في ظروف دولية استثنائية ، ووسط تحولات عالمية كبرى عقدت موسكو قمتها الروسية الافريقية وسط امتعاض غربي كبير ، فرمزية هذه القمة والتقارب الحاصل بين افريقيا وروسيا أزعج بشكل مباشر الغرب والامريكان. وعلى مدى الفترة الماضية سعت الأطراف الغربية وخاصة الامريكية الى تعطيل انعقاد هذا الحدث الدولي، سواء بالضغط على بعض الحكومات لثنيهم عن المشاركة او من خلال شيطنة الدول المشاركة ، وهو ما اكدته روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف. والأهم في هذه القمة التي تختتم اليوم هو حجم الفرص والمكاسب التي ستجنيها القارة الافريقية، وكذلك حجم المكاسب التي ستحققها روسيا من خلال هذه الشراكة الواعدة مع قارة افريقيا. فمن بين ابرز الوعود التي قدمتها موسكو لقادة الدول الافريقية ، هو توفير الحبوب بشكل مجاني لعدد من الدول خلال الاشهر المقبلة ،رغم العراقيل التي يضعها الغرب امام واردات الحبوب. وهناك مكاسب اخرى ايضا تتعلق بتطوير القدرات العسكرية والبنى التحتية وتطوير المشاريع، وهي حوافز ستنهض بالقارة السمراء عوض القروض والارتهان الممارس ضدها من قبل المؤسسات المالية الغربية، التي جعلت من قارتنا رهينة لتلك السياسات النقدية الدولية . وبدا جليا ان روسيا في عهد الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، تريد فعلا تعزيز التقارب مع القارة السمراء وذلك لعدة اعتبارات ابرزها الموقف الافريقي المتوازن من الصراع الروسي الاوكراني على عكس الدول الأوروبية التي تدعم بشكل مباشر النظام الاوكراني بالأسلحة والعتاد بهدف استنزاف روسيا وتدميرها . هذا اضافة الى السياسية الخارجية الرصينة التي تتبعها اغلب الحكومات الافريقية في ما يتعلق بالحرب الروسية الاوكرانية ودعمهم لوقف الحرب وخير دليل على ذلك المبادرة الافريقية التي قدمها عدد من الزعماء الافارقة مؤخرا الى الرئيس الاوكراني ونظيره الروسي والرامية الى حل الصراع بشكل سلمي. وبناء عليه فإن القارة الافريقية بإمكانها ان تكون الشريك الابرز للاتحاد السوفياتي السابق علما وان اغلب الحكومات الافريقية قد ادركت خلال السنوات الماضية حقيقة الاستغلال الغربي لثرواتها وادركت اهمية تركيز علاقات متوازنة مع جميع القوى الدولية والاقليمية. وما من شك ان القارة الافريقية المطالبة بالاستفادة قدر المستطاع من هذه الشراكة الروسية باتت محط انظار العالم، حيث احتضنت القارة السمراء خلال السنوات الماضية اكبر القمم والتظاهرات من امريكا الى فرنسا والصين والمانيا وغيرها، والهدف الرئيسي لجميع هذه القوى هو تنشيط العلاقات الاقتصادية والسياسية والاستثمار في قارة الفرص والمستقبل . وفي المحصّلة ، تسير العلاقات الروسية الافريقية نحو تكامل اقتصادي استراتيجي على خلاف العلاقات الغربية التي باتت توصف بالاستعمارية.. وبات المطلوب اليوم حسن استغلال هذه الشراكة الهامة لتنويع الاقتصاد الافريقي والنهوض بالقارة السمراء . اما روسيا فهي الاخرى قد استفادت كثيرا من عقد هذه القمة مع زعماء افريقيا حيث كسرت ما يعتبره الغرب حصارا دوليا على موسكو واظهرت للعالم ان شراكاتها وتحالفاتها تتجدّد وتتوسّع رغم الحرب والعقوبات الغربية . ناجح بن جدو