عن عالم الكتاب صدرت الطبعة الثانية من كتاب «في بلاد كسرى من فارس الى ايران» وعلى امتداد 15 فصلا (في 193 صفحة) أبحر بنا الكاتب والروائي والناشر عبد الواحد براهم الى ايران التي زارها سنة 1959 ودوّن عصارة ما شاهده في كتاب صدر عن الشركة التونسية للتوزيع سنة 1971... نفدت كل النسخ. وبعد 38 سنة من الزيارة الاولى الى ايران وبعد 27 سنة على قيام الثورة فكرت في اعادة طبع الكتاب «في بلاد كسرى» وأضفت اليه «من فارس الى ايران» ووضع له الدكتور اسماعيل آذر توطئة وهو الباحث الشهير والدارس لتاريخ ايران وقد تولى ترجمة هذه التوطئة الدكتور فريد ڤطاط. التوطئة تضمنت اجزاء من تاريخ ايران وجوانب من الثقافة والفن الايرانيين وكذلك اللغة الفارسية والعلوم والفنون في ايران. وقد قسم المؤلف كتابه الى 15 جزءا اهتم الجزء الاول بطهران او شهران فتعرض لطقسها وشوارعها وطريقة التدفئة وبعض الجوانب التاريخية مثل اكتسابها أهميتها سنة 1794 حين اختارها محمد قاجار مؤسس الدولة القاجارية عاصمة لدولته. كما تعرض المؤلف لتوسيع هذه المدينة عشر مرات أو أكثر وحرص أهلها على ان تكتسب طهران تاريخا مثل التركيز على بعض الاحداث (اجتماع ستالين وتشرشل وروزفلت في مؤتمرهم التاريخي سنة 1933) او محاولة اغتيال الشاه لها. أما الفصل الثاني فخصصه المؤلف للحديث عن البازار السوق العظيمة و هي عبارة فارسية تعني مجموعة من المحال التجارية المجمّعة في مكان واحد. كما تحدث المؤلف في هذا الفصل عن النقل وتكاليفه الزهيدة وعن توزيع الصحف فيها (119 صحيفة يومية في طهران وحدها). الفصل الثالث خصصه المؤلف للبهجة واللهو وحب الجمال والبذخ والمنعة عن الايرانيين فتحدث عن المشروب الرسمي الايراني الشاي والأرز والفستق وبعض الاسماك، مشيرا الى غياب الخبز كمادة أساسية. الفصل الرابع خصصه المؤلف للحديث عن الكنوز الايرانية المودعة في غرفة مصفحة بالبنك المركزي (بنك ملّي) كما يسمونه كما أشار الى الحلي والأثواب الملكية المطرزة وكنوز التاج الايراني. الفصل الخامس كان مناسبة للحديث عن «الزرخانة» (داخل الفتوة) حيث تمارس العاب القوى ذات الطابع التقليدي. الفصل السادس خصص للحديث عن «النمنمة» هذا الفن الفارسي الذي اهتم بالصورة الصغيرة والرقع الرقيقة المسماة ب«المنمنمات»، كما أسهب في الحديث عن الزرابي. الفصل السابع كان مناسبة للتطرق الى بعض الملامح الثقافية (الصحف / التعلم/ الاذاعات / الموسيقى/ السينما...) فيما خصص الفصل الثامن للحديث عن الفهلوية التي كان أهل ايران يتكلمونها والفهلوية نسبة الى «فهلة» اسم اقليم في وسط ايران. واستغل المؤلف «الفهلوية» للحديث عن اللغات التي يتكلمها الايرانيون مثل التركية والكردية والمازندية والغيلاكية... الفصل التاسع خصصه المؤلف للحديث عن التواصل الثقافي الإيراني مع الشعوب الاخرى والثقافات التي تعاقبت عليها وفارس في مدلولها تعني «رق ثقافي». وقد تعرض المؤلف للشاهنامة منصور بن الحسن الفردوسي وايضا لبعض مؤلفات الشيرازي... الفصول (العاشر والحادي عشر والثاني عشر) خصّصها لبعض المدن الايرانية: (شيراز واصفهان...). فيما أفرد الفصل الثالث عشر للحديث عن عيد الني روز والفصل الرابع عشر لعاشوراء والتصوف والتشيع. أما الفصل الخامس عشر والأخير فكان مناسبة للحديث عن السحر الفارسي الذي يحمل الكثير من اللطف والتودد. الكتاب سياحي فكري فيه تأملات وقد أفلح صاحبه في التفصيل حتى كأننا نعيش معها الاجواء الايرانية بطقسها وحدودها وثقافاتها. أين نصنف هذا الكتاب؟ في اي لون ندرجه؟ لا تهم الاشكال ولا التصنيف يكفي انه ممتع وكفى!!