تعيش مختلف أصناف الشبان على وقع مشاكل بالجملة من فوضى المقابلات الى ضعف النتائج سواء على مستوى الاندية او المنتخبات، وفي غياب التغطية الاعلامية لمباريات هذه الاصناف، تحصل العديد من التجاوزات، دون الحديث عن ظروف التمارين التي لا تعدو ان تكون سواء حصص لإضاعة الوقت اكثر منها تكوين جيل جديد نظرا لغياب البنية التحتية الملائمة لخوض التمارين اضافة الى غياب الكفاءات التي تشرف على التكوين. ومن نتائج هذا العمل الفوضوي غياب النتائج والمواهب في نفس الوقت، وهو ما جعل نتائج مختلف منتخبات الشبان تعكس هذا الواقع بعد ان غابت منتخباتنا عن ابرز التظاهرات القارية والعالمية ووجدت نفسها خارج السرب مقارنة بمنتخبات افريقيا السوداء. وهو ما يجعل هذا الملف ابرز الاولويات التي يجب فتحها للوقوف عن اسباب هذا تدني العمل القاعدي في مختلف الاندية التي انهكتها الانتدابات الخارجية نتيجة اهمالها للعمل القاعدي. فحتى بعض المنتخبات التي سطع نورها في نهائيات كأس العالم انطلاقا من 2007 الى الان غاب اغلب نجومها عن الساحة بل ان اغبهم اندثر نهائيا نتيجة غياب المتابعة سواء من الجامعة او الاندية. «الشروق» فتحت ملف التكوين في الشبان وطرحت عدة اسئلة عن اسباب هشاشة التكوين القاعدي في بطولتنا، والحلول الممكنة لإنقاذه مما يتخبط فيه من مشاكل، فكانت اراء بعض المديرين الفنيين في التحقيق التالي: كمال القلصي (مدرب ومدير فني) الزمن المدرسي أبرز العوائق باستثناء بعض الاندية التي تعدّ على اصابع اليد فان اغلب النوادي لا تضم ادارات فنية من شأنها ان تعتني بالشبان، في غياب البرمجة الواضحة، وتنضاف اليها البنية التحتية المفقودة اذ اغلب الجمعيات لا تملك ملاعب خاصة بالأصناف الشابة. ويبقى ابرز عائق امام النهوض بأصناف الشبان هو التوقيت المدرسي الذي لا يتلاءم مع تدريبات اللاعبين، اذ لا يعقل ان ينهي التلميذ دراسته في السادسة مساء ويتحول مباشرة الى التدرب بعد يوم كامل من الدراسة. وفي اعتقادي فان الحل هو اعادة النظر في التوقيت المدرسي وهو اشكالية طرحناها منذ 10 سنوات ولم تجد الآذان الصاغية خاصة وان الحلول ممكنة اذا توفرت في كل ولاية ومعتمدية معهد خاص بأصحاب الاجازات في كرة القدم يراعي توقيته ظروف اللاعب وبالتالي يمكن للدراسة ان تكون حصة واحدة مسترسلة ينتهي توقيتها عند الثالثة ظهرا حتى يجد اللاعب الوقت الكافي للتدرب والتركيز. منذر كبيّر (مدير فني في الترجي الرياضي) لابدّ من معاهد رياضية خاصة بالأندية في اعتقادي اهم المشاكل التي تعترض اللاعبين الشبان تكون في المستوى العمري الذي يتراوح بين 17 و20 سنة وهي ما نسميها مرحلة التكوين على جميع المستويات التكتيكية والبدنية، لكن للأسف عندنا في تونس اللاعب في هذه المرحلة تشغله الدراسة ولا يستطيع ان يكون على ذمة التحضيرات للمدة المطلوبة والتي يجب ان تكون في حدود 10 ساعات على الاقل حتى يتمكن خلالها من القيام بالعمل الفردي والجماعي في التدريبات اضافة الى مشاهدة الفيديو لان تكوين لاعب محترف يجب ان يمر بعدة مراحل وهذه المراحل تتطلب الوقت الكافي، لكن الزمن المدرسي لم يترك شيئا للاعب وحتى المواد التي يدرسها في حاجة هي الاخرى الى مراجعة لتتماشى ونشاطه الرياضي. وفي اعتقادي بإمكان النوادي الكبرى بعث معاهد رياضية خاصة بها حتى تتمكن من التنسيق في مسألة الوقت خاصة واننا في تونس لا نملك سوى معهد وحيد في هذا الاختصاص. طارق المسعودي (مدرب ومحلل فني) غياب الامكانيات المادية والكفاءات اهم المشاكل التي تعانيها اصناف الشبان في كرة القدم التونسية يمكن حصرها في مشكلين اولهما غياب الامكانات المادية التي يمكن توجيهها لدعم هذه الاصناف والنهوض بها لاسيما وان الميزانيات المخصصة للشبان في البلدان المجاورة لا تقارن بما نقدمه نحن في تونس، كما اننا مازلنا بعيدين كل البعد على شبان افريقيا السوداء على المستوى الفني. والمشكل الثاني يكمن في غياب الكفاءات التي تشرف على هذه الأصناف، وحتى ان وجدت كفاءات فهي تخيّر العمل في الاكاديميات الخاصة لضمان جراياتها بعيدا عن مشاكل الاندية ونقد جماهيرها. في الجانب الاخر اثر التوقيت المدرسي على عمل الشبان اذ لا يمكن التعامل مع لاعب اثناء التدريبات بعد ان قضى حصتين في اليوم في الدراسة ليصل منهكا وغير قابل لاستيعاب حصة تدريبية في اخر اليوم. الصغيّر زويتة (المدير الفني بالجامعة التونسية لكرة القدم) ضعف امكانيات الأندية وعقلية بعض المسؤولين اذا نظرنا الى التكوين في تونس فان الهدف الاول منه هو اجتماعي بحت والثاني هو تكوين جيل يصنع نتائج طيبة للمنتخب والاندية، لكن هناك ظروفا عمّقت من ازمة التكوين القاعدي لدى الجمعيات منها مشاكل مادية كعجز الجمعيات عن تحمل مصاريف التنقل واخرى فنية تتعلق بغياب الاطار الفني الكفء الذي من المفروض ان يشرف على اصناف الشبان باعتبارها عماد المستقبل، كما ان عقلية بعض المسؤولين الذين يبحثون عن النتائج وما ينجر عنه من مشاكل امام اللاعبين الشبان يؤثر على عقلية اللاعب. وفي خصوص البنية التحتية فإنها مسؤولية مشتركة بين جميع الاطراف في الدولة المطالبة بتوفير ملاعب وفضاءات ملائمة للتدريبات وكذلك توفير زمن مدرسي يتماشى وتوقيت تدريبات الشبان. وملف تكوين الشبان في تونس يجب ان تتداخل فيه جميع اطراف الدولة لان الهدف كما قلت سابقا ليس رياضيا بحتا بل ايضا اجتماعيا من خلال تربية ناشئة سليمة. واذا توفرت هذه الشروط يمكن النهوض بقطاع تكوين الشبان.