ما تزال الأصداء تتواتر حول كلمة رئيس الدولة في مفتتح المجلس الوزاري أوّل أمس، وهي الكلمة الّتي جاءت على غير ما اعتاده وألفهُ الناس والمتابعون بصفة خاصة للنشاط الرئاسي والحكومي حيث فاجأ السيّد الرئيس الرأي العام وهو يُخاطب مباشرة الحكومة حاثا أعضاءها بدءا من الوزير الأوّل وصُولا إلى كتّاب الدولة والمشرفين على مكاتب الإعلام والعلاقات مع المواطنين على ضرورة الحركية والتفاعل مع تطورات المرحلة وبخاصة احتياجات وتطلعات ومشاغل الناس والإعلاميين الّذين كثيرا ما اشتكوا من غياب المعلومة أو تعطّل التفاعل الإيجابي والسريع مع عدد من المصالح الإدارية والحكومية. «الشروق» استطلعت آراء عدد من وجوه المجتمع المدني والسياسي، ورصدت هذه المتابعة وهذا التفاعل الّذي استبطن في مجمله حالة من الارتياح والاستبشار بخصوص قدرة الإطار الحكومي والإداري على حُسن التأقلم مع انتظارات الشارع التونسي ورأيه العام عبر التناغم الكلي والسريع والناجع مع المحدّدات الجوهريّة والأساسيّة الّتي ضبطها السيّد الرئيس في كلمته «التاريخيّة». متابعة: خالد الحدّاد محمّد بوشيحة (الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية): علامة أخرى على درب الإصلاح السياسي الكلمة الّتي توجّه بها رئيس الدولة إلى السادة الوزراء نعتبرها علامة أخرى على درب الإصلاح السياسي الذي ما انفك سيادته يكرسه منذ 1987 وذلك بالنظر إلى الدور الهام الذي تضطلع به الإدارة في حياة المواطن بوصفها همزة الوصل بينه وبين الدولة إن لم نقل إنها تمثل التجسيد الحقيقي للدولة. وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن هناك ثلاثة مفاهيم أساسية انبنت عليها الكلمة وتتمثل في: التأكيد على دور الإعلام والصحافة في نقل مشاغل المواطنين والتعبير عن تطلعاتهم وتقديم مقترحاتهم وهذا يعكس إيمان رئيس الدولة بحرية الإعلام ودور رجال الإعلام في تعميق الإصلاح السياسي. التأكيد على أنّ الإدارة مرفق عمومي مهمّته ودوره أن يخدم المواطن ولا بدّ له من أن ينفتح لتحقيق هذه الغاية على كل الكفاءات والإطارات وهو ما نرى فيه تصورا متحركا وحركية للإدارة يحول دونها والجمود ولا يغلّب الاعتبار السياسي في إسناد المسؤوليات والاضطلاع بأعباء إدارة شؤون المواطنين والمواطنات. إيمان رئيس الدولة العميق بأهمية الاستباق والاستشراف وتأكّد ذلك مرّة أخرى من خلال دعوته الوزراء إلى المبادرة وإلى تحمل المسؤولية بعيدا عن التخفي وراء انتظار التعليمات أو غيرها من التعلاّت التي لا تساهم في تطور المجتمع. والأكيد أن الكلمة التي توجه بها رئيس الدولة تمثل وثيقة هامة ستثير حوارا بين مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين لتقديم تصورات لمزيد تكريسها وشخصيا اعتبرها لبنة أخرى تضاف إلى أرضية التوافق الوطني التي نعمل جميعا لإثرائها والتي تربطنا بالسيد الرئيس زين العابدين بن علي والقائمة على دعم المكاسب وتحديث المجتمع وندرك في هذا الصدد محورية دور رئيس الدولة ومركزيته وهذه الكلمة في تقديري هي حافز إضافي وعامل تساؤل هام بالنسبة للمستقبل». محمّد مواعدة (المنسّق العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين): منعرج في أسلوب تسيير الحكم وإدارة السلطة «كلمة مهمّة جدّا تضمّنت خطابا هو بمثابة منعرج في أسلوب تسيير الحكم وإدارة السلطة في البلاد، ورئيس الدولة يُريد أن يكون هذا الأسلوب منهجيّا ودقيقا ممّا يمكّن السلطة من المساعدة على تحقيق الأهداف الّتي رسمها الرئيس في هذه المرحلة من حياة تونس والّتي جعلها تحت شعار «معا لرفع التحدّيات». وما قام به رئيس الدولة هو أمر نادر جدّا على الصعيد العربي والدولي إذ لم نعرف أبدا أنّ رئيس دولة يُخاطب أعضاء الحكومة بتلك الصورة ويحدّد التوجّهات وأساليب العمل بتلك الطريقة الدقيقة ويُحمّل المسؤوليّة لأصحابها سواء بالنسبة إلى تنفيذ برامج رئيس الدولة الّتي حدّدها للمرحلة المقبلة أو بالنسبة للإعلام وما قاله الرئيس مهمّ جدّا لأنّه من المعلوم أنّ الصحافيين كثيرا ما عبّروا عن انزعاجهم لعدم تواجد تفاعل بين الإدارة والسلطة، فرئيس الدولة كان حاسما في هذا الموضوع سواء بالنسبة لتقديم المعلومة أو إنارة الرأي العام أو قبول المقترحات والنقد النزيه الّذي يقدّمه الإعلام الوطني وهو أمر مهمّ جدّا لمزيد انفتاح الإعلام وتطويره وهو مطلب يكاد يكون عاما بين التونسيين في كلّ المواقع». عادل الشاوش (عضو المكتب السياسي لحركة التجديد): رسالة واضحة جدّا في ضرورة قبول الرأي الآخر وتقبّل النقد النزيه كلمة رئيس الدولة أمام أعضاء الحكومة تضمّنت بشكل صريح وعلني رسالة واضحة جدّا في ضرورة قبول الرأي الآخر والحث على انتهاج ذلك من قبل كلّ الوزارات دون استثناء إذ أصبح من غير المعقول أن تقبل بعض الوزارات تشريكنا مثلا في حين ترفض وزارات أخرى وترفض التعامل معنا ، ونحن في حركة التجديد كنا أشرنا إلى هذه المسألة عبر صحيفة «الطريق الجديد» ، ونعتبر أنّ إرادة رئيس الدولة تصبّ في اتجاه تطبيع العلاقات بين كلّ الوزارات وجميع المواطنين وكل أطياف المجتمع المدني والسياسي. نحن في تونس ضمن نظام رئاسي والفريق الحكومي مكلف بتنفيذ التوجهات الرئاسية ، والرئيس قال نقبل الرأي المخالف واطلاع الرأي العام على المعلومات الحقيقية والأرقام الصحيحة وذلك في اعتقادنا ومثلما أكّدنا ذلك مرارا يُساهم بشكل كبير في سد أبواب الإشاعة ويُغذي ثقافة القبول بالآخر والتفاعل مع النقد النزيه وتحمل كلّ أعضاء الحكومة المسؤولية في تنفيذ اختيارات رئيس الدولة ، ولا بدّ من التأكيد على أهمية أن يأخذ هذا الخطاب طريقه إلى التطبيق الفعلي. ونحن في حركة التجديد نرى أنّ دعوة رئيس الدولة الحكومة إلى قبول النقد والمقترحات مهمّ جدّا لأنّ النقد ضروري للبلاد وللحكومة وللسلطة نفسها. الأستاذ الدكتور عبد الله الأحمدي (أستاذ جامعي ومحام): خارطة لأنجع المسالك في خدمة المواطن يكتسي الخطاب الذي ألقاه الرئيس زين العابدين بن علي في افتتاح أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد التحوير الوزاري الأخير اهمية كبيرة لعدة اعتبارات منها توقيته والمناسبة التي القي فيها وخاصة المضمون اذ جاء هذا الخطاب زاخرا بجملة من الأفكار والمبادئ والقيم التي تهم الشأن العام وبالخصوص مصلحة المواطن وخدمته وهو تجسيم لبعض القيم والمبادئ التي لها مرتبة دستورية اذ أقرها الدستور بعد تنقيحه في غرة جوان 2002. فقد ألح سيادته على أن تكون الإدارة في خدمة المواطن وتمكينه من حقوقه لأن المواطنة تنطوي على القيام بالواجبات والتمتع بالحقوق ولا جدال في ان في تمكين المواطن من حقوقه هو مظهر من مظاهر دولة القانون والتي أقرها الدستور بالفصل الخامس منه وهي تعني الدولة التي تحترم هي نفسها القانون وتفرض احترامه. وألح الرئيس في خطابه على حماية حقوق المواطن والمحافظة على مصالحه. وكذلك تضمن الخطاب الاشارة الى أهمية دور الاعلام باعتباره مظهرا من مظاهر حرية التعبير والديمقراطية والتعددية في معناها الشامل وهي ايضا قيمة دستورية. وبما ان الاعلام مدعو الى نقل شواغل المواطنين فالمفروض ان تتعامل معه الإدارة تعاملا ايجابيا وتعير ما تنشره وسائل الاعلام بمختلف أنواعها الاهتمام الذي تستحقه. ومن بين ما جاء في خطاب الرئيس توضيح وتحديد صلاحيات الوزراء وكتاب الدولة والدعوة الى روح المبادرة واتخاذ القرار الملائم في كنف احترام القانون. ولا شكّ أن في ممارسة الصلاحيات تحمل المسؤوليات. وفي اعتقادنا أن هذا الخطاب هو بمثابة خارطة لأسلم وأنجع المسالك في سبيل خدمة المواطن وهو جوهر المواطنة وكنه مهمة الدولة وواجبها إزاء مواطنيها. منجي الخماسي (الأمين العام لحزب الخضر للتقدّم): وفاء لسياسة بن علي في الاستماع ل «نبض الشارع» «هذا ما تعودناه من رئيس الدولة ، السرعة في التفاعل مع حاجيات المرحلة وفهم مقتضيات الحركية الّتي تعرفها البلاد ، فبعد أن تلقّى سيادة رئيس الدولة التقارير السنوية الّتي تُغطي عدّة مناشط اجتماعية واقتصادية وسياسية وبعد أن تمّ إجراء تحوير وزاري جزئي وتثبيت الهيكلة الأخيرة للحكومة الّتي ستضطلع بأعباء تنفيذ الخطط والبرامج وميزانية الدولة وتأقلما مع طبيعة المرحلة الموصوفة بكثافة للتحديات والرهانات جاءت هذه الكلمة المنهجية الّتي أثلجت صدور الشعب التونسي لتؤكّد الوفاء لسياسة وفلسفة الحكم الّتي اعتمدها بن علي منذ صعوده إلى السلطة في 7 نوفمبر 1987 والمرتكزة على الاستماع إلى «نبض الشارع التونسي» والاستجابة لتطلعاته وانتظاراته بصدقية بالغة وحميميّة لا تُوصف. الرئيس في كلمته التصق بالشعب في أبسط همومه ولم يكن من الغريب أن يعتمد سيادته هذا السلوك الرائد والفريد والّذي هو دعامة أساسية للحكم الرشيد والناجح، لقد أكّدت السياسة التونسية مرّة أخرى أنّها قادرة على التفاعل الإيجابي لخدمة أهداف الحاضر والسعي الدؤوب لتنفيذ البرامج المستقبليّة المرسومة ، ومن المهم في هذا الباب إبراز الدقة المتناهية الّتي عالج بها الخطاب الرئاسي تفاصيل الواقع المعيش سواء بالنسبة لعلاقة الإدارة بالمواطنين أو بوسائل الإعلام أو كذلك بالمهمّات الواجب على أعضاء الحكومة ومختلف المصالح الإدارية القيام بها، هو تذكير بمبادئ وقيم وأسس يجب أن تستعيد نظارتها وإشراقها في الحياة العامة في تونس حتّى يتمّ تجنيب هذه الحياة وهذا الواقع كلّ سلبياتهما وهناتهما ونقاط ضعفهما والانطلاق بهما نحو آفاق أرحب وأوسع». منذر ثابت (الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري): منهجية واضحة للعمل الحكومي وإنارة الرأي العام تونس الشروق : مثلت الكلمة التي أدلى بها رئيس الدولة في افتتاح أشغال المجلس الوزراي يوم الجمعة 22 جانفي رسالة قوية لافتة للفريق الحكومي الجديد وللرأي العام، هذه الرسالة حددت مفهوم العمل الحكومي وأبرزت الآليات التي تحرّكه وتمثل المسؤولية العنوان الأبرز لهذه الآلية التي حرص رئيس الدولة على تنظيرها ليكون الفريق الجديد أمام خط سير واضح. ولعل أبرز المفاهيم التي تمحور حولها الخطاب الرئاسي مفهوم المسؤولية. فالفريق الحكومي يضطلع بمهام انجاز البرنامج الرئاسي وبإنجاحه وهو من هذه الزاوية مسؤول المسؤولية الكاملة على ايجاد الوسائط والوسائل العملية لتطبيق الاستراتيجية الرئاسية في اطار دينامية جماعية يقودها الوزير الاول، لقد شدد رئيس الدولة على مفهوم الانسجام داخل الفريق الحكومي فنجاعة الحكومة تضمنها دينامية المجموعة وفاعلية عناصرها. فالوزير في صلاحياته يتعدى المستوى التقني المحايث للمهام البرنامجية الى ضمان فاعلية الجهاز الاداري والمؤسسات التابعة له. في اطار تأكيده لمفهوم مسؤولية الحكومة ذكر رئيس الدولة بمبدإ أن الاعلام حرّ وأن حرية التعبير مكفولة وان تونس بلد ديمقراطي تعددي وبناءً عليه وضع رئيس الدولة القائمين على الاعلام أمام مسؤولياتهم لتحريك هذا القطاع الذي كان موضوع نقد مركز من جهات متعددة مهمة الاعلام هي تقديم صورة تونس التعددية عبر فسح المجال للمواقف والمقاربات المتنوعة للظهور والبروز. وفي ذات السياق وعلى صعيد آخر أكد الرئيس بن علي على ضرورة انفتاح الحكومة على محيطها فالوزارة لا يمكن أن تكون ناجعة الا متى كانت في حالة تفاعل دائم مع تطورات المجتمع، في هذا الاطار أكد رئيس الدولة على حيوية دور مكاتب العلاقات العامة والتقارير التي ينشرها الاعلام والمؤسسات المختصة كدائرة المحاسبات والموفق الاداري والمواطن الرقيب وفي هذا اعلان رئاسي واضح برفض منطق التمترس وراء الحواجز البيروقراطية ووضع البرامج الحكومية خارج سياق التفاعل مع تطورات الظرف ومستجداته.