تضطلع المنظمات الوطنية (اتحاد الشغل، اتحاد الأعراف، اتحاد الفلاحين، اتحاد المرأة) بمهام عديدة سياسية واجتماعية واقتصادية. وهذه المنظمات تعيش بعد الثورة حالة من الترميم الداخلي وإعادة ترتيب البيت من جديد مع الحفاظ على الأهداف المنوطة بعهدتها، ومع هذا تواجه هذه المنظمات لا سيما منها من هي في حالة مخاض حقيقي بعض الصعوبات ومنها إشكالية التمويل الذي يجعلها قائمة الذات. «الشروق» أرادت فتح ملف تمويل المنظمات من خلال الحديث الى ممثليها ووقفت عند الصعوبات والمقترحات الممكنة. غير كاف ويعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة غير حكومية في تونس لذلك تحتل الانخراطات نسبة 65٪ من المداخيل وذلك حسب محمد سعد الأمين العام المساعد المسؤول عن المالية بالاتحاد. وأضاف محدثنا أن الاتحاد له موارد ذاتية أخرى في حدود 2٪ وهي متأتية من أكرية المحلات وقاعات الأفراح. وأشار الى أنه بالتوازي مع موارده الذاتية يحصل الاتحاد على منحة من الدولة وهي مخصّصة لجميع المنظمات. واعتبر أنها منحة تقديرية تحمل اسم منحة تدخلات اجتماعية تسند شهريا للاتحاد لكنها لا تفي بالحاجة لا سيما في الظرف الحالي الذي زادت فيه نسبة الضغوطات الاجتماعية بسبب توقّف صرف رواتب البعض. وقال: «نحن نطالب بنسبة قارة من الاعتماد السنوي المخصّص للمنظمات نظرا لتزايد حجم الضغوطات سالفة الذكر». وأضاف أن تمويل الدولة للمنظمات حقّ يجب تقنينه على أسس موضوعية ومن هذا المنطلق تمّ توجيه عديد المراسلات للتفاوض في مبلغ التمويل بصفة نهائية حتى يتمكّن الاتحاد من الاضطلاع بمهمته ومساعدة من هم في حاجة الى ذلك. وختم بأنه بعد ثورة 14 جانفي عرف الاتحاد تردّد الكثيرين طلبا للمساعدة لكن ما هو متوفّر لا يفي بتغطية جميع الحالات. تمويل منقوص والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة هو أيضا من المنظمات العريقة التي تضمّ شريحة مهمة اقتصاديا وهي رجال الأعمال الذين يعرفون بالأعراف. هؤلاء عرفوا بعد الثورة حراكا كبيرا في مستوى المكتب التنفيذي للمنظمة الذي أراد بعد استقالة رئيسها السابق أن يقطع مع توجّهات النظام البائد ويضع لنفسه أسسا جديدة تتماشى وفق المرحلة الحالية. وهذه المنظمة تشغّل حسب السيد مصطفى الحبيب التستوري عضو مكتب تنفيذي في حدود 250 موظفا بالإضافة إلى دو رها النقابي في الدفاع عن كل المهن والمساهمة في جلب المستثمرين الأجانب وأوضح أنه رغم ذلك لا تحصل المنظمة على فلس واحد من مال المجموعة الوطنية. وأكد أن المال الوحيد ينظمه القانون عدد 101 لسنة 1974 المؤرخ في 25 ديسمبر 1974 المتعلق بقانون المالية لسنة 1975. وينصّ هذا القانون على أن تقع الزيادة بداية من جانفي 1975 في مساهمة الأعراف الواجب دفعها بعنوان الضمان الاجتماعي بنسبة 0.5 بالمائة من مجموع الأجور والمرتبات والأرباح التي يتقاضاها العملة ويستعمل محصول الزيادة المذكورة لتطوير الأنشطة والتدخلات في الميادين الاقتصادية ويتم توزيعه بمقتضى قرار من الوزير الأول. وخلُص الى القول بأنه منذ 35 سنة و«المنابات» تجمع عند الدولة ويوزعها الوزير الأول بحيث أن البعض منها يتجه نحو التجار والصنايعية والبعض الآخر يوجّه الى منظمة الأعراف حتى تستطيع مواصلة نشاطها. وذكر أن المنظمة عانت مع بداية السنة الحالية صعوبات عديدة بسبب عدم دفع التمويل أو منحة الثلاثي الأول التي اعتادت المنظمة الحصول عليها خلال شهر جانفي من مجموع 5 ملايين دينار سنويا. وأوضح أن المقصود من ذلك هو إضعاف المنظمة وبالتالي إضعاف البلاد. وقال: «لو لم تكن المنظمة مهيكلة لوقفت شؤون كثيرة في البلاد». وختم بضرورة العناية بجانب تمويل المنظمات حتى تساهم في خلق فرص شغل جديدة بالاضافة الى تحسين دورها مستقبلا». مخاض ومن جهة أخرى يعيش الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري حالة مخاض بعد استقالة رئيسه السابق وتصاعد الجدل القائم حاليا بين أعضاء المكتب التنفيذي والرئيس المؤقّت الأمور على جميع الأصعدة الى درجة خلق حالة من الخوف على مصير الموظفين الذي يفوق عددهم 200 موظف على مستوى وطني وجهوي. وتُسند حسب مصادرنا منحة الدولة الى الاتحاد كل ثلاثة أشهر بالاضافة الى الانخراطات وهذا غير كاف لتغطية نفقاتها المتعددة والتي تهمّ خاصة أجور الموظفين والأعوان والقيام بالمهام النقابية والتكوين وتأطير الفلاحين. وترى مصادرنا أن اتحاد الفلاحين هو منظمة مسؤولة عن هياكل إنتاج ولها علاقات وطيدة بمنظمات أجنبية بما توفّره من عقود شراكة وتحفيز للاستثمار الفلاحي وبالتالي وجب التفكير في النظر في المنحة المسندة إليها والتي لا تتماشى أبدا مع حجم مصاريفها وتدخّلاتها. وبعد الاشارة الى أهمية اتحاد المرأة في مستوى اجتماعي واقتصادي قالت مصادر الاتحاد إن المنظمة تحصل شأنها شأن المنظمات الأخرى على دعم من الدولة مع بعض الموارد الذاتية المتأتية من مراكز التكوين ورياض الأطفال التابعة لها وكذلك الانخراطات التي يقدّر عددها ب180 ألف منخرطة ولكن قيمة الانخراط ضئيلة جدا وقد حدّدت ب500 مليم فقط. وذكر نفس المصدر أن الاتحاد يهتمّ كثيرا بالجانب الاجتماعي ويقدّم مساعدات الى ضعاف الحال كما ساهم في خلق فرص شغل من خلال منح قروض صغرى. وبناء عليه يواجه ضغوطات عديدة لا سيما وأنه غير قادر على توفير أجر كاف للموظفات. وتصبح بذلك منحة الدولة غير كافية لسدّ الحاجيات.