باهي الصيف هكذا يقول الصرصار... أما النملة تلك التي تشقى وتجهد لتوفير بعض المال طوال السنة فإن الصيف يقوم بحملة تطهير حاسمة في خزينتها ويعيدها الى نقطة البداية... حيث السؤال التاريخي والمتعلق بالفلسفة الوجودية : «صبّوش»... وصبّوش هذه تتعلق بالمرتب الذي يلي الصيف والذي تنتظره مهمات جسيمة ومنها سد الثقوب بل الحفر التي خلفها شهر أوت واخوانه فبعد الاستحمام في البحر يأتي دور الاستحمام في الناشف... قد تحسن العوم في البحر ولكن الغرق في الناشف سهل جدا... ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد... فثمن «البرنزاج» يحتاج الى قرض قصير المدى طويل النكد... ثم ابشركم بالعودة المدرسية.. مصاريف حتمية لا نقاش فيها ولا جدال... بالمائة تخفيضات... جميل ولكن من حدد الأسعار!.. وابشركم مرة ثانية.. رمضان قادم ورمضان عندنا تجوع فيه الجيوب لتمتلئ البطون... «صبّوش» يعود السؤال هذه المرة بإلحاح شديد والمقصود هنا هي منحة الانتاج... يسألون عنها قبل ثلاثة أشهر.. وقد تصرف المنحة ومعها المرتب الاضافي أو الثالث عشر قبل دخولها جيب المواطن... «الكريدي» و»الكمبيال» يرهن القادم... وقد تعجب أحيانا من مواطن يتقاضى دينار ويصرف و»يفضّل» دينار... انها معجزة الاقتصاد المنزلي في هذا العصر.. التونسي شره وما تطوله عينه لا تطوله ذراعه ومع ذلك استنبط «سيستام» يجعله يتكيّف ويتفنن في توريط نفسه بقدر تفننه في الخلاص منها وأحيانا تحتار في وضعه في خانة معينة فلا تدري إن كان معدما أو ميسورا... هذه البهلوانيات لا تدرّس وقد تحيّر خبراء الاقتصاد ومع ذلك «الكرة تدور» ولكن بالمقابل يقع الشاطر اذا ما تجاوز الحدود... فالشيكات بدون رصيد تربك الاقتصاد مثلما تدمر العائلات وفي ثقافتنا فإنها مثل التهرب من الجباية ليست «عارا» حتى وإن دخل مرتكبها السجن... باهي الصيف هكذا يقول الصرصار... والصرصار يغني أو يرقص بمقابل الصرصار يحول حانوت الكفتاجي الى محل لكراء الكراسي وللأعراس... الصرصار يحوّل مخزنا لجمع خرفان العيد الى محل «صونو» لحفلات السطوح... الصرصار يفتح عشّة على الشاطئ... الصرصار يبيعك نسيم البحر وزرقته... وهدير أمواجه... مع أنه ملك عمومي... يبيعك حبّات الرمل التي تضرس بها وأنت تتناول لمجتك... أنت تشتري ضحكة أطفالك بالمال... هذا بما يفعله الصرصار...