تونس الشروق: تُعتبر مدينة نفطة الشهيرة قديما بالكوفة الصغيرة منارة علم ومعرفة وفكر ومركزا سياحيا مقصودا يستمدّ اشعاعه من تنوّع الإرث الحضاري وثراء المخزون التراثي. وتتميّز المدينة بواحات نخيلها الغناء التي تعرف بجودة تمورها ووفرة أنواعها. ووظف أهالي الجهة هذه الغابة في تنويع منتوجاتهم الفلاحية للرّفع من مردوديتهم الاجتماعية والاقتصادية. وارتقى سكان نفطة في علاقتهم بالنخلة المباركة وخصوصا منهم الحرفيون بالتوجّه إلى تحويل جذوع النخيل إلى أبواب ونوافذ للمنازل وكراسي وطاولات. وسعى الجيل الحرفي الجديد من الشباب إلى تطوير هذه الاستعمالات بابتكارات تجديدية بالنقش على خشب النخيل وصناعة نوعيات عصرية من الأسرّة - الخزانات - قاعات الجلوس - التحف والمزينات وغيرها كثير وذلك بما يعكس القدرات الابداعية للحرفيين بالجهة. وتنطلق مراحل التحضير للنقش على الخشب أولا بقطع «رأس» النخيل كاملا ثم تجزئته إلى قطع عمودية ونقلها إلى شط الجريد لوضعها في مائه المالح وتحت شمسه الحارقة لمدة شهر للقضاء على آفة السّوس. هذا وينظف لاحقا «الظّهر» من الشوائب وينقل إلى النجار العصري لقطعها إلى لوحات صالحة للاستعمال. ويعمل الحرفيون إلى خلق صناعة «ناقشة» على خشب النخيل بنوعيات جديدة تتسمُ بالدقة الفنية والجودة العالية التي تستجيب لرغبات الحرفاء بالأسواق المحلية والجهوية. ويحرص الكثير من المهنيين إلى التعريف بمنتوجاتهم وطنيا من خلال المشاركة في المعارض المختصة لفتح آفاق تسويقية أرحب إضافة إلى الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة لترويج صناعاتهم. ويحاول الحرفيون من مختلف الأجيال والاختصاصات المحافظة على هذه المهنة بمزيد التطوير «النقشي» والصّبر على الصعوبات بهدف حمايتها من الاندثار والاحاطة بالشباب المُقبل عليها بمزيد الترغيب والإحاطة.