بالأمس كان المواطن في أي ميدان كان، ممنوعا عليه الافصاح عن أية تجاوزات أو ممارسات من شأنها أن تدين مرتكبيها خوفا من أن ينقلب عليه الأمر ويُزجّ به في السجن بكل سهولة، أما اليوم فقد منّت علينا الثورة بالحرية المسؤولة طبعا وحمّلتنا مسؤولية جسيمة تحتّم علينا أن نشير الى أيّ تلاعب أو ممارسات مشبوهة، ومن هذا المنطلق أحسست بواجب البوح بما يحدث حتى تطمئن نفسي وأكون قد قمت بما يمليه عليّ ضميري لذا أقول: شكرا لكم يا سي مختار على قبولكم الاشراف على مؤسسة التلفزة الوطنية لأنّكم، والحق يقال لا يوجد في تونس من هو قادر على إدارة شؤون هذه المؤسسة غيركم، فأنتم الخبير في الشأن الاعلامي والفنّي.. مررتم بعديد التجارب بدءا بمنشط ممتاز في «سباق الخيل» كان وقتها كل المتفرجين ينتظرون كل أسبوع بفارغ الصبر إطلالتكم لتتحفهم بتعليقاتكم الممتازة الى حدّ أنّكم أثّرتم في العديد من التونسيين وأصبحوا مولعين برهان سباق الخيل «Tiercé» ولم يقتصر طموحكم على ذلك بل بدأتم تحتلون مناصب مهمة كمدير للتلفزة «تونس 7» التي شهدت في عهدكم تطورا كبيرا جعلتها تزاحم التلفزات العربية والعالمية إلا أنكم انسحبتم لعدم توافقكم مع النظام السابق «حسب ما راج من أخبار في ذلك الوقت لكن سرعان ما ألحّت عليكم السلطة وناشدتكم بالعودة ولإرضائكم تمّت ترقيتكم حيث أصبحتم مديرا عاما للتلفزتين «تونس 7» و«تونس 21» فسبب إصرار النظام السابق على شخصكم هو أنه لا يوجد في تونس من هو أقدر منكم وليس هنالك من يضاهيكم في مهامكم. فشكرا لكم مرة أخرى، يا سيّدي، لقبولكم بالقيام بالواجب فتجاربكم التي يشهد بها الخاص والعام هي التي فرضت على النظام السابق أن يتمسّك بشخصكم فهي عديدة وقيّمة، من مدير تلفزة الى رئيس شعبة الاذاعة والتلفزة الى مدير عام للتلفزات حتى أنهيت مهامكم وتركتم في قلوبنا لوعة، ثم جاءت الثورة وأعادكم الغنوشي الى المؤسسة بذلك يكون قد أرجع الأمور الى نصابها حينها تنفسنا الصعداء متفائلين ومعولين على حرفيتكم وحنكتكم وما تتحلّون به من نظافة اليد حتى أن نقابة التلفزة الوطنية قامت بتحقيقات معمّقة حول التجاوزات والفساد وقدمت العديد من الشكاوى ضد الكثير من المديرين إلا أنتم.. إلا أنتم يا سي مختار أليس ذلك دعما لما ذكرته في شأنكم فأنتم خير من يحسن التصرّف في المال العام ويرفض الفساد مهما كان مصدره، والدليل على ذلك أنكم عقدتم ندوة صحفية إثر تولّيكم المنصب وأعلنتم عن التجاوزات التي وقعت في العهد السابق، إلا أن المثير للانتباه والاستغراب أن صحيفة يومية نشرت قائمة اسمية ذكرت فيها عناصر تحصّلت على امتيازات مالية ضخمة من ضمنهم السيد عدنان خضر، فتصرفتم تماما كما في العهد السابق، فكل من يُتّهم بالفساد تقع ترقيته وذلك لتضليل الرأي العام فقمتم أنتم بدوركم بتعيين السيد عدنان خضر مديرا ل«قناة 21». إن الأمر الذي جعلني أكتب هذا المقال هو احترامكم للجمهور المتعطش للفرجة في رمضان فقرّرتم إنتاج عملين تلفزيين، وتأكيدا على مراهنتكم وحرصكم الشديد علي انتاج يتّسم بالجودة فقد عيّنتم أحد المخرجين الذي هو في الحقيقة ليس له تكوين أكاديمي في الميدان السمعي البصري والكل يعرف أن وجوده في المؤسسة كان نتيجة قرابة عائلية بينه وبين محمد عبد الكافي يعلمكم يا سي مختار أن عبد المجيد الجلولي ملحق من وزارة التربية.. إذن أليس من الأجدر وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتكلّفون مخرجين أثبتوا جدارتهم وأصحاب خبرات أكثر منه بكثير أم أن المسألة مازالت تتعلّق بالولاءات.. وأشياء أخرى.. لتوفير فرص عمل، أظن أن هذا زمن قد ولّى وانقضى.. كفانا، يا سيدي، من هذه التصرّفات فهذا الشأن شأن عام وليس خاصا فلم يعد للصمت مبرّر.. أقول هذا لأني أغار على هذه المؤسسة التي عملت فيها طيلة حياتي المهنية كمتعاون خارجي وما يقع فيها من سوء تصرّف يهمّني أيضا.. أعرف أنه لن تقع دعوتي مستقبلا للمشاركة في الأعمال الدرامية المقبلة ليس هذا بمهم فقد اخترت لنفسي أن أكون كبش فداء حتى لا يُحرَم الفنان الحقيقي والحرفي المحنّك من ممارسة عمله وكما يقال: أقولها وأَمضي ها أنّي قلتها وأمُضي. مسرحي