علمت «الشروق» أنّ مكتب مجلس النواب اجتمع مباشرة إثر رفع جلسة الحوار الأخيرة مع وزير التنمية والتعاون الدولي وأثار مسألة تفعيل الحوار البرلماني وتجنيبه العديد من المظاهر السلبية الّتي طبعته منذ فترة سابقة ، علما وأنّ جلسة الحوار الأخيرة طالت أكثر من اللزوم (إلى حدود الرابعة بعد الظهر) وشهدت تكرارا للأسئلة وأجواء من القلق والروتينية. وقد سبق للعديد من متابعي النشاط البرلماني أن رصدوا الواقع الروتيني والممل الّذي أصبح يطبع معظم جلسات الحوار البرلماني مع الحكومة وذلك بحكم تواصل تقاليد غير مجدية في هذا الحوار وخاصة في الطريقة الّتي يتعامل بها عدد غير قليل من النواب ومنذ دورات برلمانية سابقة من حيث التكرار والمديح والإطالة وانعدام الدقّة وغياب التركيز والرغبة في مجرّد الظهور أو أخذ الكلمة. وبحسب معطيات حصلت عليها «الشروق» فإنّ إجراءات جديدة من المنتظر بدء تطبيقها خلال الجلسة المقرّرة ليوم الثلاثاء المقبل والّتي ستتضمّن حوارا مع وزير الفلاحة ، ومن أبرز الإجراءات المنتظر تنفيذها ضرورة التنظيم المسبق في خصوص التدخلات خاصة في ظل تواجد الكتل البرلمانية وإمكانيات التنسيق بين نواب كلّ حزب على حدة بشكل لا يثير التكرار مع أهمية التقيد بالوقت رغبة في استغلال الحيّز الزمني للجلسة وخاصة فترة البث التلفزي المباشر (ساعتان من 9 صباحا إلى س 11) لطرح أكثر ما يُمكن من الأسئلة من قبل النواب وتفادي الأسئلة المشوشة والمبعثرة وبحثا عن نجاعة ودقّة أكثر في إجابة أعضاء الحكومة بخصوص مختلف المسائل والمحاور المطروحة. إعداد: خالد الحدّاد عامر بن عبد الله: الحوار فرصة للنقد النزيه وتقديم المقترحات والأفكار لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الآلية الدستورية هامة جدّا وتنبع من فلسفة متكاملة لدى سيادة رئيس الدولة في دعم وتعزيز فضاءات الحوار والجدل بين مختلف مكونات المجتمع التونسي من أجل إيجاد السبل الكفيلة بتنفيذ مختلف البرامج والمخططات ومنها حاليا كأولوية مطلقة البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس والّذي ارتقى ليكون اليوم برنامجا لكامل الشعب التونسي. ولمّا يقرّ مكتب رئاسة مجلس النواب تلك الإجراءات الجديدة فمن المؤكّّد أنّ غايتها هو توفير الظروف الملائمة من أجل أن تقدّم تلك الجلسات الحوارية الأهداف والغايات المرجوّة منها ، ومن المهم أن نشير إلى نواب التجمّع الدستوري الديمقراطي لهم تقاليد كبيرة في التنظّم وتوزيع التدخلات بما عكس وعلى مدار كامل السنوات الفارطة حالة الانسجام الموجودة بينهم كممثلين عن الحزب الحاكم ، وسيعمل هؤلاء النواب إلى جانب زملائهم من سائر الأحزاب الوطنية من أجل تفعيل جلسات الحوار وتدعيمها خلال الفترة المقبلة. ولا يفوتني شخصيا التنويه بالاستجابة الّتي يلقاها المجلس بصفة مستمرة من قبل الحكومة من أجل تطارح ايّ ملف ضمن الملفات يكون موضع طلب من النواب أو موضع اهتمام ومتابعة من الشعب التونسي وعلى النواب جميعا أن يؤمنوا بفاعلية دورهم في المساهمة في تقديم المقترحات الإيجابية لأنّ سيادة الرئيس أكّد ويؤكّد باستمرار إلى الحاجة المتواصلة إلى المقترحات والأفكار والنقد النزيه الّذي من شأنه أن يخدم مستقبل البلاد ويعزّز مكاسبها. هشام الحاجي: الدقة والتركيز وإطالة البث التلفزي المباشر ما يُمكن ملاحظته أنّ الحوار مع الحكومة أصبح اليوم يحتلّ منزلة هامة بحكم دقة الظرف الاقتصادي وتواصل تداعيات الأزمة المالية ، هذا بالإضافة إلى انطلاق تنفيذ البرنامج الرئاسي للخماسية المقبلة، وأنا أرى أنّ جلسات الحوار يجب أن تكون بدقة أكبر ونجاعة وفعالية تعكس في آن اهتمام النواب واطلاعهم على ما يشغل بال المواطنين والمواطنات وحسن متابعتهم للعمل الحكومي مع أهميّة أن تجد الأسئلة أجوبة واضحة ودقيقة ممّا من شأنه أن يُنير الرأي العام حول مختلف الشواغل المطروحة. كما نأمل أن يقوم رؤساء المجموعات البرلمانية مستقبلا بدور في تنظيم وتنسيق مداخلات النواب المنتمين لنفس الحزب مع ضرورة أن يكون على علاقة متواصلة مع مكتب المجلس من أجل تحديد محاور الجلسات الحوارية ، ومن المهم كذلك أن يقع التفكير في إطالة فترة البث التلفزي المباشر لهذه الجلسات لأنّ فترة ساعتين المتّبعة حاليا لا تعكسُ حقيقة الثراء والتنوّع الموجود داخل البرلمان في ظل ما نشهده من تكرار وتعدّد للأسئلة . منجي الخماسي: لا بدّ من الابتعاد عن التكرار وسياسة الثناء والمديح لا جدال في أهمية تفعيل الحوار البرلماني مع الحكومة وضرورة إيجاد المقترحات العملية من أجل حسن استغلال هذه الآلية الدستورية بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الّتي تمرّ بها البلاد وتحقيق الأهداف المرسومة من مثل هذا الفضاء الحواري الهام بين السلطتين التشريعية والتنفيذيّة. وأنا أرى أنّ ما ذهب إليه مكتب المجلس من ضرورة بلوغ هذه الدرجة من النجاعة المرجوّة في الجلسات المقبلة أمر مهمّ جدّا ، على أنّ المشغلة في جلسات الحوار ليست في حقيقتها أزمة إدارة الجلسة بل هي مرتبطة بضرورة أن يبتعد النواب عن التكرار وعن سياسة المديح والثناء الّتي يعمدُ إليها البعض والإطالة الّتي لا فائدة ترجى منها ، كما أنّ أعضاء الحكومة عليهم الإجابة بالدقة والوضوح المطلوبين بما من شأنه أن يُفيد الحياة البرلمانية ويعمّق الحوار بين مختلف الأحزاب وممثلي الشعب مع السلطة التنفيذية. إنّ جلسات الحوار فضاء للنقد المسؤول والاستفسار المعمّق والدقيق وهي كذلك فرصة للحكومة لتوضيح خياراتها والدفاع عن خياراتها وبرامجها وإتاحة المعلومة للنواب وكذلك لوسائل الإعلام والرأي العام بصفة عامّة. وانا أعتقد أنّ الحكومة في حاجة إلى مقترحات حقيقية للتقدّم بالتنمية في البلاد وهذا ما سيدفعُ النواب مُستقبلا إلى مزيد العناية بمداخلاتهم وإثرائها وكذلك مزيد التنسيق بين نواب الحزب الواحد لتقاسم الأدوار وإضفاء النجاعة المطلوبة. روضة السايبي: جلسات منهكة...وبعض الملفات تقتضي حضور أكثر من وزير من حيث الشكل والمضمون لاحظنا أنّ جلسات الحوار جدّ منهكة للسادة الوزراء باعتبار عدد النوّاب وحجم المساءلات والمداخلات، ولأهمية هذه الجلسات من حيث توضيح السياسات الرّسميّة وتمكين النواب من صياغة مقارباتهم.لذلك يفترض توفير شروط التركيز عبر تقسيم الجلسات الحواريّة إلى حصتين، بحيث يتمكن الوزير من تركيب الإجابات واستيعاب الأسئلة والرّد عليها . تماما كما أنّ العديد من الملفّات تفترض وجود أكثر من وزير وفي هذا المعنى يمكن تجميع أكثر من ملف في جلسة حوارية واحدة لتوضيح إستراتيجية الحكومة في علاقة بالمحاور الكبرى للبرنامج الرئاسي على أنّ هذه الجلسات من المفروض أن تنظم بناء على تقدّم انجاز المخطّطات ايّ وفق رزنامة منطقيّة وأحداث بارزة مع الحرص على تنويع الملفّات لكي لا يبقى الأمر مقصورا على المجال الاقتصادي والاجتماعي فحسب. فتحي الخميري: نعم، هناك تكرار وإهدار للوقت من المهم الحديث عن ضرورة تطوير وضمان نجاعة تجربة الحوار مع الحكومة باعتبارها تجربة متميزة تضمن الحد الأقصى من الشفافية في علاقة النواب بالوزارات وفي العلاقة بين الحكومة والنواب من جهة والرأي العام الوطني من جهة أخرى سواء عبر البث المباشر للحوار أو عبر ما تنقله وسائل الإعلام.و لتفادي التكرار وإهدار الوقت لضمان غاية التجربة وجدواها اقترح التمشي التالي: إنّ البرلمان بطبعه لا يشكل منظومة موحدة بل توجد داخله هياكل تمثلها اللجان وفرق العمل لذلك يمكن ترتيب التدخلات أو على الأقل تحديد قائمة ترتب التدخلات حسب أولوية يحددها معدل تواتر تدخل النائب لأن هناك من لم يتدخل منذ انطلاق الدورة كما أنّ هناك من يتدخل بشكل متواصل في جميع المناسبات ، كما يمكن لممثلي الأحزاب سواء كتل برلمانية أو مجموعات حزبية أن تحدد مسبقا قائمة في عدد المتدخلين حسب أولوية يتم الاتفاق عليها ومجالات التدخل ، إلا أن ذلك لا يجب أن يحول دون حق كل نائب عن الشعب في التدخل والتعبير عن رأيه ومحاورة الحكومة ونقل شواغل وتساؤلات المواطنين.