وصول ثالث طائرة تابعة للخطوط التونسية على متنها 92 تونسيّا عائدا من لبنان    خزينة الجامعة التونسية لكرة القدم تنتعش    حالة الطقس ليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024    دوري أبطال أوروبا.. نتائج مباريات اليوم    في لقاء مع انفانتينو - ايدير يستعرض وضع الجامعة التونسية لكرة القدم    الرائد الرسمي.. صدور قرار يضبط تاريخ دورتي امتحان البكالوريا لسنة 2025    عرضها قبل الأول هذا الخميس بدار المسرح بدوز...«نواصي... والبعض مالذرية» جديد فرقة دوز للتمثيل    شككوا في وطنيته .. بوشناق «أنا تونسي وتراب تونس يشرفني»    في الصَّميم ...انحرافات خطيرة في برامجنا الرياضية التلفزية    أولا وأخيرا: «مسلوخ الهامة أمشي»    مع الشروق ..أسطورة... شهيد حي    رجّة أرضية بزغوان    صندوق النقد يخفض توقعاته بشأن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    الملاسين: تفكيك شبكة مُختصّة في مجال ترويج المُخدّرات    إعلام عبري: المسيّرة التي استهدفت منزل نتنياهو انفجرت في نافذة غرفة نومه    الدورة الثالثة لمهرجان الإبداع الفني في الصحراء "نجع الفن" من 27 أكتوبر الى 02 نوفمبر بدوز    عاجل: شاهقة مائية تظهر في قرقنة    مطار يمنع العناق لأكثر من 3 دقائق    مختصّة في أمراض الكلى: ماء الحنفية يحتوي على كميات أقلّ من النترات    كميّات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة المنقضية    27 نائبا يمضون على مقترح تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي    المنتخب الوطني التونسي لكرة القدم: فك الارتباط مع المدرب فوزي البنزرتي    رسميا: قطيعة بالتراضي بين الترجي الرياضي والبرتغالي "ميغيل كاردوزو"    خمس أسباب تدفعك للاستقالة من شركة طيران خليجية    عاجل/ ميناء حلق الوادي: ضبط أكثر من 1 كغ من الكوكايين على متن باخرة قادمة من الخارج    القيروان: حادث مرور يسفر عن 6 وفيات    محمد صلاح يضع شرطا واحدا لتجديد عقده مع ليفربول...ماهو؟    نقابة الفلاحين تقترح على الدولة بيع لتر زيت الزيتون ب10 دينارات    الدورة السابعة من روحانيات من 30 أكتوبر إلى 2 نوفمبر    الشبيكة: ثلاثة قتلى واصابة ستة أخرين في حادث مرور    انطلاق اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين    عاجل/ الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية في "تل أبيب" بصاروخ باليستي    عاجل/ معطيات وتفاصيل جديدة بخصوص قيام طبيبة ببث عمليّة جراحية في المباشر على "تيك توك"..    رسمي: الترفيع في طاقة استيعاب مراكز الفحص الفني    البنك الوطني الفلاحي: ارتفاع طفيف في الناتج البنكي الصافي موفى سبتمبر 2024    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو الى بناء المواجل لمواجهة شحّ المياه في تونس    صفاقس: إستئناف الدروس مع تأجيل الإمتحانات    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تنظم المشاركة التونسية في المعرض الدولي للفواكه والخضرمن 5 الى 7 نوفمبر 2025 ببرلين    الحرس الوطني يدعو الى توخي الحذر تحسبا لتساقط كميات هامة من الامطار بهذه الولايات    المهدية: تعليق الدروس بعدد من المعتمديات بسبب التقلبات الجوية    خاص: الترفيع في قيمة الدعم الى 11.6 مليار دينار العام المقبل    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    عاجل/ بسبب الأمطار: تأجيل الجلسات بجميع محاكم هذه الولاية إلى وقت لاحق..    التقلبات الجوية: أبرز تدخلات الحماية المدنية خلال 24 ساعة الماضية..    محرز الغنوشي: الرجاء التنقّل الّا للضرورة القصوى بهذه المناطق    تقرير: تعافي القطاع الفلاحي يدفع نمو الاقتصاد الوطني    سليانة: وضع 10 ألاف و150 قنطارا من البذور الممتازة منذ بداية الموسم بمراكز التجميع    الفنانة شيرين تدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية..ما القصة؟    اجتماع طارئ للجامعة العربية    "أعطونا ما سرقتم منا".. ملك بريطانيا يتعرض لموقف محرج في البرلمان الأسترالي    أصبح ظاهرة متفشية في مؤسساتنا التربوية .. التدخين يقتل أطفالنا في صمت !    وفاة الإعلامي جميل الدخلاوي    ديوان الإفتاء: إمرأة وإبنتها تعتنقان الإسلام    نادين نجيم تنفي صحة الشائعات حول انفصالها عن خطيبها    تأثير الكافيين على وزن الجسم والإصابة بالسكري    بعدك يا نصر الله، بعدك يا سنوار    يا يحي .. خذ القضية بقوة..    مفتي الجمهورية في زيارة لشركة مختصّة في انتاج زيت الزيتون البكر وتعليبه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي:لهذه الأسباب أصرّ على تطبيق الأعراف الجامعية هذه المرّة
نشر في الشروق يوم 27 - 01 - 2019

إني المذكور أسفله كنت قد كُلفت خلال شهر أفريل الماضي، عبر مكتوب رسمي من طرف السيد رئيس جامعة الزيتونة، ب«تحكيم» كتاب صادر عن مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان يحمل عنوان نظام اللسان ومنهج البيان في تحليل الخطاب الشرعي الإسلامي. نعم هو تكليف ب«تحكيم» كتاب منشور خلافا لمنطق التقاليد الأكاديمية المعروفة حيث يسبق التحكيم النشر، لكن لا غرابة أن تسير الأمور على خلاف طبيعتها في جامعة الزيتونة. المهم أني أنجزت العمل المطلوب الذي استغرق منّي شبه تفرغ لشهر كامل من العمل المتتابع وقدمت تقريرا إلى السيد رئيس الجامعة بتاريخ 15 ماي 2018 عن طريق مدير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان، كما أودعت نسخة من هذا التقرير بالإدارة العامة للبحث العلمي بتاريخ 27 جوان 2018 وسلمت أخرى إلى السيد كاتب الدولة للبحث العلمي بصورة شخصية بتاريخ 28 جوان 2018.
وقد خلصت في هذا التقرير إلى أن الكتاب أبعد ما يكون عن المواصفات التي يجب أن تتوفّر في العمل الأكاديمي الجدير بأن يصدر عن مركز بحث علمي. وقد بنيت هذه النتيجة في مستوى أول على استدلالات وتحليلات قمت بها وبيّنت من خلالها كيف أن الكتاب مبني على إخلالات واخطاء معرفية فظيعة غير مسموح بها حتى في أعمال الطلبة والباحثين المبتدئين، فما بالك بعمل ترشّح به صاحبه لخطة أستاذ تعليم عال ونالها بعد أن باركه كبار علماء الزيتونة (أعضاء اللجنة التي درست ملفات الارتقاء لخطة أستاذ تعليم عال في مادة الفقه وأصوله). ولكني لن أدخل هنا في تفاصيل هذه الجوانب المعرفية التي ستكون ربما مدار مقال مطوّل ذي طابع أكاديمي، إذ ما أريد التنصيص عليه هو المستوى الثاني الذي أسّست عليه حكمي على هذا الكتاب والمتعلّق بما تضمّنه من مظاهر ثابتة وموثّقة في الانتحال والتمويه. وأتحدّث عن الانتحال هنا، بالمعاني التي ضبطها الأمر عدد 2422 المؤرخ في 23 جوان 2008 في فصله الرابع، منها «النقل الحرفي للنصوص» و«ترجمة استشهادات عن مؤلفين آخرين» و«عدم وضع الاستشهادات المنقولة عن مؤلفين آخرين وترجمتها بين معقفين». وقد ثبت لديّ أن الكتاب متوفّر على مساحات واسعة جدا ممّا يدخل تحت باب هذه الظواهر الانتحالية وقد قدمت في تقريري أمثلة موثّقة على سبيل النمذجة، لا على سبيل الحصر. أما التمويه فأعني به الإيهام بالتعامل المباشر مع المصادر والمراجع في حين تقوم قرائن قوية في بعض الأحيان وأدلة قاطعة في أحيان أخرى على أن الكاتب ينقل عن مراجع يخفيها ويحيل مباشرة على المصادر الأولى.
وأنا إذ أكتب هذه الرسالة المفتوحة، فلأني بتّ على يقين بأن تقريري سيكون مصيره التجاهل من قبل الطرف الذي طلبه (جامعة الزيتونة) والطرفين المعنيين بمتابعته (كتابة الدولة للبحث العلمي والإدارة العامة للبحث العلمي).أعرف أن هذه المظاهر من الانتحال والتمويه غدت مستفحلة في الجامعة التونسية، وهو أمر «طبيعي» في تقديري، لأنها جزء لا يتجزأ مما تعرفه بلادنا اليوم، في جميع المجالات، من استشراء لظواهر السرقة والفساد واعتماد الوسائل الدنيئة وغير المشروعة في تحقيق المآرب الشخصية. وليست لي في حقيقة الأمر أوهام بشأن وجود إرادة عامة (سياسية أو غير سياسية) لمحاربة مثل هذه الظواهر، سواء في الجامعة أو في غير الجامعة. وأعرف أن صاحب الكتاب ليس أول من نال درجة جامعية لا يستحقها معرفيا وليس أول من اعتمد أسلوب ال«couper/coller» بهذه الدرجة ليوهم بأنه يحمل أسفارا، ولن يكون الأخير. وقد كنت سأتفهّم عدم تفاعل إدارة مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان ورئاسة جامعة الزيتونة وإدارة البحث العلمي وكتابة الدولة للبحث العلمي مع تقريري هذا، وكنت سأقبل الموقف الضمني لهذه الأطراف الذي مؤداه: «شكر الله سعيكم»، لو أني بادرت بتقديم التقرير من تلقاء نفسي مدعيا أني «مواطن صالح» أنجزته «غيرة على الجامعة التونسية ومستواها العلمي» و«دفاعا عن المعايير الأكاديمية والقيم الجامعية» ... إلخ. ولعلمكم، يا سيادة الوزير، ليس نشر هذا الكتاب الا صورة عمّا اعتبره إهدارا لجميع شروط العمل الأكاديمي واستخفافا بأبسط مقومات المؤسسة البحثية الجامعية في تسيير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان. ولي بدل الدليل مئة عن حجم الخور في هذه المؤسسة، ولم أكلف نفسي يوما القيام بدور «المواطن الصالح» في التنبيه إلى هذا الأمر، لأني، اعتبر، ببساطة، أن شروط الإصلاح غير متوفّرة في هذه المؤسسة.
أما وقد أنجزت التقرير بتكليف رسمي من رئيسي في العمل وصرفت فيه من الجهد والوقت على حساب التزاماتي البحثية والتأطيرية، فمن حقي الاصرار على أن يتمّ التعامل مع هذا التقرير بما يجب التعامل به في مثل هذه الحالات، أي إما بتسفيه محتوياته وإبطال نتائجه عن طريق تقرير علمي مضاد (وأنا واثق تمام الوثوق مما كتبت وأن مسألة الانتحال على مقتضى الأمر المذكور ثابتة لا لبس فيها)، وإما بتطبيق القانون بحذافره على الكتاب وصاحبه الذي ترقّى به إلى درجة أستاذ تعليم عال ومحاسبة من كان وراء نشر هذا الكتاب المهزلة دون تحكيم علمي رصين. فمن غير المعقول أن يقع تكليفي بعمل تطلّب منّي أن أقرأ ما يقارب الثمانمائة صفحة (متن الكتاب مدار التحكيم وكتاب آخر على صلة به للمؤلف نفسه)، هي من أردأ وأسوأ ما يمكن أن يجبر الباحث على قراءته، وأن أقضي ساعات طوال في مراجعة الكثير من المواقع الإلكترونية وتدقيق الكثير من المسائل وأن أصوغ تقريرا في عشرين صفحة مدعّما بما يلزم من شواهد موثّقة، ثمّ يرمى بهذا التقرير في سلة المهملات. وأنا اليوم أتساءل ما الذي دفع رئيس جامعة الزيتونة إلى طلب «تحكيم» كتاب قد تمّ نشره إذا لم تكن له نية اتخاذ التدابير اللازمة وتدارك خطأ نشره من قبل إدارة المركز؟ في الحقيقة لا أرى اللحظة إجابة معقولة، ولا أريد ان أدخل في متاهات التخمين أو التأويل. كل ما أعرفه أنه من غير المعقول أن يكلّف جامعي بعمل يبذل فيه جهدا ويصرف فيه وقتا ويسعى إلى إنجازه بأقصى ما يمكنه من الجدّية والإتقان، ثم يكون مصير هذا العمل الإهمال، مما يفتح باب التأويلات والتخمينات بشأن الدوافع التي تقف وراء تكليفي بهذا العمل. لهذا أنا مصرّ على أن لا تمرّ هذه الحادثة مرور الكرام وأن يتمّ التعامل مع تقريري بمقتضى الأعراف والقوانين الجامعية. أنا أدعوكم، سيدي الوزير، بصفتكم المسؤول الأول عن حسن سير المرفق الجامعي، التدخل من أجل أن يتحقّق هذا الأمر. والفت عنايتكم أني احتفظ لنفسي باستخدام جميع الوسائل الممكنة والمشروعة من أجل بلوغ هذه الغاية إذا فضلت وزارتكم تجاهل هذه الرسالة المفتوحة.
سهيل الحبيّب
باحث/أستاذ تعليم عال بمركز
الدراسات الإسلامية بالقيروان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.