كتب «المفكّران» آلان فينكلكروت وبرنار هنري ليفي جملة من المقالات تصدّيا فيها ل«المناوئين» الذين أرادوا تشويه صورة اسرائيل على اثر اقتحام جيشها «أسطول الحريّة». قال آلان فينكلكروت «لكأنّي أرى الكراهية تحطّم أغلالها لتنطلق حرّة من جديد». أمّا برنار هنري ليفي فقد كتب في زاويته « لماذا أدافع عن اسرائيل « بجريدة «ليبراسيون» : «انّه يعتبر الهجوم على أسطول الحريّة «عملا أخرق» لكنّه لا يسمح لأحد الاتكاء على آرائه ومواقفه لمهاجمة اسرائيل وتحويلها الى كائن شيطاني». كلا «المفكّرين» شنّ هجوما على حملة الاغاثة واعتبراها «ملحمة بائسة» لا علاقة لها بالأسطول الذي نظّمته الجمعيّات الانسانيّة لفائدة الفيتنام خلال القرن الماضي». في كلّ هذه المقالات نقرأ اعتذارا مضمرا عمّا جاء في البيان، لكأنّ الرّجلين أرادا أن يتراجعا عن مطالبة اسرائيل بالتخلّي عن الضفّة الغربية ومدينة القدسالشرقية. كتب أموس عوز الروائي «اليساري» وأحد مؤسّسي منظمّة «السلام الآن» في احدى الصحف الاسرائيلية مقالا غداة اقتحام الجنود الاسرائيليين لأسطول التضامن نقلته صحيفة «لوموند» بتاريخ 4 حزيران 2010 تحدّث فيه عن اسرائيل التي ثملت من كأس انتصاراتها حتى باتت تعتقد في «أن كلّ ما لا تستطيع الحصول عليه بالقوّة يمكن أن تحصل عليه بمضاعفة القوّة». ثمّ يعرّج على المنظمات الفلسطينية فيرى أنّها عبارة عن «أفكار مجرّدة» انبثقت من جحيم اليأس والاحباط، مؤكدا أنّه من الصّعب محاربة الفكرة بالقوّة والحصار.. «الفكرة لا يمكن محاربتها الا بفكرة أخرى تكون أكثر جذبا واغراء واقناعا».. ثم يلتفت الى الاسرائيليين ليردّد على مسامعهم خبر اكتشافه للفلسطينيّين هاتفا: «أجل.. لسنا السكّان الوحيدين لهذه الأرض».. هذا الكاتب الذي كان من المتحمسين الكبار لاجتياح لبنان، وتدمير بيروت، ما فتئ يدعو الى «ابتكار» حلّ وسط يضع نهاية للموت والقتل ... فثمّة في نظره نهايتان محتملتان للصراع العربي الاسرائيلي: فامّا النهاية الشكسبيرية حيث تنزل الستارة على خشبة تناثرت فوقها الجثث، أو النهاية التشيكوفية حيث تنزل الستارة على خشبة تملأ فضاءها شخصيات تعاني من الاحباط واليأس. لكنها مازالت على قيد الحياة». في آخر مقالته يثوب عوز الى رشده ويؤكد أن « استخدام القوّة أمر حيوي للدولة الصهيونية.. واني لا أهّون من شأنه.. فلولا هذه القوّة لما تمكّنا من البقاء على قيد الحياة أكثر من أربع وعشرين ساعة.. أجل لا أحد ينكر أهميّة القوّة « لكن المسألة ، ليست في اعتبار القوّة أساسا للدولة الصهيونية، وانّما في طريقة استعمالها! ان عوز، مثل بقية المثقّفين الصهاينة يريد أن يقوّم ما اختل من أمر الدولة الصهيونية، أي يريد أن يصلح من شأنها حتى تصبح أكثر قوّة ، أي أكثر قدرة على ارهاب الآخرين ! فالاختلاف اذن بين هؤلاء المثقّفين وحكومتهم انّما هو اختلاف في درجة القوّة التي ينبغي أن تستخدم ضدّ الفلسطينيّين، وربّما في طرق استخدامها.. لكنّ الاتّفاق يظلّ كاملا بين هؤلاء المثقّفين وحكومتهم على أنّ وجود الفلسطينيّ تهديد مستمرّ لاسرائيل. فهذا الفلسطيني ان لم يهدّد بسلاحه فبنسله، وان لم يهدّد بنسله فبطريقة حياته وأسلوب تفكيره لهذا وجب استبعاده بل تطويقه بل مطاردته.