يواصل الخبير الامريكي جون بيركينز في هذه الحلقة الجديدة من ركن «كتاب تحت المجهر» كشف المزيد من الاسرار حول أهم الاحداث والمحطات التي عاشها وعايش أطوارها خلال فترة توليه مسؤوليات رفيعة صلب ما يسميها «مجموعة المافيا» التي كان هو أحد «قادتها» في أمريكا لسنوات قريبة... صاحب كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» يسلط الضوء في هذه الحلقة على حقائق وجزئيات بوليسية مثيرة ومشوقة حول طريقة اشتعال آلة الابتزاز الضخمة للمجموعات الحاكمة في أمريكا وحول طريقتها في حبك المؤامرات وتدبير المكائد لتمرير مخططاتها الاستعمارية في المنطقة... ... خفايا... الزلزال هجمات 11 سبتمبر 2001... هذا «الزلزال» الدامي... و«الدرامي» الذي أعاد عجلة التاريخ الى الوراء... وهذا الحدث الكارثي الذي أوقعت في حبائله جهات أخرى أكلت «الطعم» ووجهت لها أصابع الاتهام ودفعت باهظا ثمن جريمة هي منها براء... هذا الحدث الذي تحل الذكرى التاسعة على مروره بعد أيام قليلة يقول عنه «بيركينز» انه لم يكن سوى حلقة من حلقات التآمر الامريكية على دول المنطقة... مؤامرة يذهب صاحب الكتاب الى القول بأن عائلة بوش نفسها ضالعة في كيدها لأغراض معروفة ومكشوفة... ومن جملة ما يسوقه الكاتب في كتابه هذا حول الكارثة أنه بمجرد أن علم بوش الابن بحادث انهيار البرجين لم تتعلق همته بعد تجاوز اللحظات الاولى من الصدمة بابراز الحقيقة لمعرفة من خطط لهذا الهجوم ومن وقف وراءه... ومن موله... ومن هم منفذوه... وما هي هوية المستفيدين منه بل انه ذهب بسرعة فائقة الى تحديد خطة وتحرك ضد جهات لا علاقة لها بهذا الهجوم لتمكين مجموعة كبريات الشركات والمقاولات التي ترتبط بها مصالح عائلة بوش وزمرته من موطئ قدم بمنطقة تزخر بثروات طبيعية منقطعة النظير. ويكشف الكاتب في هذا الاطار كيف أن بوش الابن وحتى قبل أن ترد أي معلومة استخباراتية حول ملابسات هذه الكارثة التي ذهب ضحيتها 3 آلاف مواطن أمريكي سارع (بوش) الى اتهام العراق ولم يكن مباليا حتى برأي مستشاريه حول هذا الموضوع بل انه أصر على اسداء أوامر بتوجيه كل الجهود والمساعي نحو ايهام العالم بأن نظام الرئيس الراحل صدام حسين هو الذي يقف وراء هذا «الزلزال» الذي أطاح خلال بضع دقائق بكبرياء الولاياتالمتحدة وبعقيدتها الأمنية. وحسب بيركينز فإن بوش كان حريصا أشد الحرص على انتهاز هذه «الفرصة الثمينة» ل«تعويض» تلك الفرصة التي فوتها والده لادخال العراق بيت الطاعة الامريكي عقب انتهاء الحرب العراقية الايرانية وقبوله بالخطة التي وقع تطبيقها على بلد عربي اثر حظر تصدير النفط الى أمريكا الذي تلا حرب أكتوبر. وفي رأي صاحب كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» فإن الشروع في ضرب أفغانستان لم يكن سوى «مسكن» للرأي العام الامريكي ريثما تنتهي هيئات الاركان في البنتاغون من اعداد خطط العدوان على العراق ويلفت الخبير الامريكي النظر هنا الى أنه كان في الاكوادور أثناء وقوع هجمات 11 سبتمبر مشيرا الى أنه وبمجرد أن وطأت قدمه التراب الامريكي تحول مباشرة الى موقع التفجيرات للوقوف على حجمها ومدى الاضرار التي تسببت فيها... وأضاف أنه كانت له أثناء مكوثه بالموقع أحاديث مع أناس مقيمين بجوار هذا المكان. حيث كما يقول استمع هناك الى شهادات مروّعة لما عايشه هؤلاء من رعب ولما رأوه من جثث متناثرة وأناس يقفزون من النوافذ ككرات من النار وأجسادهم تحترق.. شعور بالذنب ويتابع أنه شعر بالذنب إزاء هذا العدد من الضحايا وتبيّن له أن ضحايا الأعمال الاجرامية التي يقترفها مرتزقة شركات النهب والسلب والقتل الأمريكية عبر العالم لم يكونوا من الغرباء فحسب وإنما كذلك مواطنين أمريكيين آمنين لا ناقة لهم ولا جمل في ما حصل وفي ما يقترفه رؤوس السلطة في بلاده من أعمال.. هذه الأعمال التي يؤكد بيركينز أنه لم يكن يمت بصلة الى ما يدعي بوش أنه يخدم مصالح أمريكا العليا. ولمزيد توضيح الدوافع وراء عدم ايلاء بوش أي أهمية للمصالح الأمريكية وحرصه فقط على تأمين مصلحته ومصالح عائلته وعصابته يشير الكاتب الى أمرين هامين أولهما مبادرة بوش بتجهيز طائرة من نوع «بوينغ» فور علمه بالحادث لرحلة خاصة لنقل مجموعة من أصدقائه من أثرياء العرب ممن كانوا في ضيافته من بينهم كما يقول أفراد بارزين في عائلة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الى خارج الولاياتالمتحدة وذلك قبل أن تطالهم يد مكتب التحقيقات الفيدرالية ويحصل لهم أي «إحراج». .. أما الأمر الثاني والذي لا يقل أهمية عن الأول ولربما يكون أكثر أهمية منه بحسب الكاتب هو أن انسياق الادارة الأمريكية الأعمى وراء ارضاء رغبة بوش الابن في اختيار «المجرم الافتراضي» بعيدا عن الوقائع الميدانية والحقائق فوّت الفرصة على أمريكا في ظرف سياسي وتاريخي دقيق لترتيب حديقتها الخلفية (أمريكا اللاتينية) التي كانت حسب عقيدة «مونرو» أساس أمن واستقرار وازدهار أمريكا الشمالية بالتصدي لبروز قيادات مناهضة للجار العملاق الشمالي في كل من فنزويلا وبوليفيا. ويقول صاحب الكتاب في هذا الاطار ان صدام هو الذي أنقذ بصفة مباشرة أو غير مباشرة هوغوشافيز ونظامه لأن مصلحة أمريكا كما يرى كانت تقتضي التوجه أولا الى فنزويلا التي كانت المزود النفطي الأساسي لأمريكا. وبخروجه عن بيت الطاعة الامريكي يضيف الخبير الامريكي كان التهديد كبيرا بأن تنفرط احدى حبات عقد الحلف الامريكي في المحيط اللاتيني وبروز شبكة من التحالفات تضم البرازيل وكوبا وبوليفيا وفنزويلا وبلدان أخرى اتسع التعاون صلبها خلال السنوات الاخيرة الى ميادين متنوعة وارتقى الى درجة لم يعهدها سابقا وتمكن «المارد اللاتيني» بفضل ذلك حسب الكاتب من وضع الاسس لاستدامته واستعصائه على مؤامرات ال«سي آي إيه» وعلى سعيها الدؤوب الى الاطاحة بالقيادات التي لا تخضع الى مخططاتها ولاتنصاع الى أوامرها وضغوطها... هذه المعلومات التي يقدمها بيركينز في هذه الحلقة ربما تبعث في جانب منها على الاستغراب... لدى كل من يطلع على الكتاب.... وربما حتى لدى الكاتب نفسه الذي وصف هذه الحقائق ب«المؤلمة» بالنسبة اليه كرجل كان عنصرا أساسيا في الدسائس والمكائد التي حيكت ضد شعوب آمنة وضد مقدراتها وموارد رزقها. والتي جنى منها باعترافه أموالا طائلة ولكن لم يكن ذلك سوى نتاج الصدمة التي أصابت صاحب الكتاب والتي يقول عنها الكاتب نفسه انها كانت بالنسبة اليه بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير... لم تراكم عنده من أزمات و«ووخزات ضمير». اعداد: النوري الصل تقديم: الاستاذ عبد الله العبيدي