تضطر عائلات بأكملها الى الاستنجاد بالأقارب والمعارف بحثا عن الهواء العليل، والأجواء الشاطئية الحالمة بعيدا عن الشمس الحارقة خاصة في الأحياء والمدن الداخلية. ويترتب عن هذه الظاهرة جملة من المواقف والمشاكل الناجمة عن استقبال عدد كبير من الضيوف الذين يتحولون بمرور الأيام إلى نقمة بسبب اختلاف العادات، والسلوكيات وكثرة المصاريف خاصة اذا كان الضيف ثقيل الظل، ولا يمد يد المساعدة لمضيفه. **الموت غرقا الشهادات والروايات كثيرة نبدأها بما جاء على لسان السيدة منيرة (ب) التي أكدت أن منزلها يتحول في فصل الصيف الى خلية نحل لا تعرف الهدوء، أطفال يركضون وكهول يلتهمون كل شيء، ويقضون الوقت في السباحة والنوم، والسهر أما عن حال زوجي المسكين فحدث ولا حرج، لقد أصيب أكثر من مرة بتوترات عصبية بسبب تعمد الضيوف اهدار الماء، والاكثار من السهر، وتعدد الطلبات المجحفة على حساب ميزانية العائلة، وكلما اقترب الصيف يقرر زوجي عدماستقبال أي كان لكنه يتراجع في آخر لحظة. وتضيف محدثتنا كاشفة جوانب طريفة لما يحدث نتيجة تهور الضيوف : «في احدى المرات كاد ابن قريبتي يموت غرقا بعد ن ملأ معدته بأصناف من المأكولات ودلف الى الشاطىء غير مكترث بالمخاطر الناجمة عن السباحة بعد اشباع البطون». أما السيد عماد س (تونس) فيرى أن هذه الظاهرة تقلصت نوعا ما خلال السنوات الأخيرة لكنها تظل مشكلة مزمنة لأنها مرتبطة بأقارب وعائلات متصاهرة من الصعب رفض استقبالها في البيت لفترة معينة قد تطول أو تقصر حسب الوضعيات. وأكد عماد أنه ينفق ضعف المصاريف العادية في فصل الصيف استجابة لرغبات ضيوفه الأفاضل الذين لا يعترفون بالجميل في كل الحالات ولا يقولون كلمة استحسان فيمن تكبد الكثير من أجلهم. **تأثيرات جانبية وتجلب ظاهرة استضافة الأقارب وحتى الأصدقاء في الصيف مشاكل أخرى منها اقامة السهرات المطولة وتغيير عادات أصحاب الدار، واحداث أعطاب، وخسائر كبيرة في المنزل بسبب سوء الاستعمال، والاهمال والتهور خاصة من قبل الأطفال الذين يجدون متعة كبيرة في التكسير وتضييع الأمتعة. وكشفت الشهادات التي جمعناها من هنا وهناك ما هو أدهى وأمر حيث يقيم بعضهم أعراسه، وأفراحه في منزل القريب المسكين بدعوى أنه أكثر اتساعا وأفضل تأثيثا والويل لمن يرفض استقبال الضيوف في بيته فقد يتحول إلى عدو وناكر للعشرة. أما الضجيج والأصوات المزعجة لشرائط الغناء، والضحكات الليلية، والسهرات المطولة فهي خبز يومي لصيف ثقيل الظل يتكبد صاحب البيت المتاخم للشاطىء الكثير من العناء والمتاعب ولسان حاله يردد «مكره أخاك لا بطل». **رأي خبراء والى جانب المصاعب التي يتكبدها مستقبلو الضيوف أثناء الصيف يعد هذا الأخير نقمة لسكان الضواحي، والمناطق القريبة من البحر، فالضجيج في كل مكان، والحافلات، والقطارات مكتظة بالمسافرين المتوجهين الى الشواطىء في أوقات مختلفة من النهار، كما يترتب عن ذلك ارتفاع في أثمان بعض المأكولات والمشروبات التي تشهد اقبالا كبيرا في فصل الصيف. ومن الطرائف التي وردت على لسان ضحايا الصيف أن احداهن وضعت مولودها الأول في الطريق بين المنزل والشاطىء بعد أن اشتد بها المخاض، وتطلب الأمر تدخل الأطباء والمسعفين بسرعة، وكشف أحدهم أن احدى قريباته ربطت علاقة عابرة مع ابنه الشاب وأصرت على الزواج منه، ولا تزال فصول المسرحية متواصلة، ويؤكد الخبراء أن هذه الظاهرة مرتبطة بالمجتمعات التقليدية التي ما زالت تؤمن بأصول الضيافة والاحتفاء بالاقارب والأهل مهما كانت التضحيات، والمطلوب هو تقنين العلاقات الاجتماعية، وعدم اقلاق راحة الغير، فالصيف ضيف، ويمكن الاستغناء عن البحر من أجل الحفاظ على علاقات سوية وهادئة مع الآخرين.