة والأمن والغذاء والتكنولوجيا ، وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال الغذاء والسلاح لأفريقيا وتعزيز التعاون مع أجهزتها الاستخباراتية، مع إرسال هبات من القمح لبعض الدول مجانا. كما تعهد الرئيس الروسي في مؤتمر صحفي بعد اختتام القمة، بإنشاء آلية عمل وتنسيق بين روسيا وأفريقيا في المرحلة المقبلة مؤكدا انه تم "اتخاذ موقف موحد بالقمة على تحدي النظام الاستعماري ". على حد تعبيره. وأضاف بوتين أن المؤسسات الروسية منفتحة على تمكين الشركاء الأفارقة من التكنولوجيا وزيادة التعاون الثقافي والرياضي، وأن لدى موسكو خطة عمل مع أفريقيا حتى عام 2026 تهدف إلى زيادة التبادل التجاري وبنيته التحتية والتعامل بالعملات المحلية. الزعماء الافارقة ، وفي تصريحات إعلامية متفرقة عبروا عن ارتياحهم لهذه التعهدات التي فتحت بابا جديدا لروسيا لمزيد دعم تواجدها بالقارة الإفريقية رغم الضغوطات التي تمارسها أمريكا والدول الأروربية على بعض هذه الدول أولا لإفشال القمة الروسية الإفريقية وثانيا لكبح جماح تقدم روسيا بالقارة الإفريقية على حساب الدول الغربية خاصة. والواقع أن الإهتمام الروسي بالقارة الافريقية ليس حديثا، لكنه يعود اليوم بقوة وبأكثر من معنى خاصة بعد التحالف الغربي ضدها لعزلها ، فمع البعد الاقتصادي والثروات الطبيعية التي تمتلكها هذه الدول ، تكسب اليوم روسيا ثقلا دوليا افريقيا في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. فمنذ بداية القرن الثامن عشر توجهت روسيا نحو سواحل البحر الأبيض المتوسط ضمن سياسة توسّعية اعتمدت على اعتبارات عسكرية وسياسية وتجارية، لكن الآن وبعد أن تغيّرت ملامح المنطقة ورسمت خريطة جديدة تختلف عن تلك التي عهدتها روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا)، عادت موسكو من جديد بعد انسحاب القطبية الأحادية الأمريكية، ورمت بثقلها للعب دورٍ تستعيد فيه وجودها في القارة السمراء باتفاقيات ومواثيق تعاون تستبعد أي برامج ايديولوجية. روسيا كسبت جولة جديدة في حربها المعلنة على أوكرانيا ومن ورائها " حلف الناتو " ، ولئن تستبعد بعض التقارير الغربية تنفيذ روسيا لكل تعدهداتها الإقتصالدية مع الدول الإفريقية ، فإن ما يحدث اليوم في هذه الدول من تحولات سياسية يسير في اتجاه المصلحة الروسية التي " افتكت " القارة الإفريقية من أمام أعين الدول الأوروبية. راشد شعور