شاهدت على القناة الوطنية الأولى، في سهرة الإثنين الماضي 03 سبتمبر 2018، حوارا أجراه الإعلامي حبيب جغام مع الروائي السوري الراحل حنا مينا، الذي وافته المنية يوم 21 أوت الماضي عن عمر يناهز التسعين عاما بعد صراع مع المرض. الحوار كان شيقا، رغم أنه صور سنة 2000 في مدينة القيروان وذلك بمناسبة ملتقى ربيع الفنون الذي التأم آنذاك بعاصمة الأغالبة، ولكن ما يستفز حقيقة، هو لماذا لم يبث هذا الحوار، إلا بعد 18 عاما من تصويره؟، ولو ظل حنا مينا على قيد الحياة ربما لما بث إلى الآن، هذا الإستفهام جعلنا نتصل بالإعلامي حبيب جغام للاستفسار، خاصة وأن الحوار مسجل وليس به ما يدعو – سياسيا – للصنصرة؟ "هذا الحوار ليس وحده الذي يبث على التلفزة التونسية، إذ هناك 04 حوارات أخرى منها حوار مع الراحل زبير التركي، وقد تألمت في صمت لانه خسارة أنك تتعب ولا تمرر مثل هذه الحوارات، أما السبب، فكان لقب "جغام" لأن تصوير هذه الحوارات الخمس تزامن مع غضب القصر أو الرئاسة عن الوزير السابق محمد جغام، بسبب رفضه تسلم سفارة تونس بالصين، وكان وقتها مصطفى الخماري مديرا للتلفزة، وبذكاء ألغى بث الحصص ووضعها في بيت العنكبوت..." هكذا فسر حبيب جغام عدم بث حواره مع حنا مينا، وهو أيضا من بادر بإعلام التلفزة التونسية بوجود هذا الحوار في الأرشيف، ليبث في سهرة الاثنين الفارط. الحوار مع حنا مينا الذي بثته الوطنية الأولى، كان ممتعا، ورغم أنه مر على إجرائه 18 سنة إلا أنه تضمن معلومات عن فقيد الرواية العربية لا يعلمها الجمهور العريض من قبيل أن حنا مينا، جاء إلى الدنيا بعد ثلاث بنات، حيث تألمت أمه لأنها لم ترزق بصبي، فخرجت إلى السماء وطلبت من ربها أن يرزقها بولد كيفما كان، فكان كيفما كان.. وعن نفسه قال حنا مينا في الحوار: "كنت الحجر الذي رفضه البناؤون فصار رأس الزاوية، وأنا سفير جهنّم إلى العالم السفلي، أحاول كما حاول سبارتاكوس أن يحرر العبيد، أن أحرر الناس الذين في العالم السفلي". حنا مينا أيضا كشف في حواره أنه رزق بولد بعد ثلاث بنات، كلهن نجحن في مختلف العلوم إلا هذا الإبن الذي صار نجما من نجوم السينما والدراما في سوريا وفي العالم العربي، وهو الممثل سعد مينا، الذي بدأ مسيرته بطلا في دور مفيد الوحش وهو شاب في مسلسل عن رواية لولده ويحمل نفس عنوانها "نهاية رجل شجاع"، ثم برز في عديد الأعمال على غرار "الكواسر" و"الجوارح"... حنا مينا لم يمت كما أراد في حواره مع حبيب جغام، فقد أخذ منه المرض مأخذا قبل وفاته، لذلك قال إنه يتمنى الموت القريب بحكم حبه للحياة ولا يتمنى أن تفعل به الشيخوخة ما فعلته به قبل رحيله، وهو أيضا المدين لطفولته ولشبابه الذي ضاع في السياسة، كما قال، وفي الحوار أيضا مقولات لو أخذت ونقلت على مواقع التواصل الاجتماعي ستصبح كل واحدة منها حكمة، ومنها قوله: "الكتابة هي اللذة الكبرى والرذيلة الكبرى ولا خلاص منها إلا بالموت"، وأيضا قوله: "الثقافة هي الكنز الذي لا ينقص وما عداها كل كنوز الدنيا إلى فناء"...