سامح الله ذاك المرحوم الهرم الطربي العربي الشهير محمد عبد الوهاب الذي تغنى بأكبر أكذوبة مرددا «ماحلاها عيشة الفلاح متهني عايش مرتاح» ربما يكون ذلك صحيحا عندما كان الفلاح يأكل ما حضر حتى وإن كان عشبا ويلبس ماستر حتى وإن كان كيسا أما اليوم وقد بات الفلاح«يأكل العصا» وهي الأكلة اليومية التي تلوكها أفواه كل الفلاحين حتى أنك إذا سألت أيا منهم عن أحواله قال لك إننا «نأكل العصا» وهي الأكلة الجديدة التي لا يعرفها المعهد الوطني للتغذية ومفعولها على شرايين القلب وخلايا المخ لا يعرفه لا اتحاد فلاحين ولا وزارة فلاحة. الفلاحون هم أحوج الى «كنام» لمزروعاتهم منهم الى أنفسهم كيف لا وقد اعتلت بذور الزرع وشاخت فولد الزرع حاملا لكل فيروسات الأمراض المزمنة كالحمراء والتبقع السبتوري والصدإ ولاحول ولا قوة على تسديد مصاريف الدواء للزرع المريض بالوراثة كيف لا و«الربيع ربع و«الحليب» قراص» فعلا...وتحولت النعمة الى نقمة حيث بلغ إنتاج الحليب ذروته منذ مطلع هذا الربيع في غياب قدرة المستحوذين على مونو بول التصنيع على استيعاب الكميات الزائدة التي أنعم بها الربيع على البقر الحلوب والتي بقيت بالتالي بين أمرين إما صبها في الأودية والغدران أو بيعها على أساس أنها «قراصت» ب 80 مليما للتر الواحد أي بقيمة لا تغطي نصف حفنة علف ليبيعها التاجر بأكثر من دينار بعد تحويلها الى أجبان تقليدية وهو ما يعني أن ليس الفلاح وحده من يأكل العصا وإنما كذلك المستهلك أيضا وهكذا تصبح هذه الأكلة من المنتج الى المستهلك ليس في الألبان والأجبان فقط وانما في كل ماهو مأتاه من الزرع والضرع معا وهكذا يعيش الفلاح والمستهلك للخضّ والزبدة للوسطاء وفي هذا الأمر أكثر من جواب عن السؤال لماذا «يحرق بقرنا الحلوب الحدود? وهل من «كنام» لأمراض الزرع المزمنة حتى لا يدخل الفلاحون في كتاب غيناز للأرقام القاسية العالمية على أنهم أكثر الناس في العالم أكلا للعصا.