انتهت القمّة الأخيرة بين «السي .آس .آس» والترجي على مشاهد مُخيفة ومُرعبة. وقد تمّ إخلاء مُدرّجات الطيّب المهيري بإستعمال الغاز المُسيل للدّموع وسط اتّهامات مُباشرة للجهات الأمنية بالإفراط في استخدام القوّة. وكانت الصّورة صادمة ونحن نُشاهد مجموعة من الأطفال الصّغار وهم في حالة ذعر شديد جراء الغازات المُسيلة للدموع والفوضى الناجمة عن الصِّدامات العنيفة بين الوحدات الأمنية وبعض أحباء النادي الصفاقسي. وقد جاءت هذه الأحداث الخطيرة لتُعيد النظر في علاقة الأمن بالجماهير الرياضية وستكون المسؤولية مُلقاة على مختلف الهياكل والوزارات المُتداخلة لمعالجة هذه القضية بجرأة كبيرة وبالشراكة طبعا مع الأندية وقادة المجموعات. من بنزرت إلى صفاقس بالتوازي مع الانفلاتات التي شهدها ملعب الطيّب المهيري ومحيطه الخارجي سجّلنا في الموسم الحالي عدة تجاوزات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن العلاقات القائمة بين الجهات الأمنية ومكوّنات العائلة الرياضية في حاجة إلى تدخّلات فاعلة. وقد عِشنا على وقع «حَرب» كلامية بين النقابات الأمنية ورئيس النادي البنزرتي عبد السلام السعيداني الذي تهجّم على أعوان الحرس الوطني على هامش مباراة بنزرت وسليمان في ملعب العالية. وتسبّب السعيداني في أزمة كبيرة قبل أن يتدخّل الوالي ويُنهي الخلاف بين الطرفين. وكانت التجاوزات الحاصلة في صفاقسوبنزرت مسبوقة بالعديد من «المَعارك» المُخزية بين الجهات الأمنية ومجموعات الأحباء التابعة لعدد من الأندية. وقد كان أولمبي رادس مسرحا للكثير من الصِّدامات الدموية بين الأمن وشقّ من أحباء الترجي الرياضي والنادي الإفريقي. ولاشك في أن مَقتل محب النادي الإفريقي عمر العبيدي في محيط رادس يبقى من أفظع الجرائم في الكرة التونسية. وقد كان من المفروض أن تُشكّل تلك الحادثة نقطة تحوّل تاريخية في ملف تأمين ملاعبنا وقاعاتنا الرياضية. العلاقة المنشودة المعروف أن الأمن بمُختلف وحداته وتشكيلاته موجود لحِماية الأرواح البشرية وحُدودنا الترابية من بنزرت إلى برج الخضراء. كما أن عون الأمن هو في نهاية الأمر الأب والأخ والابن ولا يكاد بيت تونسي واحد يخلو من شرطي أو»بوليس» أوجندي من جنودنا الذين قدّموا أرواحهم فداءً للبلاد. وبناءً عليه فإن شُعور بعض الأحباء والمسؤولين الرياضيين ب»العِداء» تُجاه قوّاتنا الأمنية لا مبرّر له ومن المفروض أن تكون العلاقة بين الطرفين مَبنية على الإحترام والتعاون. ومن واجب الأمن السّهر على سلامة الأحباء والمُسيّرين والإعلاميين والحكّام وكلّ الأطراف المُتداخلة في المُباريات الرياضية فضلا عن حِفظ المنشآت والمُمتلكات. ومن الضّروري أن تُمارس السّلطات الأمنية صلاحيتها في نطاق القانون وبمنأى عن «القَمع» الذي انتهى دون رجعة. وفي المُقابل، من واجب الجماهير الإلتزام بالتشجيع في كنف الروح الرياضية وبمنأى عن الشّغب وما يُرافقه من اعتداءات على المنشآت الرياضية والممتلكات الخاصّة بما أن فئة من المجموعات المُتهوّرة تُعادي الأمن ولا تَتردّد في تعنيفه داخل الملاعب كما أنها تنقل في بعض الأحيان «حروبها» إلى الساحات العامّة لتبثّ الرعب في نفوس المواطنين وتعبث بأملاكهم. القانون فوق الجميع في ظلّ الانفلاتات الحاصلة في صفوف الأحباء والتجاوزات التي قد تصدر عن بعض الأمنيين من الضروري الاحتكام إلى القانون الذي يبقى فوق الجميع. ومن الضروري تسليط أشدّ العقوبات على المُذنبين سواء تعلّق الأمر بمشجّع أومسؤول رياضي أوأحد أعوان الأمن الذي حَارب الإرهاب في بن قردان بدعم من المُواطنين العزّل. وهذا المشهد التاريخي يؤكد أن العلاقة بين الأمن والمواطن قوية ولا يُمكن بأيّ حال من الأحوال هَدمها ببعض التجاوزات الفردية كتلك التي تأتيها بعض المجموعات و»أشباه المُسيّرين» كما هو شأن عبد السّلام السعيداني.