«لا حول ولا قوّة الا بالله ولا راد لقضاء الله» هذا ما يجب ان نبدأ به ونحن نتحدث عن مصيبة انتقال المدرب فتحي التوكابري الى جوار ربه صباح الاثنين المنقضي بعد ان اشتدّ به المرض و«حضرت الساعة» التي لا مفرّ منها لكل البشر. خبر تناقلته الألسن كامل اليوم المذكور في كامل أنحاء ولاية باجة لنفهم ان للفقيد مكانا في كل القلوب وخاصة منها المولعة برياضة كرة القدم وهو ما يقودنا آليا الى حوصلة لا مفرّ منها لمسيرة الفقيد الرياضية. ولم نجد أفضل من السيد نور الدين بحلوس ليحدثنا عن المرحوم فتحي التوكابري فالعمّ نور الدين غادر الملاعب سنة 1969 وسلّم القميص رقم 7 آنذاك للشاب فتحي التوكابري الذي بدأ مسيرته كلاعب كرة قدم سنة 1966 بصنف الأصاغر قبل ان يرخّص له الاطباء بالانضمام الى صنف الأكابر رغم صغر سنه.. كان متوسط ميدان من الطراز الرفيع.. سنتان في الاولمبي الباجي ثم مشوار مع الاتحاد الرياضي المغربي فالملعب السوسي ثم مستقبل المرسى حيث استقر لسنوات ثم عاد الى باجة ودخل ميدان التدريب بعد رحلة الى فرنسا جنى منها شهائد في التدريب تعادل الدرجة الثانية في بلادنا. مشوار التدريب هذا بدأ بأواسط الاولمبي الباجي ثم عمل مدربا مساعدا في الأكابر مع علي السلمي ثم عاد من جديد الى تدريب الشبان وخاصة صنف الأواسط وفي موسم 2002 قاد السفينة الفنية لأكابر الاولمبي رفقة المعد البدني المعروف بوبكر الحناشي.. وفي موسم 2005 ساهم المرحوم بوضوح في عودة «اللقالق» الى صفوف النخبة بقيادة اكابر الاولمبي على امتداد مرحلة الذهاب وأنهاها متقدما على منافسيه ب 12 نقطة كاملة لم يسبق لها مثيل.. ورغم ذلك تخلّت عنه الهيئة المديرة لأسباب دُفن سرّها مع وفاة المرحوم ولا أحد الى اليوم فهم لماذا كانت تلك الاقالة. راحة خفيفة وعاد التوكابري الى التدريب وهذه المرة في الشقيقة ليبيا لموسم وحيد.. عودة جديدة الى باجة... حصتان تدريبيتان فقط كمدير فني لشبان الاولمبي وانسحاب فرضه المرض. ... مرض وفّر له المرحوم كل وسائل العلاج.. مرض لو حلّ بشخص آخر غير التوكابري لانزوى في بيته ولم يغادره أبدا.. التوكابري كان أقوى من علّته... النادي القربي يستنجد به بعد ان تعثرت النتائج وسي فتحي لا يمانع ولا يتعلل بعلّته... يتحمل المسؤولية بثقلها... انفرج كرب النادي القربي و«وقف على ساقيه» وفي المقابل سقط المنقذ طريح الفراش لسويعات كانت فيها إرادة الرحمان أقوى من كل وسائل العلاج.. لتنطفئ شمعة في عالم الرياضة دون ان يذهب ضوؤها الذي لا يزال يستنير به اكثر من نجم في الكرة صنع ربيع الاولمبي الباجي وربيع فرق أخرى وتقمّص زي المنتخب ونذكر ماهر السديري ورمزي التوجاني والحارس عادل النفزي والقائمة تطول. وقد شيعته امس باجة بدموع الحسرة الى مثواه الأخير وقد حضر رياضيون كثيرون الجنازة سواء من باجة او النادي القربي. فتحي الانسان اشتغل بالتجارة والتدريب.. له ولد وبنت هما اليوم من الشباب... معروف لدى العموم بالأنفة وقلة الكلام.. واذا تحدّث لا تكاد تسمع صوته.. يقول رأيه بكل جرأة وصراحة منتظم منضبط لا يترك الأمور للصدفة.. أصدقاؤه أغلبهم من بني جيله وما مانع يوما في مجالسة لاعبيه الذين صاروا اليوم رجالا. التوكابري على لسان الكوكي «تغمّد الله الفقيد بواسع الرحمة والغفران».. فتحي التوكابري اسم غني عن التعريف كلاعب او كمدرب كان لي شرف التدرب على يديه زادني شرفا ان عملت مساعدا له عندما درّب أكابر الاولمبي الباجي.. كفاءته لا تقبل التشكيك والنقاش ولا أدلّ على ذلك مرور أكثر من نجم في الكرة على يديه وعلى سبيل الذكر لا الحصر.. عادل النفزي ورمزي التوجاني ورضوان بوزيان ومحمد الزوابي.. «مغروم» جدّا بعمله كمدرب لا يترك شيئا للصدفة... شجاع الى أبعد الحدود وذكيّ جدّا... يفرض الانضباط حيث ما حلّ دون ان يدعو الى ذلك بالكلمة... فتكفي وقفته ونظرته ليفهم اللاعبون المطلوب منهم على الميدان.. ... وعلى لسان بالشاوش المرحوم معروف من طرف الصغير والكبير على حدّ السواء... إنسان له شخصية قوية وكرامة وعزّة نفس وخاصة صحوة الضمير.. في الكرة هو من أشجع المدربين على الإطلاق ولا أدلّ على ذلك من وقوفه بحزم على ميدان النادي القربي للتدريب وقيادة الفريق للانتصارات رغم مرضه الذي «يهدّ الجبال كما يقال».. فليله علاج ونهاره عمل جادّ ومجد.. وهذا يغني عن اي تعليق او اضافة.. لم أتدرب على يديه ولكني كنت أسعى في الأيام الأخيرة الى الاقتراب منه لانتفع منه كمدرب. رحمه الله ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان. مع بالرخيصة تشاء الأقدار ان ينتقل التوكابري الى جوار ربه في الذكرى 13 لوفاة اللاعب الهادي بالرخيصة... لنفهم ان الموت حق على الشاب والكهل والشيخ والطفل ولنفهم ان الذكرى لمن مات وقد ترك شيئا يذكر.. رحم الله أمواتنا وشفى مرضانا.. وهدى الله الأحياء منّا لفعل شيء يذكر فيجلب الرحمة من الذاكرة للمذكور.