تونس تُحيي الذكرى 61 لعيد الجلاء    أستراليا تحث مواطنيها على مغادرة إسرائيل فورا    حالة الطقس اليوم الثلاثاء    تصفيات كأس إفريقيا.. المنتخب الوطني ينهي تحضيراته لمواجهة جزر القمر    وزير الشؤون الاجتماعية يشارك بايطاليا في اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع حول "الادماج والاعاقة"    "حزب الله": استهدفنا عدة تجمعات لجنود الجيش الإسرائيلي بصليات صاروخية واشتبكنا مع قوة مشاة للعدو    العراق: المقاومة الإسلامية تهاجم هدفاً إسرائيلياً بمسيّرة "ذات قدرات متطورة"    حزب الله ينشر صور عملية "العشاء الأخير" التي استهدفت لواء غولاني    قيس سعيد: تونس لن تقبل بأن تكون لا ممرّا ولا مقرّا لأي شخص خارج إطار القانون    قفصة..تخصيص 184 حافلة للنقل المدرسي والجامعي    رئيس الجمهورية: تونس اليوم تُسابق الزمن للاستجابة للحاجيات الأساسية للمواطنين وعلى كل مسؤول أن يكون في موعد مع التاريخ    المهدية...بمشروع «درُون» يشخّص أمراض النباتات.. مشاركة متميّزة لمندوبية التربية في مسابقة «الشّيخة فادية العلميّة» بالكويت    في ظلّ الضّغوطات اليوميّة وانتشار الاضطرابات النفسيّة...الفن علاج للإكتئاب ؟    بنزرت ..في الذكرى ال 61 ...أنشطة متنوعة احتفالا بمعركة الجلاء    موعد تلاقيح النزلة    عاجل/ السيطرة كليا على حريق اندلع بمصنع مواد تنظيف في هذه الولاية    وزارة المالية تحذّر من متحيلين ينتحلون صفة موظفيها وتدعو الى عدم مدهم باي معطيات شخصية    جماهير النادي الصفاقسي تحتج وتقول"كفانا تهميشا ووعودا واهية "    وزيرة الصناعة المناجم والطاقة تبحث حلولا للنهوض بقطاع الجلود والأحذية    زغوان.. الإحتفاظ بشخصين من أجل ترويج مخدر " الكوكايين"    لجنة المالية تطلب الاستماع الى وزيرة المالية حول مشروع قانون اكتتاب الدولة في رأس مال البنك التونسي السعودي    توقعات بزيادة صابة الزيتون بنسبة 145% في هذه الولاية    الفيلم التونسي "نصف روح" يتحصل على الجائزة الذهبية ضمن اللقاءات السينمائية لكوتونو بالبينين    أزمة مباراة ليبيا ونيجيريا.. "الكاف" يدخل على خط    هجوم صاروخي على تل أبيب و21 قتيلا بغارة على شمال لبنان    عاجل/ وفاة تلميذة السادسة أساسي داخل قسمها بسكتة قلبية    حجز مشروبات كحولية بقيمة تتجاوز 640 ألف دينار    عاجل/ جريمة قتل صيدلانية في حدائق قرطاج: كشف معطيات جديدة    القيروان: تأجيل محاكمة العياشي الزمال لهذه الاسباب    يتصدرها لقاء النجم الساحلي والنادي الافريقي ... برنامج مقابلات الجولة العاشرة للبطولة الوطنية لكرة السلة المحترفة    القيروان: رفضوا تزويجه.. فأضرم النار في جسده    الجامعة التونسية للجودو تعلن عن تأجيل الجلسة العامة الخارقة للعادة    صادم/ حادثة تقشعر الأبدان: يسحل زوجته في الشارع أمام المارة ويقص شعرها..!!    قبلي: 7 طائرات سياحية خفيفة تحل بمنطقة تنبايين على بعد 120 كلم بالعمق الصحراوي    محمد علي النفطي، يستقبل سفير دولة ليبيا بتونس    منوبة: وزير التشغيل يشرف على يوم اعلامي حول التكوين الإشهادي التخصصي في مجال محاسبة الكربون    صادم/ جلسة خمرية تنتهي بجريمة قتل وفتاة من بين المشتبه فيهم..هذه التفاصيل..    ديون تونس لصندوق النقد الدولي تنتهي في هذا العام..    الدورة التأسيسية من "مهرجان السيدة نعمة للثقافة والفنون بأزمور" من 18 إلى 20 أكتوبر 2024    القهوة : ماهي أضرارها و ما الوقت المناسب لشربها    الميزان التجاري الغذائي يسجّل فائضا بحوالي 1530مليون دينار    عاجل : أنس جابر تتراجع ب 4 مراكز في التصنيف الجديد للاعبات التنس المحترفات    مباراة ودية: الترجي الرياضي يفوز على مستقبل سليمان    عاجل - تونس : حملة التلقيح ضد ''القريب'' تنطلق 17 أكتوبر و بأسعار منخفضة    المنتخب الوطني يجري حصة تدريبة في الكوت ديفوار و هذا برنامج اليوم    الحرس الوطني ببن عروس تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدّرات وحجز 16 كغ من مخدّر "القنب الهندي".    إمضاء اتفاقية إنتاج مشترك بين المركز الوطني للسينما والصورة والمركز الوطني الجزائري للسينما    طهران: سنحاسب إسرائيل على اغتيال نيلفروشان    منظمة إرشاد المستهلك: تم تسجيل نقص في التزود بمادة الدجاج الجاهز للطبخ    هل ارتداء النظارات باستمرار يضر بصحة العين؟    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان المبدع محمد المورالي    مطرب مصري يستغيث بالأزهر: 'الناس بتقولي فلوسك حرام'    تكريم لطفي بوشناق في مصر    توزر: لقاء فكري نظمته لجنة إسناد جائزة أبو القاسم الشابي للشعر إحياء للذكرى تسعين لوفاته    فوائد لغوية...من طرائف اللغة العربية    كتاب الأسبوع..ملخص كتاب «محاط بالحمقى»!    يسيء إلى سمعة المجتمع...حكم التسول في الإسلام !    مذنّب يقترب من الأرض السبت المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهمس الصاخب: في مهرجان الشعر الإيراني والعالمي
نشر في الشروق يوم 15 - 05 - 2010

في أواخر السنة الماضية أخبرني الشاعر الراحل جعفر ماجد بأن الملحق الثقافي للسفارة الإيرانية قد أعلمه بأننا مدعوان إلى المشاركة في مهرجان الشعر الإيراني والعالمي، ولكن المَنية عاجلت جعفر فحرمنا من صحبته إلى هناك، وقد قابلت سعادة السفير والملحق الثقافي الإيراني في أسبوع الفلم الوثائقي الإيراني بتونس فأكدا لي الدعوة، ولما حان الموعد سافرت بمفردي عبر تركيا التي استقبلني مطارها المترامي الأطراف الفسيح الأرجاء والذي بقيت فيه منتظرا وباحثا عن المسلك المفضي إلى الطائرة التي تنقلني إلى طهران عاصمة إيران ساعات عديدة، وقد حمدت الله على طولها إذ لولا ذلك لما عرفت السبيل إلى باب الطائرة، فتلوت قوله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) ووصلت إلى مطار الإمام الخميني حوالي منتصف الليل بتوقيت تونس، ولكن توقيتهم يزيد على توقيتنا ثلاث ساعات ونصفا، ومن العجيب أنهم يختلفون عن توقيت معظم بلاد العالم بنصف ساعة، وعادة ما تختلف أوقات ساعات البلدان عن بعضها بساعة أو أكثر وقد جاء هذا النصف الذي يربك أبناء بقية العالم لأسباب جغرافية يدركها علماء الفلك، وهذا ما جعلني أهتف إلى زوجتي في الساعة التاسعة صباحا بعد تناول فطور الصباح، فقالت لي: الآن الساعة الخامسة والنصف فجرا.
من حسن الحظ أو من حسن النظام أني وجدت أمام باب الخروج شخصا يحمل ورقة عليها اسمي بالحروف اللاتينية Nour Aldin Sammoud باعتبار الدال حرفا قمريا فكدت لا أعرفه، ولمّا قدمت له نفسي طلب مني الجلوس على أحد كراسي المطار مشيرا إلى أنه ينتظر ضيفا آخر قادما من الطائرة، ولما أقبل استطعنا أن نتفاهم بتلفيقات من لغات عديدة فأعلمنا بأنه قادم من الأرغواي بأمريكا الجنوبية، وهو مسافر منذ يومين ركب خلالهما الطائرات مدة أربعين ساعة، وعرفت بعد ذلك أن من بين ضيوف المهرجان شعراء من الصين بالقارة الآسيوية، فإذا نظرنا إلى مكانيْ هذين البلدين من الكرة الأرضية أدركنا أن المهرجان قد ضم شعراء جاؤوا من نصف العالم تقريبا.
افتتح المهرجان في العاصمة (طهران) وهم يكتبونها وينطقونها بتاء مكسورة، خلافا للعرب الذين يكتبونها وينطقونها بطاء مفتوحة، وقد حضر حفل الافتتاح جمع غفير من الجنسين شبابا وكهولا وشيوخا، واشتمل الحفل على عزف موسيقي رائع، وشعر ناطق بجميع لغات العالم طغت فيه اللغتان: الفارسية والإنكليزية، أو المترجم إليهما، وأثناء هذه الأمسية الشعرية الافتتاحية دخل الرئيس الإيراني الدكتور محمود أحمدي نجاد وجلس في هدوء مع الجالسين في الصف الأول يستمع إلى الشعر وينهض إثر انتهاء كل شاعر من قراءته ليصافحه ويحييه، وانتهى الحفل بإلقاء خطاب شامل مكتوب باللغة الفارسية عن الشعر والشعراء فيه كثير من الكلمات والمقاطع العربية، تخللته فقرات كثيرة مرتجلة في نفس مستوى النص المكتوب، وعند انتهائه من الخطاب صعد كثير من الحاضرين المنصة وتحلقوا حوله، وطلب مني أحد المسؤولين أن أصعد لأسلم عليه، ولما صافحته قلت له: (أنا شاعر من تونس بلد بورقيبة وزين العابدين بن علي) فقال لي: (بلغ تحياتي إلى الشعب التونسي العزيز) فها أنا قد بلغت.
أما الأمسية الشعرية الثانية فقد كانت في أصفهان في نفس مستوى الأمسية الأولى، وفي مدينة شيراز كانت الأنشطة الثقافية متنوعة وثرية جدا وكانت رحاب جامعة شيراز طيلة صباح ذلك اليوم مجالا فسيحا لإلقاء الشعر في مدرجها البديع، وكانت الليلة الشعرية الأولى بشيراز في حديقة ضريح الشاعر الفارسي الشهير حافظ الشيرازي المحاط بأنواع الزهور في الهواء الطلق، وهناك قرأت شيئا من شعري تُرجم بعضه إلى الفارسية، وفي الليلة الشعرية الثانية بشيراز أقيمت سهرة شعرية رائعة أمام ضريح سعدي الشيرازي المحاط ب(روضة الورد) أو كما وردت تسميتها في كتابه المشهور كلستان، بكاف فارسية كالجيم المصرية وأصلها كلمتان: كُلْ أي ورد، وستان أي روضة وقد قال عن ذلك الكتاب مترجمه إلى العربية محمد الفراتي:
روضةُ الورد كلستانُ وما ككلستانَ كتابٌ في العِظاتْ
فيه عن شيرازَ نفحٌ عاطرُ وشذًا من كل أزهار الحياةْ
هذه لمحة سريعة عن الجلسات الشعرية في طهران وأصفهان وشيراز ولكن المجال لا يسمح بالحديث عن جوانب أخرى مثل ذلك المركز الوحيد من نوعه في العالم والذي تسجل فيه جميع الكتب التي تصدر في جميع أنحاء العالم بكل اللغات، ويمكن الإبحار فيه عبر الإنترنات في كل مكان، كذلك تلك الساحة التي كانت تعتبر أكبر ساحة في العالم منذ قرون حتى قال عنها أحد السياح الأجانب القدماء: إنه شاهد فيها أكبر استعراض ضم نصف سكان العالم، وذلك بحيلة طريفة نرجو أن نتعرض إليها في لقاء قادم. وهذه الساحة محاطة بسور عجيب وقباب فخمة، أما الجلسات الخاصة والشخصيات الطريفة التي لا يخلو منها مؤتمر أو مهرجان والأحاديث التي تذكرني بقول المتنبي عن جيش الروم في معركته مع سيف الدولة:
تجمّع فيه كلُّ لِسنٍ وأمةٍ فما يُفهِمُ الحُدّاثَ إلا التراجمُ
وبالمناسبة فإني أرجو أن يتوفر التراجم في الدورات القادمة لهذا المهرجان الذي حقق نجاحا باهرا ولم يستغل لأغراض أخرى غير الشعر العالمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.