التهوّر وإهمال الأولياء وراء حوادث الغرق والموت تونس الصباح: بقدر ما يمثل الصيف مجالا للاصطياف والتمتع بمياه البحر والشواطىء والتجاء العائلات بأطفالهم الى هذا العالم المليء بالفرحة، وكذلك الشبان الذين لا يحلو لهم سوى التخييم قرب هذه الفضاءات الرحبة والمحببة الى أنفس جميع الناس، فان التعامل مع البحر والشواطىء كثيرا ما يكون خاطئا ، ومتهورا او لا يخلو من الغفلة فتكون بذلك الفواجع المؤلمة التي ينجر عنها الغرق والموت، وتتحول تلك الفرحة بالصيف والبحر والسباحة الى فاجعة أليمة، لكن عندها لا ينفع الندم . حالات الغرق والموت على الشواطىء تحصل كل صيف، وتتكرر كل سنة في مثل هذه المواعيد ... وهي ناجمة اما عن التهور ، او الغفلة عن الاطفال ، فكيف يمكن مقاومة هذه الظاهرة التي تذهب في كل سنة بارواح عديد الاطفال الصغار والشبان اليافعين ؟ وهل ان الحماية المدنية والشرطة مسؤولة وحدها عن هذه الحوداث أم ان للفرد اذا كان راشدا مسؤليته الشخصية، وللعائلات ايضا مسؤليتها الاولى في حماية اطفالها؟ ثم وباعتبار تكرر حالات الغرق والموت في كل صيف ماذا عن هذا الصيف وهو لا يزال في بداياته؟ وما هي اخطر الشواطىء في هذا المجال؟ تهور الشبان والاطفال باب لحالات الغرق البحر لا يظلم، انما السر يكمن في التعامل معه. فاذا كان الحذر سلاحنا فإن السلامة تكون طريقنا حتى وان اقمنا الايام الطوال على ضفافه، وسبحنا داخله كل يوم ولساعات طويلة. هذا ما يمكن قوله، لكن اذا تعمدنا التهور وركبنا رؤوسنا والامواج مثلما يفعله عديد الشبان فإن العاقبة كثيرا ما تكون وخيمة . فبعض هؤلاء اليافعين تراهم يتصرفون مع البحر بتهور حيث اما تجدهم يسعون الى الدخول الى الاعماق والحال انهم ليسوا من مهرة السباحين، وعندها تغلبهم الامواج ويحل بهم الاعياء ويذهب اضعفهم ضحية، ويجني ما فعلت يداه. وتكون وقتها الصيحات للنجدة فتهب الحماية والسباحون، لكن كثيرا ما يفوت الأوان ويقذف البحر هذا الطفل او الشاب أوالشابة جثة هامدة. ولعل المؤسف في مثل هذه الحالات انه كثيرا ما تكون العائلة على غير علم بتوجه ابنها الى البحر، حيث يعمد العديد من الشبان اما الى الذهاب الى الشواطىء خلسة من أهلهم، او يكونون مجموعات وعندها يكون الطيش والتنافس في السباحة وكثيرا ما تكون العواقب مؤلمة ووخيمة اخطاء فادحة في التعامل مع البحر ان التعامل مع البحر والسباحة يفترض في باب اول مهارة وحذر، وهو ايضا له قواعده، لكن كل هذا يغيب عن العديد من شبابنا ، فالكثير من الشبان تراهم يتجمعون للفطور، ويملؤون بطونهم بشتى انواع المأكولات، ثم يهرولون للارتماء في الماء والسباحة لوقت طويل، وفي هذه الحالة كثيرا ما يحصل لدى البعض منهم الوهن والاعياء ، فتخور قواهم ويكون الغرق اقرب اليهم من النجاة. وعلى الرغم من النصائح التي يقدمها الاخصائيون للمصطافين عبر وسائل الإعلام ، والاحاطة التي توجد في كل شاطىء فإن الاخطاء تتكرر وتتعدد بسبب التعنت والجهل ايضا وتكون العواقب ايضا وخيمة . غفلة الاولياء وتسيب الاطفال على الشاطئ والصورة الاكثر قتامة في حصول حالات الغرق في صفوف الاطفال الصغار هي نتيجة تصرفات غير سليمة للعائلات. فعديد هذه العائلات تنطلق الى البحر بشكل جماعى، لكن عند تخييمها على الشاطىء تطلق لنفسها العنان في الحديث والاهتمام بالاكل وغيرها من الجوانب متناسية اطفالها الذين هبوا للسباحة واللعب ، وتطول الجلسات وتنسى هذه العائلات اطفالها ، ولا تستفيق الا على صياح يملأ المكان، واذا بالغريق هو احد ابنائها. فهل يعقل ان يقع اهمال الطفال على الشاطىء بهذا النحو؟ وهل من الممكن ان تنسى أم أو أب او أخ واخت كبرى اخواتها الصغار الى درجة حصول المكروه، والحال انه لهم المسؤولية الاولى في حماية صغارهم ورعايتهم ومتابعة تحركاتهم. اننا نقول هذا بعد ان بدأنا نسجل حالات غرق في عديد الشواطىء خلال هذا الموسم ، ولعلنا نتذكر ما جد منها خلال الاسبوع الفارط بسليمان، حيث ماتت بنية صغيرة هناك، وكذلك في شاطىء رفراف حيث فجعت عائلة في ابنة ال 9 سنوات، وكذلك نفس الشيء حصل في شاطىء حلق الوادي. وهذه الحصلية من الغرقى التي اشرنا اليها ليست كاملة، بل هناك حوادث اخرى عديدة ومتنوعة بين الموت والانقاذ... لكن اذا تأملنا في حصلية عدد غرقى البحر خلال موسم الصيف الفارط، واضفنا اليهم ما تبتلعه قنوات مياه مجردة في المناطق الداخلية للبلاد فإننا نجد الحصيلة ثقيلة في كل سنة، ولا نعتقد ايضا ان هذا الموسم سيشذ عن القاعدة، بل انه وبداية من الان بدأت تسجل حالات الغرق والموت . مزيد الانتباه والحماية في كل الشواطئ ان هذه الفواجع التي تحصل في كل سنة نتيجة التهور والتعامل الخاطىء مع البحر، واهمال العائلات لابنائها الصغار هناك، تتطلب مزيد الانتباه واليقظة، وتدعو الجميع الى التحفز دوما ، وبقدر ما تبذل الحماية من جهد في هذا المجال، وتكون عينها ساهرة على المصطافين فإن الاخطاء تبقى واردة وممكنة وفي هذا المجال ندعو الى ضرورة تكثيف علامات الخطر لا على الارض وعلى رمال الشواطىء بل داخل المياه وذلك بوضع علامات واشرطة تمنع تجاوزها وتحد من التوغل داخل المياه.