شهدت بلادنا خلال السنوات الأخيرة انتشارا مهولا للأكاديميات الخاصة لتكوين الشبان في كرة القدم ممن فضلوا تلقي أبجديات الكرة خارج أسوار الأندية. وحسب اخر الإحصائيات فقد تجاوز عدد هذه الأكاديميات 100 أكاديمية تضم لاعبين تتراوح أعمارهم من 4 إلى 18 عاما، وذلك تحت إشراف مدربين متحصلين على شهادة التدريب في كرة القدم ومعروفين بالكفاءة خاصة وان اغلب المدربين يفضلون العمل في الاكاديميات لعدة اسباب منها ضمان الجراية الشهرية في موعدها على عكس الاندية التي عادة ما تعجز عن خلاص اجور لاعبيها ومدربيها اضافة الى الهروب من ضغط النتائج والجمهور. وامام هذه الوضعية التي يعيشها التكوين في تونس الذي اصبح مشتتا بين اكاديميات الاندية واخرى خاصة طرحت عدة اسئلة عن اسباب انتشار الاكاديميات الخاصة بصفة مهولة. هل ان الاندية فشلت في التكوين واستقالت من مهمتها لأسباب تتعلق بالبحث عن النتائج الآنية عبر القيام بالانتدابات من خارج اسوارها ام ان الهروب الى الاكاديميات الخاصة فرضتها الظروف المتباينة للعمل والتكوين في الاندية والاكاديميات الخاصة؟ وهل فعلا تقدم هذه الاكاديميات تكوينا سليما وقادرة على صناعة النجوم ام هو مجرد بحث عن المال مما يطرح اسئلة اخرى حول مدى مستوى التكوين والتدريب في الأكاديميات الخاصة ومدى التزامها بالمقاييس المتعارف عليها لتخريج لاعبين شبان وإلحاقهم بالأندية والمنتخبات. اسئلة عديدة طرحتها "الشروق" على بعض اصحاب الاكاديميات الخاصة وفنيين فكان هذا التحقيق: صابر سعد اللاوي (صاحب اكاديمية خاصة) أغلب الأندية فشلت في التكوين انتشار اكاديميات التكوين الخاصة في تونس جاء نتيجة فشل الاندية في تكوين لاعبيها، لذلك يختار الاولياء اللجوء الى الاكاديميات لتدريب ابنائهم خاصة وان بعض هذه الاكاديميات تقدم عملا كبيرا ومهما للناشئة على مستوى التكوين القاعدي باعتبار توفر اطار فني كفء واساتذة في الرياضة، رغم ان هناك اكاديميات اخرى همها الوحيد هو جني المال دون افادة المتكوّن. نحن لنا اكاديمية نسعى الى ان تكون في مستوى متطلبات التكوين القاعدي، وقد نجحنا في هذه المهمة بما اننا تمكنا من تكوين لاعبين على مستوى عال وانضموا اغلبهم الى اندية مثل نادي حمام الأنف وسبورتينغ بن عروس وهذا يؤكد المجهود الذي يقوم به المدربون المشرفون على تكوينهم. الا ان الحلقة المفقودة في اغلب اكاديميات التكوين هي غياب العلاقة المباشرة بينها وبين الاندية لذلك لابدّ من البحث عن حلول يمكن ان تجعل الاكاديميات الخاصة في خدمة الاندية مباشرة وفي ذلك فائدة للجميع. طارق المسعودي (محلل فني) الاكاديميات الخاصة لا يمكنها تعويض الاندية الاكاديميات الخاصة لن تعوض الاندية مهما كانت قيمة عملها، لان التكوين في الفرق له مقومات ثابتة وطرق افضل في التكوين الا ان الاشكال يبقى في توفر الاعتمادات المالية للأندية من اجل تأطير شبانها والاستفادة منها. لكن تبقى الاكاديميات الخاصة لها دور هام في تأطير الشبان بالنظر الى العمل الكبير الذي تقوم به وهي التي عوضت "البطاحي" رغم ان اغلبها اصبحت مهمتها تجارية بحتة والارقام التي نلاحظها في اغلب الاكاديميات مفزع في بعض الاحيان. صحيح انها تستطيع ان تنجب لاعبين لهم مستوى كبير وتكوين عال الا انها لا تملك قوانين يخول لها الاحتفاظ بتلك المواهب التي عادة ما تختار الاندية الكبرى لان طموحاتهم وطموحات اوليائهم هو البروز في ناد كبير، ولذلك فان مهمة هذه الاكاديميات تقف عند التكوين والتأطير وفي النهاية تفقد هؤلاء اللاعبين رغم انها وفرت لهم افضل الاطارات الفنية للسهر عليهم وهذا لا يعني انها خسرت تلك المواهب بل ربحت من ورائهم اموالا طائلة عند تكوينهم. نوفل اليزيدي (صاحب أكاديمية خاصة) الأكاديميات الخاصة حلّ للأندية وليس مشكلا لها اعتقد ان الاكاديميات الخاصة في تونس نجحت الى حد بعيد في القيام بالدور الذي من اجله بعثت خاصة بعد ان سيطرت النتائج على الاندية واصبحت اهتماماتها منصبة على فريق الاكابر دون سواه وعلى حساب الاصناف الصغرى الاخرى، كما ان بعض الاندية التي لها مراكز تكوين لا تهتم بالتكوين القاعدي باستثناء عدد قليل من النوادي، ولذلك تكون الاكاديميات الخاصة متنفسا للأطفال لإبراز مواهبهم خاصة وانهم يتدربون على ايدي فنيين معروفين ومؤطرين لهم خبرة كبيرة، فيكون تكوينهم على اسس صحيحة، وقد سبق ان مولت أكاديميتنا بعض الاندية بلاعبين على غرار الترجي الرياضي التونسي ونادي حمام الانف واتحاد تطاوين وهذا بفضل الاعتماد على كفاءات في التدريب التي تفضل العمل في الاكاديميات الخاصة لأنها اجرتها افضل ومضمونة في نفس الوقت، رغم ان هناك مشاكل تعاني منها بعض هذه الاكاديميات على غرار عدم امتلاك ملعب خاص بها مما يضطرها الى الكراء بأسعار باهظة. اسكندر القصري (مدرب) لابد من مراقبة عمل هذه الاكاديميات لا احد ينكر قيمة العمل الذي تقدمه الاكاديميات الخاصة خاصة وانها تجهز لاعبين مؤهلين فنيا وتكتيكيا للعب مع الاندية، ناهيك وان المرحلة التي يتم فيها تعليم الطفل ابجديات كرة القدم تمر حتما عبر الاكاديميات الخاصة، ولذلك لابدّ ان تتحرك الادارة الفنية لجامعة كرة القدم من اجل مراقبة طرق عمل هذه الاكاديميات وتكون لها نظرة شاملة من خلال القيام بعملية احصاء ومراقبة طرق التدريب ومدى مجاراتها للطرق المعمول بها وايضا مدى كفاءة المشرفين على تكوين هؤلاء الصغار لأنه ليس من السهل ان تكون طفل صغير ابجديات كرة القدم خاصة من حيث طريقة معاملته عندما يخطئ او يصيب، كما ان المدربين الذين يعملون في الاكاديميات الخاصة لابدّ ان تكون لهم خبرة كبيرة في التكوين وفي التعامل مع الشبان لن شخصيتهم مازالت في مرحلة النضج بل يجب التعامل معهم على اساس انهم يلعبون في البطحاء مثلما تكونت الاجيال السابقة.