أعلنت المقاومة الفلسطينية أن عقول مهندسيها تمكنت من تطوير قذيفة جديدة مضادة للدروع، قررت أن تطلق عليها اسم «الياسين»، ولا يتطلب الأمر بحثا، إن هذا الاسم أطلق تيمنا بشيخ الشهداء الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، الذي اغتالته الآلة العسكرية الإسرائيلية بكل جبن رغم اعاقته الكاملة. وقد كان ما حدث مدعاة ألم وغبن كبيرين ألمّا، ليس فقط بالشارع الفلسطيني بل بالشارع العربي أيضا، خاصة وأن عملية الاغتيال أعقبتها عمليات اغتيال استهدفت قيادات أخرى في حركات المقاومة الفلسطينية لا تقل اخلاصا وقربا من القلوب عن الشيخ أحمد ياسين وفي كل مرة كانت الأصوات الغاضبة ترتفع لتتوعد بردّ «يزلزل إسرائيل»، ويضاهي في الألم الذي سينزله بالاسرائيليين ذلك الألم الذي شعر به الفلسطينيون والعرب في استشهاد قيادات فلسطينية، وفي كل مرة لا يأتي ذلك الرد المنتظر، الذي قد يشفي غريزة الانتقام للحظات، من خلال الدمار الذي سيحدثه بالاسرائيليين ولكنه سيفتح أبواب القمع على الفلسطينيين العزّل كما يحدث الآن، عندما تتجاوز الآليات العسكرية المخربة كل المحرمات وتستهدف البيوت بسكانها والمزارع بأشجارها وحتى الطرقات، عندما تتعمد جرّافات التخريب الإسرائيلية شقّها وتدميرها. وعلى الرغم من حدوث عمليات للمقاومة، إلا أنها لم تكن كلها، من الحجم المنتظر أو في ما يضاهي الخسارة التي لحقت بحركات المقاومة الفلسطينية جراء فقدان قياداتها. وعلى الرغم من توقف المقاومة عن القيام بالعمليات الاستشهادية، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يتوقف يوما عن أشد الممارسات قمعا ضد الفلسطينيين بل ان هذا الوضع قد يكون شجّع على استهداف غزة التي لم يكن جيش الاحتلال يجرؤ على الاقتراب منها، وها أن القطاع مقسّم ومفتوح، يقضم الجيش الاسرائيلي أطرافه ويفتتح الممرات، بين أحيائه من خلال تدمير البيوت، وقصف التجمعات السكنية، وها أن كل المدن الفلسطينية، قد أعيد احتلالها، بما يؤكد مرة أخرى، أن اسرائيل لا ترغب في احلال الهدود والأمن، حتى يكون بالامكان مناقشة فرص السلام، كما تدعي، وبما يؤكد أيضا أن اسرائيل لا ترغب أصلا في وجود شريك فلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة، لتبحث معه السلام أو حتى مجرد تصريف الحياة اليومية للفلسطينيين. وبما يؤكد مرة أخرى ضرورة تمسك الفلسطينيين بالمقاومة المسلحة لتحقيق أهدافهم، فالرهان على الهدوء وعلى تدخل المجتمع الدولي لدفع اسرائيل الى الاقرار بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. ثبت انه رهان فاشل. وها أن موراتينوس والذي يعد من الداعمين للحقوق الفلسطينية، وبعد أن عايش معاناتهم في مهامه السابقة. يستنكر عليهم حقهم في الانتفاضة وفي المقاومة دون أن يكون الاتحاد الأوروبي الذي مثله طويلا في المنطقة باعتباره مبعوثا للسلام أو الأممالمتحدة قد مارسا بعضا من الضغط لحمل اسرائيل على احترام اتفاقيات جينيف على الأقل والتي تتعلق بحماية المدنيين تحت الاحتلال، أو لحل مأساة آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في العراء على معبر رفح بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة... كل هذه الأوضاع ينبغي أن تجعل المقاومة الفلسطينية، تتمسك أكثر بحقها في صدّ الاحتلال، وتطوّر من أساليبها بعيدا عما كان سائدا، وعن دوائر ردّ الفعل، وفي هذا السياق يتنزل «الياسين» فهو، على ما يبدو، قذيفة دفاعية، تستهدف ردع الآليات العسكرية المغيرة وليس المدنيين وهو خاصة نتيجة عمل العقول الفلسطينية وهو في كل الحالات جزء بسيط من تراكم، سيتطور مع الأيام، ليجعل المقاومة الفلسطينية، رقما لا يمكن تجاهله أو تجاوزه اسرائيليا ودوليا وبذلك يمكن القول : ان هذا التطور العلمي الذي تضعه العقول الفلسطينية هو الثأر الحقيقي لاغتيال الشيخ أحمد ياسين ورفاقه...